أبحث عن موضوع

الخميس، 4 مايو 2017

قراءة في ديوان الشاعر مصطفى الشيخ ( متحف سولي ) .............. تقديم : د. عمار أحمد ( ع. المَرواتي)




لم تكن مهمتي في تقديم مجموعة الشاعر مصطفى الشيخ سهلة أبدا، وذلك يعود إلى أسباب عديدة أهمها: أني لم أقدم أحدا من قبل، ولم يكن يخطر ببالي أن يطلب مني أحد ذلك؛ لأني لست معنيا بالنقد الشعري كما يعنى به من انقطعوا لنقده، والسبب الثاني هم أن مصطفى الشيخ صديقي، و هذا ما جعلني أخشى الوقوع في مطب النقد الـ (التجاملي) هكذا أسمي نقد الاصدقاء بعضهم لبعض، وكلنا نعرف أي تزوير للمشهد في مثل هذه المجاملات، أما السبب الثالث فهو أن مصطفى الشيخ اختار فضاء شعريا حرص فيه على أن ينأى بنفسه عن التشابه و التكرار. إن مصطفى الشيخ في متحفه هذا ( متحف سولي ) يعيش تجربة تقوم على مبدأ التوليد فالفكرة تطرح نفسها ثم تنجب فكرة تتفاعل مع سابقتها، لتنتج أخرى، هي إذن جدلية الذات الشاعرة الوثابة التي ظلت تروم الوصول إلى الأعلى والأوسع. مصطفى الشيخ يتحرك بحرية في هذه المجموعة حرية المتضاد مع نفسه، يصرخ ويهمس، يرتفع إلى أعالي الصورة وهو يغوص في الوقت نفسه في أعماق الفكرة، يخرج من الإطار العام للكتابة الشعرية داخلا في الشعور الإنساني العميق الدائب الصيرورة. يغضب، يفرح يبكي يضحك، فيكاد يعطى المشهد الشعري الخاص به اكتماله. في هذه المجموعة كان الشيخ مسكونا في تشظية الفكرة الشعرية تلك اللحظة التي يسميها الفيلسوف العربي ( د. زكي نجيب محمود) اللحظة المسحورة يلتقطها لينثر أجزاءها بجمالية الشاعر الذي اختمرت تجربته صياغة ورؤية, فقد تعددت زوايا نظره، إلى المحمولات الإنسانية، فحين ينظر من جوهر الحالة و حينا من جانبها، و أحيانا كثيرة من داخله هو، هادفا لسحبها إلى فضاء تكوينه الثقافي و النفسي والاجتماعي و الفكري. أحسب أن معرفة مصطى الشيخ بأكثر من لغة( الكردية، العربية الإنكليزية) قد أسهمت في إنضاج تجربته؛ لأنه استطاع أن يغني موهبته بروافد عديدة، فالاطلاع على التجارب الأدبية العالمية، بلغاتها له أثره البالغ، ولا سيما إذا كان الشاعر ( او الأديب .. الفنان على نحو عام ) ذا موهبة عالية، و حساسية فنية طيبة. ربما يرى القارئ ما رأيت من حيث الاعتناء بالموسيقا الداخلية في هذه النصوص الشعرية، إن ذائقة مصطفى الشيخ الموسيقية العامة قد أسهمت إسهامها الكبير في إغناء نصوصه بإيقاعاتها و موسيقا حروفها. أحسب أن قراء مصطفى سيرصدون رغبته العارمة بالإدهاش، و الاعتماد على المعادلات الموضوعية غير التقليدية، و هل يكون الشعر شعرا إذا ما غابت عنه هذه البنية؟! و لعبة الإدهاش ( الفانتازيا) ربما تتحول إلى مطب يسقط فيه الشاعر سقوطا على الرأس. إنها السهل الممتنع الخطير. هازئا ينظر إلى العالم – عالمنا هذا – المكتظ بالضغائن والمفاسد بالمطبات و المكائد، هازئا يضحك بوجهه و يبكي بكاء مرا بقلبه، يترنح من فداحة المصائب، فيحول ترنحه إلى رقص سكران / صوفي راغب بكل روح الشاعر و صدق المشاعر في الانفلات من ضيق زاوية إلى شساعة فضاء . إن الشعر في مهمته الكبرى هو إعادة التوازن لعالم مختل، والحل لمشكلاته، و استشراف ما لا يراه الإنسان العادي، لذلك فإن على عاتق الشاعر ثقلا لا يطاق، يراوغه بالتمرد، و الانفلات، و الثورة، و الحرص على إيجاد ملاذ منه، و أرى أن مصطفى الشيخ كان كذلك بمهارة عاشق حرف، و صائغ نزف . ظل يناور على المأساة، و يحاور على أمل الوصول إلى النجاة هي مهمة الشاعر اليوم، و لكم أن تقرروا بعد قراءة المجموعة و ما سبقها من مجاميع ، أن تقرروا هل نجح الشيخ مصطفى في مهمته الشاقة و الشائقة؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق