أبحث عن موضوع

الجمعة، 17 أكتوبر 2014

استراحة بعد يوم متعب ( قصة قصيرة ) .................... بقلم الشاعر والقاص محمود قباجا /// فلسطين




كانت تختال بين أزهارها وتنتقل من زهرة لأخرى ،
وجلة الخطى ، تمشي على استحياء كطاووس ببرقع الألوان يزدهي ،
تغني للفراشات وتنثر من عبقها على مياسم الزهر ،
تسحر النجوم التي تتلألأ في سمائها ، تراقص طيفها وتنسج من الخيوط لازوردا يحمي بشرتها .
تردد تسابيح الصباح على أنغام فيروزية واليمام يرفرف بجناحيه ويهدل
ترنيمات الايمان .
تتجاذب مع النسائم وتغازلها برقة العيون .

بينما كانت في أحلامها تلمس يدها بعض الأزهار ، أقبل من بعيد عابس الوجه ومكشر عن الأنياب يهاجم بعض الشجيرات ويتسلق بعضها بخفة
وروح ثائرة ، يبحث ونظراته تتراقص يمينا وذات الشمال كأنه يريد أن يغتال طرفها الندي المحلق في سماء النضارة بنظرات ثاقبة .
لم تلتفت إليه وألقت له ببعض الورود التي قطفتها فقلبها الرحيم فيه الرفق والإحسان. استمرت في التجول في الحقول بقلب ممتلئ بالأشواق
والروح قمة العطاء ، فضالتها لم تجدها تبحث عن الهوى الذي طوت ذكراه الأيام
سهمٌ أصاب الفؤاد ، ترك جرحا غائرا في الأعماق ، وترك الدموع تنزف من مآقي العين .
استراحة بعد يوم متعب بين الحقول وتسلق الأشجار واعتلاء الصخور ، توجهت الخطى لشاطئ البحر لتغسل جسدها من الآلام والهموم فدخلت الماء بجسدها الفسفوري الطري الذي يفتق منه خيوط البنفسج التي هدتها إيّاها الشمس في لحظة وئام .
اقتربت الخطى من مكان بعيد تقبل رويدا رويدا .
مَن هناك؟
من عساه يكون؟
على عجل توجهت لترتدي القميص الوردي الذي تزركشه ألوان قزح وتتدلى منه عناقيد الأعناب والبنطال الأسود . التقطت ما قطفته من الورود، وتهيأت للقادم فما عساه يريد؟
اقترب والوسامة منه تشع بنورها ومن الوقار ما يبهر النفس ، ألقى التحية بأدب وردت عليه بتحية مماثلة ، وعيونها تراقب حركاته وخفقات قلبها تزداد شيئا فشيئا.
لقد جاء الوعد الذي رأته في الأحلام
ما عساه القلب أيخون صاحبه؟
هل هي رعشات الحب؟
لماذا تعجز عن تمالك النفس؟
استأنست به واستانس بها وبدأ الحديث ينتقل من فكرة لأخرى ومن موضوع لآخر .
والنظرات تترامى إلى كل مكان من حول كل منهما.
فكل واحد يريد أن يعلن ولاءه للآخر
ويعبّر عما يجول بخاطره.
والحنان كان سيال ينهمر يجوب شرايين القلب ويتعمق حدود الجوارح ،
تظله بمنديلها لتقيه حر الشمس وترويه من مائها لتلطف نار الجوف وهو يضعها في عيونه ويهديها أطيب الكلمات .
من الوقار كانت تهدل على جنباتها وتخفي أسرار جسدها لتكون الصورة النضرة بدون أي شائبة . وعيونه السوداء لا تجرؤ على النظر إلا إلى أماكن لا تخدش لها الحياء .

من هنا وهناك التيارات تتدافع والأرواح يحملها ملاك ، واللقاء يتجدد والهموم يتم طرحها واحده تلو أخرى والمشاعر تتطور وتنمو كنبتة في قوّارتها كل يوم تزداد خضرتها ويزداد جمالها.
تضفي من إحساسها حنانا عذبا لا تلطخه شائبة ، ترتقي في نظره يوما بعد يوم فهي نجمة في السماء . يلتقيان والموعد لا يخلفان
وكل منهما ينتظر اللقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق