أبحث عن موضوع

السبت، 12 سبتمبر 2020

ذات مساء تــصوفت ســـكنت ذاكـــرتي ................. بقلم : المفرجي الحسيني // العراق

-----------------------------------------

:حبيبتي أسهبنا في الخطأ، لا يُرسمُ الوطنُ بالطباشير على الجدرانِ ،لا يكتبُ الحبُ بأحمرِ الشفاهِ على المرآةِ ،يدٌ تُمسكُ الطباشيرَ والاخرى تمسكُ الممحاةَ ،ليسَ العشق أرجوحة يجاذبها ،ألقوي والضعيف الممكن والمستحيل ،دعينا سيدتي نتوقف لحظةٍ عن الفوضى ،نسينا لعبةَ من ألذي يمسِكُ ،نسينا إنهم سيلتهموننا كرغيفِ الخبزِ ،لم يعد متسعاً من الكذب ،لا شيءَ تحتنا غير هاويةِ الدمارِ ،لِنعترفَ أننا تحطمنا ،:لستَ حبيبي ،أنتَ مشروعَ حُبي للزمن ألقادم ،غبطتي وفرحي ،عمري الأخير ،أنتظر ذلك ،:كفاكِ كَذِبا ،حِبّي منْ شئتِ ،وحدي أعرِفُ طريقتُكِ في الحبِ ،قتلَ منْ تُحبّين ،قتلتيني لسببٍ ما ،أحببتُكِ لسببٍ أجهلهُ ،حولتُّكِ الى مدينةٍ غنّاءٍ ،حولتيني من حجارةٍ كريمةٍ الى حصا ،لا تتطاولي على حطامي ،لمْ ينتهِ زمن َ الزلزال ،ما زال في عمقِ الوطنِ ،حجارةٌ لمْ يقذفها البركان ،دعينا نتوقف لحظةً عنِ اللعبِ ،كفاكِ كَذِباً.. ،:أجلس جِواركِ ،الاماكنَ حولكِ محجوزةٍ ،مفكرتُكِ ملئ بالمواعيدِ ،امرأةٌ على شاكلةِ وطنٍ ،على أصابع الجراحِ ،أعود للوطن دون أمتعةٍ شخصيةٍ مشياً على جرحي الأخير على عجلٍ ،الذاكرة أصبحت أثقلَ حِملاً ،الكراسي الامامية محجوزة ،لأولئك الذين حجزوا كراسي الوطن أيضاً بأمر ،على كرسي الحزن نغادر الوطن ،محملين بحقائب نحشرُ فيها ما في خزائننا من عمرٍ ،وما في أدراجنا ،صورٍ، كتبٍ وهدايا لها ذكرى ،وجوهُ من أحببنا عيون من أحبونا ،رسائلُ كتبت إلينا واخرى كنّا كتبناها ،آخرُ نظرة لجارةٍ عجوزٍ قد لا نراها ،قبلةٌ على خدِ صغيرٍ يكبرُ بعدنا ،دمعةٌ لوطنٍ قد لا نعودَ اليهِ ،نحملُ الوطنٌ أثاثاً لِغربتنا ،ننسى عندما يضعنا الوطنَ عندَ بابهِ ،أنْ نسألهُ منْ سيؤثثهُ بعدنا ،عندما نعودُ بحقائبَ الحنينِ ،وحفنةِ أحلامٍ ورديةٍ ،عار انْ نشري الوطن ونبعثهُ حلماً في السوقِ السوداءِ ،بحقيبةِ يدٍ صغيرةٍ هنا في اللامكان ،نقطةٌ معلقةٌ بينَ الارضِ والسماءِ ،أجلسُ على مقعدٍ للنسيانِ ،أُحلقُ على تضاريسِ حُبكِ على ارتفاع تصعبُ معهُ الرؤيةَ ،آخرُ حماقاتَ عمري ،أهربُ من الوطنِ الى الوطنِ ،أحاول أنْ أشفي منهُ أنا ألذي ،لم أشفِ منهُ وفيهِ ،على بابِ الوطن يشرع ،القلبُ على مصراعيهِ ،من يوقفَ نزيفَ الذاكرة ،ويقدر على إغلاق كوةِ الحنين ،ويقف في وجهِ الرياحِ ،ليُرفعَ الخِمارَ عن وجهِ هذهِ البلادِ ،أنظرُ الى عينيها دون بكاءٍ ،أكاد أقعُ دهشةً وارتباكِ ،هذا هو الوطن ،كيفَ انتِ يا أمي أشرعي بابكِ ،أحضنيني ،موجعةٌ تلك الغربةُ هذهِ العودةَ ،بارد فناؤكِ وليلكِ لم يعد يذكرني ،دثرّيني يا سيدةَ الفصولِ أسكن ذاكرتي بيتي ،كيفَ ينامُ منْ وسادته ذاكرته.. غداً زفافك ،عبثاً ،أحاول أن أنسى ،أمشي في ألازقه ،يسلمني ،زقاق لآخر، ذاكرة لأخرى ،أين أنت أين تكونين في أي زقاق ،أزقة متشعبة كشرايين قلبك ،قريتي التي أغرتني بليلةِ ،حب وهمي ،قبلت صفعتها السرية ،مقابل شيء من النسيان ،أين النسيان يا قريتي ،كل زقاق يتربص حرجٌ عليكِ ،أنا بك قريتي كان موعدنا ،وصفة جربتها للشفاء ،قتلتني الوصفة ،أرى أني تجاوزت جريمة الشوق ،لم أكن في صيدلية للأرفع دعوى على بائع الوصفات ،جبلتك بروحي ،وأزنتُ مقاسك على مقاسي أنتِ مزيج من اختلافاتي ،الاتزان والجنون ،العبادة والالحاد ،عبقريتي وأخطائي ،كل من سنوات عمري ،زفافك يذكرني ،بحضورك ،بغيابك قريتي تشبهك حدِ الارتباك ،مليء يومك كيوم زفافك ،فارغا كان يومي كيوم موظف متقاعد ،نعيش متناقضين ،للفرح وأخرى للحزن ،قادتني قدماي لمقبرة القرية ،أبحث عن قبر أمي ،أدفن بجوارها امرأة أخرى قبرها بارد كقدرها ،كثير الغبار كقلبي ،تسمرت قدماي ،تجمدت الدموع خبأتها لها ،منذ سنوات البرد والخيبة ،أمي عوضتها بألف امرأة ولم أكبر ،عوضتها بألف صدر جميل ولم أرتوي ،عوضت حبها بأكثر من قصة حب ولم أشف ،كانت عطراً نادراً غير قابل للتكرار ،لوحة غير قابلة للتقليد ولا للتزوير ،لحظة خبل وجنون تصورت إنك امرأة ،طبق الاصل عن أمي ،الجبل الصوان أرحم منك ،لو بكيت أمامه لأذرف الدمع، لو توسدت أحجاره الباردة لأرتفع من شقوقه ما يكفي من الدفء لمواساتي ،لو ناديت جبل التوباذ :أمي ،لأجابني مفجوعاً ماذا ألّم بك ،خفت على تراب أمي من العذاب ،حياتها مواسم الفواجع ،أخاف عليها بعد موتها من الالام ،أحاول كلما زرت قبرها ،أخفي الدموع وأكبت النواح ،ماذا لو كان للموتى عيون ،لو كانت المقابر لا تنام ،لم أذرف الدمع وقتها للبكاء ،نبكي فيما بعد ،مررت يدي على شاهد القبر الرخام ،أنزع عنه غبار الايام ،أعتذر له عن الاهمال ،ألقيت بخطاي خارج مدينة التراب والرخام ،نحاول أن نصدق الاكاذيب ،عندما تهطل الامطار داخلنا ،من يجلو دمع السماء ،نخب الذاكرة كأسي الملآى بك ،يا محترفة النسيان ،نخب شفتيك وعينيك خُلقت للكذب ،نخب زفافك جاهز للبكاء ،نخب عيناي عاجزة عن الدموع ،تُحلّين دمي تخونّين ،أطلقتِ رصاصة الغدر ، خمرٌ فرحي وحزني ،كأسي الاخير أدلقه بجوفي ،لأرتكب الجنون الاخير ،ــ لا خمر بعد اليوم ،متِّ أُشيعك على طريقتي لو تفهمين.. ليستْ لِعرسكِ بدلتي السوداء ،أحببتكِ ،تصوفتُ يومها ،أصبحتِ وكنتِ ،مذهبي وطريقتي ،لونُ صمتي الأسود ،يضعُ الحاجز بيني وبين الأخرين ذبابٌ يحطُّ على مائدةِ الجرحِ ،أُواجهُ بصمتٍ ،ثوبَ عرسكِ الأبيض للحُزنِ أناقةٍ ،وضعتُ قناع ،الفرحِ على وجهي ،يمتلئ البيتَ بالزغاريدِ صدري بدخانِ السجائرِ ،أحرقتها ،تُحرقني ،يمتلئ ،قلبي حُزناً ،أتصنعُ الابتسامات الكاذبةَ ،أضحكُ ،أجالسَ الآخرينَ ،أتحدثُ ،أدري ولا أدري كي لا أفاجئكِ داخلي ،أبتسمُ للرجلِ ،مجاملةً على عجلٍ ،ينفردُ بكِ في آخر الليل ،عيناك بعيدتان ،تفصلني دموعي ،وحشرِ الحضور ،مذهولٌ ،يتقدم الليل ،يتقدم حزني ،يزيدون في الطربِ ،مررتِ بي ،مشيتِ على جسدي دقات كعبيكِ ،داخلي يعبرني ،مطرقةُ حداّد ،يوقظُ الذاكرةَ ،قريتي قفي دعيني أحلم ،توقف الزمن لي أنتِ بدون عرسٍ ،أحبها ،ما زلت أحبها هي لي ،لا تطرقي الباب ،بوجعٍ ،كل هذا الطرقِ ،لم أعد هنا ،لا تعودي ،لا تحاولي ،من الأبواب الخلفيةَ ،أو من كِواّةِ الذاكرةِ ،وثنايا ،أحلامي المطويةَ ومن الشبابيك ،التي أشرعتها العواصف ،غادرتُ ،ذاكرتي لم تكن تلكَ الذاكرةَ لي ،ذاكرةٌ مشتركةٌ ،أتقاسمها معكِ ،لم يعد لي باب ،لقد تخلت عني الجدران ،إنهار السقف ،أحاول أن أهربَ ،أشيائي المبعثرةَ بعدكِ ،لا تبحثي عن نافذةٍ ،تدخلين منها كسارقةِ ،لقد سرقتِ كل شيءٍ ،لم يعد ما يستحق المغامرةَ ،هاتفكِ يرّنُ ،في كهوفِ الذاكرةِ الفارغةَ ،يأتي الصدى

موجعاً مخيفاً ،أسكنُ الوادي ،بعدكِ كما يسكنُ الحصى ،وادي الرمال

تمهلي سيدتي ،إنْ زلّتْ قدمٍ سترميني بسيلٍ ،من الحجارةِ وأي سهوٍ سيرميكِ ،متعبٌ ،كقناطرِ قريتي ،معلقٌ من طرفينِ ،لا أسكن هنا هي التي تسكنني ،لا تبحثي فوقَ القناطرِ ،هي التي لم تحملني ،أنا حملتها ،لا شيء ورائي ،سوى القريةَ لا شيء ،أمامي سوى الغربةَ ،لا شيء بينهما سواي

أخسرُكِ ،أكسبُ ذاكرتي ،أخسرُ ،ابتسامتُكِ ،ضِحكتُكِ الرائعةَ من أجلِ

ابتسامة ثغرُكِ ألباسمِ ،ألِّحُ في حُبكِ ،في عِشقكِ ،أنتشي ،تملئُني البهجةَ بوصفكِ ،أكثرُ من عناقي لكِ ،تدمعُ عيناي ،حين أفتقدُكِ ،أرغبُ بكِ ،أفتشُ في كل ألازقه ،وزوايا الشوارعِ ،أحزنُ ،أكتئبُ ،يمرُ الليل والنهار سراعاً

من دونِ أنْ أهمسَ في أذنيكِ ،ألتقيكِ ،بشهقةِ قلبي ،ودمعة عيني ،حُبكِ كلّي

لا تفارقيني ننتشي معاً..




العراق/بغداد

5/9/2020


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق