أبحث عن موضوع

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

قراءة أولية في قصيدة الشاعر العراقي (علي البهادلي) ..... موسيقى الفوضى/// بقلم الكاتب مهند /// العراق




(( موسيقى الفوضى ، تتقيأ : تعاريفاً لا منطقية ،
هي أقربُ للواقعِ من أي شيء أخر !! ))
الأشجار ُ : تَملكُ أصابع َ ، مُقيدة ٌ باليباسِ ! ،
و نحنُ : نملكُ أصابعَ ، بحُريَة ٍ راقصة ! ،
مَن الأكثرُ ، فائدة َ للحياة ِ ؟ ،
أصابعُنا أم أصابعُها ؟! ،
ما نفعُ حُرية ِ أصابعنا إذاً ؟؟!!!!
إن كانت ، لا تجلبُ إلاّ : الخراب !!!! .
الفَارِزَة ُ : محطة ُ استراحة ٍ ، بين جُملة ٍ و أخرى ،
الموتُ : فارِزَة ٌ ، بين حياة ٍ و أخرى ،
إلاّ أنهُ ، فارِزَة ٌ : موجعة ! .
الحبُ : لُغزٌ مُحير ! ،
أبجديتهُ ، هيروغليفية !! .
الدموعُ : نافذَة ٌ ، يَتَنَفَسُ منها الألمُ ، اختناقه ،
النباتُ : ابتسامة ٌ خضراء ! ،
الحيوانُ : علامة ُ تعجُب ٍ حية ، تسيرُ على أربعةِ أقدام ،
الإنسانُ : بلاءُ هذهِ الأرض !! ،
الغيمُ : دمعة ُ رحمة ٍ ، لا تنشف ! ،
البحرُ : خِزانة ُ أسرار ٍ ، ابتلعت مفتاحها ،
الطبيعة ُ : أمٌ غاضبة ، من عقوقِ أولادها ،
أثارُ الخطوات ، حُمرة ُ شفاه : الدروب !! ،
الدروبُ : تَسيرُ و أنا واقفٌ ، على : بحرِ المزاج ! ،
العقلُ : غاباتُ شَكٍ ،
و خناجر أسئلة نافرة !
الجوابُ : ابنٌ بارٌ ، بأبيهِ السؤال ! ،
تُرى ، هل النهارُ : ليلٌ مُضيء ؟
أم الليلُ : نهارٌ مُظلِم ؟!!
هل النهاية ُ : بداية ٌ، لشيء ٍ قادم ؟
أم البداية ُ : نهاية ٌ ، لأمر ٍ قَد سَبقها ؟!
أين المرتكز ؟؟!!
و المنطقُ ، قَد أُصيبَ ب : الإغماء !!!!!
موسيقى الفوضى ..
قصيدة للشاعر العراقي علي البهادلي .. شاعر عاشق للسريالية والفلسفة الشعرية .. الشاعر يقدم لنا هنا في هذه القصيدة سرياليته وفلسفته التي تناقضت مع ذاته فهو متسائل متفكر في أناته وذاته باحثا عن هذا الحس الموسيقي الذي ينساب الى مسامعه من الداخل ..فوضى الموسيقى هي خلجات حسيّة كأنها تفاعلات ذرية تتجزء في داخله فالأنصات الذي يستمع له من داخله هو حسّ فوضوي غير مستقر في وجدانه يبحث عن مخرج له ليكون ذا معنى مقنع ان القصيدة روحية متزاوجة مع الواقع والطبيعة لان تأملاته ونظراته للأمور استكلبت عليه جعلته يشعر بفوضوية الأشياء .. يكمن الفصل مابين المادة الشعورية واللاشعورية والتفكير وبين ماهو قائم بين الوسائل والغايات وكذلك بين العمل الذي يشمل العملي والنظري ويسمى بالميتافيزيقي وهو الذي تؤكد عليه في نهاية المطاف وما يحصل في الحياة من علاقات مابين الروح والصورة التي تمثل التفسير القائم على النفس .. الان علينا ان نتوغل في تفاصيل النص ونقرأه .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
(( موسيقى الفوضى ، تتقيأ : تعاريفاً لا منطقية ،
هي أقربُ للواقعِ من أي شيء أخر !! ))
الأشجار ُ : تَملكُ أصابع َ ، مُقيدة ٌ باليباسِ ! ،
و نحنُ : نملكُ أصابعَ ، بحُريَة ٍ راقصة ! ،
مَن الأكثرُ ، فائدة َ للحياة ِ ؟ ،
أصابعُنا أم أصابعُها ؟! ،
ما نفعُ حُرية ِ أصابعنا إذاً ؟؟!!!!
إن كانت ، لا تجلبُ إلاّ : الخراب !!!! .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
تتشبع رغبته في إنتاج العديد من الخيارات في الأنصات للروح والتي تتناسب وتتواصل مع طريقة الصورة وكذلك الصوت الفطري بأسلوب يرسم هذه الصورة من الذات والى الذات.. وهذه حالة إنسانية لايمكن فصلها عن الطبيعة البشرية ولا عن علاقتنا الطبيعية بالحياة .. ان التأمل والتمعن في انفسنا لاحاسيسها له ابعاد ثقافية وفكرية نتيجة قراءاتنا للأدب والشعر والقصة والفنون فتتشكل لدينا حواس تتلمس هذا الواقع بطريقة فلسفية سريالية تكوين ذهني مختمر في عقولنا يبحث عن الاشياء بأدوات خاصة ليكتشفها .. روحه قابعة في فلسفة الأدب والتي تقع مابين الروح والصورة ضمن تفكيره المكون والمكنون في جوهر واحد في اتجاهاته وإرادته وآرائه ومواقفه وعالمه الخاص الواقع في ناحية المجهول قد وسعه شرحاً وتفسيراً وكذلك جادل عنه وتحدث عن طريقته في بناء مفرداته من تلقائية ومابها من مترادفات اللغة وطرح الموضوع ببيانه الساحر وأسلوبه البليغ.. المقارنات التي يرسمها لنا في هذا النص هي احتقان المعرفة التي يدركها بحسه الشعري الفلسفي فتراه يقدم لنا تسأؤل ما بين هذا وذاك محاولا انتزاع المعنى المجازي او المقتبس ليكون المعنى الحقيقي هو الواقع الذي يستحق النظر اليه وتأمله ..الحرية هي تحرر قبل ان تكون مفهوم مطلق ..انه تحليل انساني للانسان وقدرته وامكانيته في رؤية الاشياء عن قرب بدون اي مجسات اخرى لان الرؤيا هذه لا تحتاج الى ادوات بقدر ما تحتاج الى استيعاب فكر يحتضنها بقناعة ورضا كحقيقة واقعة لا كحقيقة مرجوة او متوقعة ..فاين وجه التقارب في هذه الحرية التي تخرب اكثر مما تعمر ومن هنا نعرف تماما لماذا قام الشاعر بهذه المقارنة ووجه التحديد بالضبط هو ما يريد اخذنا اليه .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
الفَارِزَة ُ : محطة ُ استراحة ٍ ، بين جُملة ٍ و أخرى ،
الموتُ : فارِزَة ٌ ، بين حياة ٍ و أخرى ،
إلاّ أنهُ ، فارِزَة ٌ : موجعة ! .
الحبُ : لُغزٌ مُحير ! ،
أبجديتهُ ، هيروغليفية !! .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
الفارزة ؟؟؟ الشاعر هنا يقدم لنا رؤية متكاملة الابعاد كرسم ثلاثي الابعاد .. فنحن نعيش واقعنا نحزن فجأة نفرح فجأة نرتاح ونتعب فجأة وبين كل فجأة واخرى فارزة ... انها رؤية رائعة وجميلة جدا انا شخصيا احببتها لانها تلامس واقعي وواقع الكثيرين انه اسلوب متمدن حضاري وعصري ان تقدم شعوراً حقيقي يلامس الواقع .. الأنسان ليس الا ارادة وأدراك .. لأن البشر عقول لها مفاتيح تتمثل بالحواس التي تعد بوابة الأدراك والفهم.. ان نظرة الشاعر للامور متكافلة مع رؤاها لكنها عاجزة مع واقعها متمردة على هذا العالم المتناقض الذي لا يوازي حقيقته مع حجم الثقافة التي يمتلكها ..كما قال سقراط (أعرف نفسك بنفسك) تلك هي اشهر العبارات للفيلسوف سقراط ومنها يتم الأستدلال على أنها الأشارة الأولى للنفس بصيغتها العلمية المقننة.. يرى سقراط أن الأنسان خليط تصنعه قدراته وملكاته الشخصية وهذه الملكات رهينة بمدى قدرته على التحليل وبناء المنطق بأعتبار أن الأنسان يمتلك عقل وهذا العقل يتسع لمديات بعيدة في التأمل والتحليل حيث يقول سقراط (الذات هي الوعي والأدراك الحسي الذي يتكون من جراء البحث وراء العلّة الأولى للأشياء والفعل الأول للوجود) اذن ماأراد قوله الشاعر هو أن الوجود الحقيقي للحياة قائم في المعرفة والتقصي.. الحب لغز ؟؟؟ لماذا .. لانه فقد حيثياته رغم وجود ورغم معايشته سواء من الشاعر او من الاخرين الجميع يقعون فيه ويعيشونه لكنه فاقد لاهدافه السامية التي تتشكل على احساسات الروح واعتناقها لمصداقيته وحقيقته ولمسها تحقيقا وليس فكراً.. لذلك هو يجده محيراً عندما يحرك كوانه واختلاج مشاعره وما يوفره من احساس مندس في روحه .. برأيي البسيط الشاعر مثالي يسعى لتكوين حسّي نقي يتناسب وقناعاته الفكرية وثقافته الفلسفية فهو غير مقتنع تماماً بواقع هذا الحب الذي يعتبره ارهاصات حسية تلامس الرغبة وليس الروح التي هي الحقيقية في ملامساتها وقناعاتها .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
الدموعُ : نافذَة ٌ ، يَتَنَفَسُ منها الألمُ ، اختناقه ،
النباتُ : ابتسامة ٌ خضراء ! ،
الحيوانُ : علامة ُ تعجُب ٍ حية ، تسيرُ على أربعةِ أقدام ،
الإنسانُ : بلاءُ هذهِ الأرض !! ،
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
العاطفة والحسّ شعور متلازم مع الفكر قد يعطيه رؤى غامضة ضبابية او رؤى واضحة شفافة ..ان محاولة تجميع المترادفات امر متعب ..فهي بحدّ ذاتها مشاغبة في التقارب مع بعضها .. يسعى الشاعر الى تفسير منطقي معقول في ارهاصاته الفكرية عندما يقارن الحسّ الذي هو شعوره مع الماديات الاخرى كالمشاعر والعواطف لقد سبق وأشرنا الى تناقضات الواقع في فكر الشاعر وكيف انه متأزم معها متمرد عليها لكونها تلامس الصورة الذهنية الحاصلة وليس الحقيقة التي يريدها او يعقلها .. تقلبات المزاج والوجدان وحتى الرغبة بالأستمرار بالعيش..ويقصد بالطبع الحالة التي يكون عليها الأنسان بعد تعرضه لسمات الطبيعة... قدرته على الأبتكار والتفاعل تدفعه لتفسير هذا الواقع ..في منظوره للأشياء كل شيئ يسير بنظام الطبيعة والحيوان الا هذا الانسان هو وحده مخالف لانظمة الطبيعة هو وحده دروبه متعرجة لا اتنتمي الى شكل هندسي مرتب كل المخلوقات تعيشه بانسيابية رائعة فلما انت يا ابن ادم تسير عكسهم مخالف لهم ؟؟؟
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
الغيمُ : دمعة ُ رحمة ٍ ، لا تنشف ! ،
البحرُ : خِزانة ُ أسرار ٍ ، ابتلعت مفتاحها ،
الطبيعة ُ : أمٌ غاضبة ، من عقوقِ أولادها ،
أثارُ الخطوات ، حُمرة ُ شفاه : الدروب !! ،
الدروبُ : تَسيرُ و أنا واقفٌ ، على : بحرِ المزاج ! ،
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
المفردات التي اعتمدها في قصيدته مجازية التعبير تعبّر عن افق يخاطب الواقع الذي يراه امامه بكل متناقضاته واختلافه ..فهذه الحياة ضاقت ذرعا باهلها .. ضجرت وسأمت منهم ومن تصرفاتهم وحالاتهم التي لا ترتقي اصلا للانسانية فهي غاضبة تكاد تنقلب عليهم او تعاقبهم لما فعلوه بها او عليها .. مكونات هذا الواقع في نظر الشاعر لا ترتقي الى مستوى القناعة لديه فهو يعاني منهم مشفق عليهم يراهم في تيه وضياع ...وهو واقف ينظر ويرى ويتأسف لهذا الحال الذي هو عبارة عن اختلاف وتخلف لا شيئ يشبهه لا صورة تصنع نفسها بقناعتها هي لا بحقيقة الاشياء التي يجب ان تكون عليها .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
العقلُ : غاباتُ شَكٍ ،
و خناجر أسئلة نافرة !
الجوابُ : ابنٌ بارٌ ، بأبيهِ السؤال ! ،
تُرى ، هل النهارُ : ليلٌ مُضيء ؟
أم الليلُ : نهارٌ مُظلِم ؟!!
هل النهاية ُ : بداية ٌ، لشيء ٍ قادم ؟
أم البداية ُ : نهاية ٌ ، لأمر ٍ قَد سَبقها ؟!
أين المرتكز ؟؟!!
و المنطقُ ، قَد أُصيبَ ب : الإغماء !!!!!
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
ان المدلول المنطقي للعقل هو الملمس المادي او القناعة المكتملة .. فلما يكون هذا الواقع بهكذا حال فالشك كالغابة التي بوصفها معنى الشتات والعشوائية .. الصورة والمظهر حقيقتان استند اليهما(ارسطو) في بناء مفهومه عن الذات فهو يقصد بالجوهر عند الأنسان هو كيفية تلقي الأشياء المحيطة من وجهة نظر عاقلة متفهمة..وهذا العقل في الحكم هو الجوهر(لأن فهم الواقع يعني ادراك المحيط والآخر والطبيعة على وفق الأدراك المنطقي للحواس وبدون ذلك فأن الجوهر لايتحقق) بمعنى أن للجوهر علاقة بالأدراك وبالتفكير وماهو خفي ..ومايعنيه بالمظهر هو الأحساس بالخارج من حيث الشكل وماله علاقة بالبنية الجسمانية للأنسان ..وماهو ظاهر ولكل مظهر جوهر من حيث الفهم عند الأنسان وبالتالي فأن جواهر الأشياء يشكل أساساً للجوهر الكلي الذي تبنى عليه علة الوجود وأسقاطاته وهذا بدوره يقودنا الى قوتين هما:
1) العقل المقابل وهو استعداد الأرادة للعقل والأدراك.
2) العقل الفاعل وهو الأدراك والعقل بالفعل أي بالممارسة السليمة لعملية الأدراك.
اذن الذات عند ارسطو ادراك لواقع من حيث مضمونه وتحويل هذا الأدراك الى تجربة من خلال الممارسات اليومية للمدركات التي تشكل العقل الفاعل الذي هو الذات الأنسانية بأبهى صورها..هكذا تتفق عقلية الشاعر مع واقعه الذي يراه ويعيشه مقارنة .. تناقضات .. اختلاف .. وأيضا الحسّ الذي يرافقه في نظرته للشيئ سواء كان واقع معارض لارادته ام موافق ..هذا النص الاخير الذي قدمه الشاعر ارهاصاته الفكرية التي لا يتقبلها واقعه الشخصي كونه يعيش فضيلة النفس وكرامة الروح واين الثرى من الثريا ؟؟ لذلك يصف المنطق اصيب بالغماء كونه عجز عن استنتاجه الذي تفرس في مداولته مع نفسه محاولا استخراج حقيقة تناسب الواقع وليس تجامله .
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
الرؤى :
ــــــــــــــــــــ
القصيدة بحد ذاتها فلسفية عميقة تحتاج الى تفرس اقوى مما قدمته انا فالشاعر يمتلك ادوات شعر اكبر من ادواتي لكني قمت بما هو متيسر لكي اعرض للقارئ صورة وحبكة هذه القصيدة التي كانت وكل ما فيها تصوير باطني ذهني يخاطب الواقع .. موسيقى الفوضى ..هلوسة وهذيان روحي فلسفي يجاري نفس الشاعر وفكره وشعوره فقد قدم لنا حبكة شعرية فلسفية استمد جذورها من رؤيته الذهنية للاشياء يريد ان يقدم للمتلقي المتذوق مسرحية كل ابطالها هم مشاعره وحواسه التي مارست كل الادوار سؤال وجواب متركبان من واقع الامر الذي فرض على الشاعر معايشته .. ختاما شكري وتقديري لأنصاتكم الجميل تحياتي وتقديري .
.
.
الكاتب مهند

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق