أبحث عن موضوع

الجمعة، 16 يوليو 2021

اَلْعَرَائِشُ ................. بقلم : العلمي الدريوش - المغرب

 ...      


قُرْطُبِيَّةُ الْعَيْنَيْنِ وَاللِّسَانْ

لَكِنَّ رُوحَهَا 

مُوغِلَةٌ أَكْثَرَ فِي الزَّمَنْ

هِيَ فِينُوسُ الْمُدَلَّلَة

بِقَدٍّهَا  الُمُتْعَبِ مِنْ سَهَرِ اللَّيَالْ

أَعْرِفُهَا كَمَا يَعْرِفُ عَازِفٌ

 أَوْتَارَ الْكَمَانْ..    

عَلَى مَقْرُبةٍ مِنَ الرِّمَالْ

فَاتِحَةً ذِرَاعَيْهَا لِلرِّيَاحْ

تَوَسَّدَتْ أَجْمَلَ التِّلَالْ 

وَغَطَّتْ فِي نَوْمِهَا المُعْتاَدِ

كُلَّمَا أَدْرَكَهَا الصَّبْاحْ.


كَانَ الْبَحْرُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْوَسَنْ

يُدَاعِبْ خِدْرَهَا

فَيَهْتَزُّ فِي الخِدْرِ كَامِلُ الْبَدَنْ.

وَمِنْ جِهَةٍ تَنْحَنِي لِلشَّمَالْ

هَبَّتْ عَلَيْهَا رِيَاحٌ

لَا تَعْرِفُ الْحَيَاءْ

فَانْكَشَفَ نِصْفُهَا 

حِينَ اَمْسَكَتِ الرِّيَاحُ أَطْرَافَ الْغِطَاءْ..

لَكِنَّ لُوكُوسَ الْعَظِيمَ 

مَدَّ ذِرَاعَيْهِ فِي حَنَانْ

وَبِغيرَةِ الْبَدَوِيِّ الَّتِي قَلَّتْ فِي الرِّجَالْ

لَفَّ خِصْرَهَا بِلِحَافٍ طِينِيٍّ  

مُوَشَّى بِقَشٍّ وَرِيشٍ 

أَتَى بِهِ مِنْ أَعَالِي الْجِبَالْ.


كَانتْ تَسْتَيْقِظُ فِي الظَّهِيرَةِ شَوْقاً لِلْمَسَاءْ؛  

عَيْنَاهَا بِالرَّذَاذِ مُبَلَّلَةْ،

وَفُسْتَانُهَا الْأَزْرَقُ الْمُحَلَّى بِالبَيَاضِ

تَفَتَّحَتْ أَزْرَارُهُ الْمُقَفَّلَةْ..

كَاَنَّهَا مُهْرَةٌ فَكَّ الْمُحِيطُ قَيْدَهَا،

مِنَ الشُرْفَةِ الْأَطْلَسِيَّةِ *

لَوَّحَتْ لِلْمَرَاكِبِ وَالنَّوَارِسِ الْمُقْبِلَة

ثُمَّ أَدَارَتْ لِلْمَوَجِ ظَهْرَهَا..

فَبُرْجُ اللَّقْلَاقِ* يَرْنُو إِلَيْهَا هَامِساً بِاللِّقَاءْ، 

يُرَتِّبُ حَفْلاً صَاخِباً

فِي لَيْلَةِ الْأََغَانِي وَالشِّعرِ الْمُجَلْجِلَةْ.. 

لِيَشْرَبَ الْعُشَّاقُ نَخْبَهَا

وَيَعْلُو نَشِيدُ عِشْقِهَا فِي السَّماءْ.

  

كُنْتُ هَائِماً أَرْجُو وَصْلَهَا 

كَجُرْحٍ هَامِسٍ فِي الصَّدَى،

تَسْحَبُنِي مِنْ شَرَايِينِي "الطُّرُقُ الْأَرْبَعَة"*

 قِيثَارَتِي الْمَجْنُونَةٌ

تَقُودُنِي فِي الزِّحَامْ

وَالذِّكْرَيَاتُ وَالصُّوَر

وَرَغْبَةٌ عَمْيَاءُ فِي البُكَاءْ..

قُلْتُ أَيْنَ اخْتَفَتْ مَعْشُوقَتِي؟!

لَا بِرْكَةَ بَطٍّ تَدُلُّنِي

وَلَا أَسَدَ يَزْأَرُ بِصَوْتِهَا فِي الرُّخَامْ !

وَقَالَ عَاشِقٌ مِثْلِي أَنَا

أَضَاعَ عُمْرَهُ فِي الذِّكْرَيَاتِ وَالْكَلَامْ:

هِيَ الْيَوْمَ تَخْجَلُ مِنْ نَفْسِهَا

وَتَبْكِي حِلْيَهَا عَلَى الدَّوَامْ.

قَدْ مَرَّ لُصُوصٌ مِنْ هُنَا 

في غَفْلةٍ مِنَ الزَّمَنْ،

وَمَرَّ تُجَّارُ النَّوَارِسِ وَالنَّفَائِسِ وَالْحَمَامْ..

فِينُوسُ اخْتَفَتْ يَا صَاحِبِي

فِي غَابِ اللَّحَى وّالْفَتَاوِي وَالظَّلَامْ.


يَا عَرَائشَ الْمَدَائِنِ الْعَتِيقَة،

يَا بِنْتَ لِيكْسُوسَ* الْمُقَتَّلَة،

عَلَى مَتْنِ لُوكُّوسَ جِئْتُ رَاكِباً

أَحْمِلُ الْعُطُورَ وَالْبُخُورَ

وَشَالاً جَبَلِيّاٌ..

أَحْمِلُ الْوُرُودَ وَالزُّهُورَ 

مِنْ حَدَائِقِ هْسْبِرِيسَ* الْمُبَجَّلَة،

وُتُفَّاحاً ذَهَبِيّاً

وَفَسَاتِينَ مِنْ دُولَابِ الْقَصْرِ* بِالشَّوْقِ مَا تَزَالُ مُسَرْبَلَة..

فَلْتُغَنِّي قِيثاَرَتِي الْمَجْنُونَةُ 

بِسَاحَةِ التَّحْرِيرِ* خَلْفَ المَدِينَةِ الْعَتِيقَة  

فَلْتُغَنِّي لَأَطْلَالِكِ

أُنْشُودَةَ عِشْقٍ مُورِيسْكِيٍّ  

يَا قبْلَةَ رُوحِي الْمُُفَضّلَة.



هوامش:

* برج االقلاق: من المآثر التاريخية بمدينة العرائش. والفضاء المجاور للبرج ساحة لاختلاء العشاق.

* الشرفة الأطلسية El balcon atlantico: اشتهرت مدينة العرائش بهذا الشارع الجميل المطل على المحيط الاطلسي وهو يشبه شرفة طبيعية خلابة . ويسميها سكان المدينة بالكو اطلنتيكو.

* ليكسوس: مدينة أثرية من أقدم مدن المغرب لم يبق منها إلا الأطلال فوق هضبة مطلة على مصب نهر لوكوس.وهي تجاور العرائش ولا يفصل بينهما سوى النهر.

* الطرق الأربعة أو ما يسمى عند العرائشيين بالإسبانية  plaza de quatro caminos أي ساحة الطرق الأربعة، كانت بموقعها المميز وجمالها تحتل مكانة خاصة في ذاكرة ونفوس الساكنة .. وامتدت إليها يد الهدم لتشوه جمالها.

*ساحة التحرير: هي أيضا  من أجمل الساحات بمدينة العرائش، وهي تقع خلف السوق الصغير وعلى مقربة من شرفة الاطلسي  وتوالى تغيير معالمها على مراحل..لكن ما طرأ عليها من تغيير محا سحرها وجاذبيتها.

*القصر: مدينة القصر الكبير المجاورة لمدينة العرائش  والتي كانت تعرف في العصور القديمة ب" قلعة  أوبيدوم نوفوم" التي شيدها الرومان ، ويمر بجانبها نهر اللوكوس الذي يصب في المحيط الاطلسي بالعرائش.


الصورة الاولى :  ساحة الطرق الاربعة Plaza de quatro caminos.

الصورة الثانية صورة من الاعلى لمدينة العرائش تتوسطها ساحة التحرير.



  




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق