أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 26 مارس 2019

فرط الكلام _ ق.ق ............................... بقلم : ابراهيم حفني _ مصر



(1) .... (أقوال حول المعلم) ... ...في عام 1963 ..وفي المرحلة الثانوية ..كان معلم اللغةالعربية قد تم نقله برغبته إلى بلدته ..ليأتي معلم آخر بدلا منه ...ولم نكن ندري نحن التلاميذ بأمر حضوره ..وكانت الحصة القادمة لغة عربية ..واعتقدنا أننا سنلهو خلالها لعدم وجود المعلم ..... ....وماهي إلا لحظات ..حتى كان السيد ناظر المدرسة واقفا بباب الفصل ..ومعه رجل نراه للمرة الأولي ...المفاجأة أدهشتنا ؛ فقد كنا نمني أنفسنا بفترة لهو ومرح خلال الحصة .....قمنا لتحية الناظر ومرافقه ...قدَّم الناظر :الأستاذ حامد السعدني ..مدرس أول اللغة العربية لنا ..وتمنى التوفيق للجميع ....وخرج ..... ....ما إن ذهب الناظر ..وخلت حجرة الدراسة لنا والمعلم ...حتي تبادلنا نحن التلاميذ نظرات الحسرة علي فقد فرصة اللهو ...وصارت أقدامنا تصدر ضجيجا تعبيرا عن الاحتجاج .... ...وقف الأستاذ خلف الكرسيِّ ، واضعا يديه علي مُتَّكَئه ..وعيناه ترقبان موقف التلاميذ ....لاشكَّ أنه يعي جيدا ما يحدث ...ومرت الثواني و.....حتى هدأت (حركات) الصِّبْيةِ تماما ..ولا صوتَ إلا للأنفاس داخلَ الحجرة ...هنا اعتدل الأستاذ وابتسامة الرضا زيَّنَتْ وجهَه ثم قال: حامد السعدني ..جئتُ لندرسَ معا منهج اللغة العربية ..وأرجو التوفيق للجميع ...فقط علينا أن نتعايش معا بروح الأسرة . ....التقط الأستاذ (الطبشورة) والتفت إلى السبورة ...فتسابق بعضنا لمحو المكتوب عليها فسبقتُهم وعدت أدراجي وجلست ..وقد شكر لي الأستاذ ما فعلت ...كتب على السبورة ( ياللي كعابِك فوق قبقابك ورد في مَيَّه) ...ثم نظر إلينا قبل أن ينطلق لسانه بكلمة ....حتما كان ينظر إلي تفاعل الوجوه بما كتبه ...ثم قال: هل سمع أحدكم هذه الأغنية ؟ (هي أغنية للفنان الشعبي عبد العزيز محمود ) ..فقال بعضنا نعم ....فاستطرد الأستاذ(المعلم) ..هي مكتوبة باللهجة العامة لسرعة انتشارها ...ولكن أريد من يكتبها كما فهمها باللغة العربية الفصحى ...فانبرى أحدُنا قائلا : ينادي التي كعابها وهي في القبقاب مثل الورد الموضوع في مياه ...وقال آخر : يا من تشبه قدمها وهي في قبقابها الوردة الموضوعة في ماء ..وتحدث آخرون ولم يختلفوا مع سابقيهم في الرأي ..مع الفروق الفردية لحسن الاستشعار والتذوق اللغوي ..كنت أري السعادة والرِّضا والتعامل الرَّزينَ تسيطر علي الأستاذ المعلم ذي العقْلِ الراجح ..والقد النحيل ..... .....قال المعلم :أحسنتم أبنائي أكثر مما توقعت ...إذن الغرض هو تشبيه شيء بشيء آخر ...لتقريب الصورة وإيضاح المُراد ...

..ثم كتب علي السبورة (التشبيه ) ...وأخذ يشرح الدرس بعيدا عن التلقين ..بل بإشراك الطلاب في استنتاج المعلومة ....وما أن انتهت الحصة ..إلا ونحن ملتفون حول الأستاذ معتذرين عما بدر منا بالاحتجاج الصامت ...وابتسم لنا قائلا :وأنا أحبكم ياأبنائي .............. ...هذا المعلم كان المثل الأعلي لي ...وكان يقول لي : دَعْ اللغةَتحبك ....وكان يقول : اجعل اللغةَهوايتَك ........وأنا أقول : فعلتُ وسأفعل إن شاء الله ..ياسيدي وأستاذي ومعلمي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق