أبحث عن موضوع

الجمعة، 9 يناير 2015

(الرموز والتناظر الفعلي مع حركة الحياة ) قراءة نقدية لمجموعة ( رسائل حنين ) للشاعر حسن الحجازي ........... بقلم الناقد : عباس باني المالكي /// العراق


عندما يستطيع النص أن يختزل الكثير من محاور اللغة ويبقى المعنى في عمق مسالك هذه اللغة , يكون هذا النص محمل بالكثير من الأنزياح الذي يؤدي إلى تركيب الصورة الشعرية بزخم كبير بحيث يشعر المتلقي بعمق لحظة انتماء الشاعر الى القضية أو الفكرة التي تكون هي المحور في أحاسيس الداخلية لهذا الشاعر حيث يبنى الجملة الشعرية وفق تقارب اللغة من ملامسة هذه الأحاسيس , لهذا يمتد المعنى في عمق المدراك الشعرية التصورية ,ما جعل الصور الشعرية مشعة بأطياف الصورة المتكاملة بشكل يعطي إلى خيال المتلقي مساحات واسعة من التأويل لأن الرؤيا هي من كونت المحورالدلالي , بقت في عمق مسالك للغة لأن الدلالة ترادفت مع الاستعارة الذهنية لمدرك الحسي في تكوين الصورة الشعرية .. وقد أستطاع الشاعر ( حسن الحجازي ) بمجموعته (رسائل حنين ) أن يحقق التوازن النفسي اللغوي وفق صيغة الأمتداد الزمني في تاريخ القضية المعبر عنها وخصوصا حين يكون الوطن هو مركز البؤرة في نقل مشهدية التصوري الواقعي لهذا لقضية (الوطن ) وهذا ما جعل أن يبقى الأنزياح ثابت الاستعارة مع البقاء على حركة الصورة الشعرية المتنقلة ما يجعل الصورة الشعرية مركبة على قدر المشاعر النفسية داخل النص أي أن بؤرة النص بقت تشع وفق تنسق شتات الرؤى وبإيقاع لغوي تصويري ...
نص ورق ص 5
(ونظلُ نكتبُ ونكتبُ /لا ندري هل حقاً /نحنُ الذينَ نكتبُ ؟ /أم يكتبنا الورقْ ؟!)
حين تصبح القضية مجرد كتابة على الورق بعيدا عن أحداث التغير في الوقع يخرج الواقع الحتمي للتغير عن إداة التعبير في القضية التي يريد الشعب أن يحققها لأن ليس دائما الكتابة حالة شرطية للتغير بل هو الأهم من كل هذا هو أمتلاك الشعب الأداة التي توصله الى تحقيق ما يريد أن يصل به الى واقع يحقق من خلاله كل طموحاته في الحياة أي أن الكتابة ليس دائما أنعكاس لوصول الشعب الى مبتغاه في الحياة لهذا تضيع الدروب في حلم الشعب ويصبح الوراق هاجس وروقي متبعثر بين طيات الأورق لأن الوصول الى غايات الشعب هو الفعل الجوهري بمقاربة الحلم مع الواقع والأرتكاز هنا فقدان قيمة الكتابة إذا لم تمثل طموحات الشعب في الواقع الحقيقي والمتناظر ما يخطط له في الكتابة ,و صحيح أن ثورات الشعوب تحدد من خلال ما يكتب من أهداف لهذه الثورات لكنها تبقى مجرد مسلمات ورقية لا أهمية لها إذا بقيت فقط على الورق دون العمل من أجل تحقيقها والشاعر هنا أستطاع أن يحدد ثوابت الفرق بين أمال الشعوب على الورق وبين ما يتحقق منها على الواقع (نحنُ الذينَ نكتبُ ؟ /أم يكتبنا الورقْ ؟!)أي أن الكتابة التي لا فعل لها تبقى مجرد ورق .

نص الشعب يريد ص 42
(صرنا نغتال الأحلامْ /نترحم على لحظة أمنٍ /عشناها /في زمنِ القهرْ /صرنا نترحمْ /على لحظةِ صدقٍ /موءودة في رحمِ الأيامْ /حتى لو كانت وهماً /لنجني ثمرةَََ حلمٍ /في وعدٍ منسوجٍ /بخيوط ِ الدمْ /في عهودِ من ظلامْ /من أنينْ /أفقْ يا شعبْ /فالحلم ُ يضيعُ /بينَ اليسار ِ /وبينَ اليمينْ /بينَ تجارِ العولمة /وانصارِ
الدينْ ! )
عندما تضيع المسافة المقترنه بين الدالة ومدلوها تختلط الأشياء مع بعضها وتتحول الى فوضى وينحرف التوجه الذي أوجد من أجلها المعنى الذي يريد له الوصول بهذا المدلول الى دالته ونجد هنا أن طريق الثورة التي قام بها الشعب من أجل أحداث التغير الذي يلبي طموحاته في الحياة ويحقق كل ما يحلم به من المساوات والعدل الحقيقي لكل أحلامه وأماله , نجد هنا أنحراف كل شيء عن مساره المراد له أن يتحقق وتصبح القوى التي شاركت بالثورة أنحرفت عن طموحات الشعب ولا تريد أن تحقق إلا ما هي تسعى حتى لو كان هذا السعي خارج آمال الشعب الذي حقق الثورة وأنتصر لها حيث يعود كل شيء عكس كل هذه الآمال والأحلام ويصبح الترحم والتمني على الزمن ما قبل الثورة هو ما يتمناه رغم الظلام القهر الموجود به في الزمن الذي سبق الثورة((صرنا نغتال الأحلامْ /نترحم على لحظة أمنٍ /عشناها /في زمنِ القهرْ /صرنا نترحمْ /على لحظةِ صدقٍ /موءودة في رحمِ الأيامْ /حتى لو كانت وهماً /لنجني ثمرةَ حلمٍ ) أي أن الثورة لم تعد حقيقية بل ثورة أنحرفت بأتجاه القوى التي لا تفكر إلا بنفسها وأنحرافاتها ولهذا يضيع كل شيء من الأحلام الأماني ما بين تلك القوى مابين اليمين واليسار وأصبحوا هولاء مجرد تجار لمسميات هم أرادوها لهم وحدهم وكأنهم مصير الثورة وأرادتها وقد أتخذوا من الدين مجرد شعارات لا علاقة لها بالدين الحقيقي بل هو ستار يتخفون تحته من أجل تحقيق ما يريدون (في وعدٍ منسوجٍ /بخيوط ِ الدمْ /في عهودِ من ظلامْ /من أنينْ /أفقْ يا شعبْ /فالحلم ُ يضيعُ /بينَ اليسار ِ /وبينَ اليمينْ /بينَ تجارِ العولمة /وانصارِ الدينْ ! )وهذا ما نجده في ما حدث من التغيرات تحت مسمى الربيع العربي , والشاعر أستطاع هنا أن يعبر بطريقة توحي بضياع أحلام الشعب حين يكون القادة لأي ثورة لا يمثلون الجوهر الحقيقي للشعوب ولا يسعون تحقيقي طموعات هذه الشعوب بقدر ما يسعون ليحققوا ما يسعون له وحدهم تحت أي ستار يتخفون تحته ...
نص رسالة .... إلى الحاكم بأمر الله ! ص 45
(/كلما عَلَت بيننا الأسوارْ /وضاعت لغة ُ /التسامحِ والحوارْ , /اعلم أنَ مصرَ /تنزوي /وجبينها الحرُ /ينحني /ومن صنوفِ الذلِ /ترتوي /ورصيدكَ من الحبِ /ينثنى /وتغربُ عنها / شمسُ النهارْ ! )
ويستمر الشاعر بالتعبير عن ما حدث من ثورة في مصر من أجل تصحيح الأوضاع فيها لكي يصل الشعب المصري الى ما يريده وما ينشده من حياة كريمة بعيدا عن الأستبداد والظلم , لهذا لا تخضع أو تنزوي مصر الحرة الى من يريد أن يبعدها عن رسالتها الحقيقة في الحياة ,لأنها تعرف شمس النهار ولا يمكن أن تغرب عنها هذه الشمس مهما صنعوا حولها أسوار من أجل أن يخنقوا حريتها يبقى الأمل في حب الحياة والتغير من أجل غد أفضل , فحكم الله لا يأتي إلا من أجل الشعب وليس من أجل الحاكم .
نص المحروسة ... وقميصُ "عثمان "! ص58
(بينَ قميصينِ حائرة , /بينَ عهدين ناظرة , /تتعثر خطاها /بينَ الوعدِ والوعيدْ /الأول : ( لعثمانْ ) /والثاني : ( ليوسف ) الصِديقْ . /قميصٌ : /يزرعُ الفتنة /ويسدُ أبوابَ الأملْ /وينأى بها وأحلامها /بعيداً .. بعيداً .. عن الطريقْ /وقميصٌ تنتظرُ بهِ حبيبَها : /" يوسُفها " /لينتشلَ الأملْ /يروى السنينَِ العِجاف /يُمسكُ بالمجدافْ /يأخذ ُ الدَفة نحو الغدْ /نحو الشط ْ /وينجو بالغريقْ /يعيدُ لعينيها الحياة /و طوقَ النجاة /لينتشلَ من اليَمِ /ألفَ غريقٍٍ وغريقْ/ضاعَ منهم الأملُ /وغابَ عنهم الدليلُ /في سوادِ الليل /فتاهت معالمُ الطريقْ )
الذي يميز نصوص الشاعر حسن الحجازي هو أستحضار الماضي من التاريخ لكي يفك رموز الحاضر ضمن نسق المقاربات المعنوية ما بين الحاضر والماضي , ويشعر المتلقي أن الشاعر يؤكد على حالة أن الحاضر ما هو إلا متداد حتمي للماضي وأن حركة الحياة في تاريخ أي شعب من الشعوب ما هي إلا أنعكاس لهذا التاريخ وهنا قد جاء بهذه الرموز (قميص عثمان )و(قصة يوسف ) لكي يمسك التبرير الذي يحدث في الحاضر محاولة منه من أجل رصد حركت هولاء الذين يجدون التبرير لأفعالهم من خلال تداخل المقاربة بين هذه الرموز التاريخية والدينية وقد أستحضرها الشاعر لبين حجم الوعي التاريخي والديني للشعب وأن كل هذه التبريرات لا يمكن أن تمر دون أن يكتشفها ويحددها لأن هذه الشعب هو صاحب التاريخ وصانعه ولايمكن أن يسرقوه منه مهما حاولوا أن يلونوا أفعالهم بهذه التبريرات لهذا تبقى مكشوفة و فاضحة لكل أعمالهم التي لا تتطابق مع طموحات هذا الشعب وآماله في الحياة لأن أصلا أن هذه الرموز هي تاريخ الشعب نفسه فكيف تمر عليه وهو واعيها ومحدد لها ((بينَ قميصينِ حائرة , /بينَ عهدين ناظرة , /تتعثر خطاها /بينَ الوعدِ والوعيدْ /الأول : ( لعثمانْ ) /والثاني : ( ليوسف ) الصِديقْ . /قميصٌ : /يزرعُ الفتنة ) وأستطاع الشاعر أن يحدد الرموز ماذا تعني في تاريخ الشعب لكي لا تمر الفتنة التي يريدون أن يخلقوها بين هذا الشعب , لأنهم قد أنحرفوا عن الطريق الذي يريد أن يصل إليه الشعب في الحياة فلا تبرير أمام هذه الأنحرافات عن الطريق الذي يسلكون لأن الحياة يجب أن تستمر خارجهم وكما يريده هذا الشعب وما يسعى إليه (ويسدُ أبوابَ الأملْ /وينأى بها وأحلامها /بعيداً .. بعيداً .. عن الطريقْ /وقميصٌ تنتظرُ بهِ حبيبَها : /" يوسُفها " /لينتشلَ الأملْ /يروى السنينَِ العِجاف /يُمسكُ بالمجدافْ /يأخذ ُ الدَفة نحو الغدْ /نحو الشط ْ /وينجو بالغريقْ /يعيدُ لعينيها الحياة ) وهذا الوعي هو من يمنع الشعب بالوقوع في الفتنة التي يريدها هولاء المتلبسون بهذه الرموز التي هي لا تؤدي الى تبرير الأنحراف الذي يسلكون, لهذا سيكون الغد هو للشعب لا ضده وسوف تعود الحياة كما يريدها لا كما هو يريدون (و طوقَ النجاة /لينتشلَ من اليَمِ /ألفَ غريقٍٍ وغريقْ/ضاعَ منهم الأملُ /وغابَ عنهم الدليلُ /في سوادِ الليل /فتاهت معالمُ الطريقْ ) فلن ينفعهم طوق النجاة حيث يحاسبهم الشعب بسبب خداعهم وكذبهم عليه لأنهم أصبحوا مكشوفين لهم ولم تعد كل هذه التبريرات أنقاذ لهم لأنهم فقدوا معالم الطريق الحقيقي الذي يجب أن يسلكوه من أجل تحقيق ما تريده شعوبهم لا ما يريدون هم , وبعدها لن يأخذوا دفة الغد بل الغد هو للشعب لأنهم ما هم إلا سواد الليل لهذا سيغرقون بأفعالهم هذه بعيدا عن غد هذه الشعب ....
نص عبور ..نحو الغد ص80
(وعُدْ من حيثُ أتيتْ /لكهفكَ المعزولْ /ووعدِكَ المأمولْ /فقد ولى عصرُ العبيدْ قد /مصرُ الأنَ تنهضْ /مصرُ الآنَ تُبعَثُ /وحقِ الله /تُولَدُ من جديدْ !! )
وبعد أن حدد الشاعر الأنحراف عن طريق الشعب والتبريرات التي يريدون هولاء أن يبررها وقد أصبحت مكشوفة لهذا سوف تحدث الثورة من جديد لتعيد الحياة التي يريد أن يحققها الشعب لأن لم تعد هذه الأعمال تمر أمام شعب يعرف أين تكمن حريته ومصيره , وسوف تعود مصر تنهض وتولد من جديد لأن عصر العبيد قد ولى والآن الشعب هو من يمتلك أرادته وحريته (مصرُ الأنَ تنهضْ /مصرُ الآنَ تُبعَثُ /وحقِ الله /تُولَدُ من جديدْ !! )
والشاعر أستطاع أن يحدد عمق الأنحراف عن طريق الشعب ما يريدون هولاء من أجل زرع الفتنة وسلب حرية الشعب المصري ولكن الشعب المصري يعي كل ما يدور حوله لهذا جاءت ثورة التصحيح لتعيد للشعب المصري كل أحلامه وأماله التي أرادوا هولاء أن يسلبوها منه بالكثير من الحجج مرة بأسم الدين ومرة بأسم اليمين واليسار ولكن الشعب المصري أستطاع أن يكشف هولاء ويقوم بالثورة الحقيقية التي تعيد كامل حقوقه وأهدافه في الحياة ,والشاعر أستطاع بالأنساق البسيطة بالتعبير والعميق بالتوجه لكي لا يخلق الأرباك في الوصول الى المعنى الجوهري في أدراك الدالة الموحية بالمدلول الواضح وقد أستخدم الرموز لكي يثبت التناظر الفعلي ما بين حركة الحياة وتاريخ الشعب المصري وقدرته على الكشف كل ما يضر بتاريخه والذي يؤدي الى الأنحراف عنه وقد استطاع ان يحقق الحقول الدلالية من خلال الرؤيا التي تحقق المستوى الفهم في الخطاب الشعري كاشفا اهمية الرموز في احداث المناظرة بينها وبين من يريد ان يحرفها عن معانها التاريخي في وجود الشعوب ضمن الدلالات الفكرية الموحية لهذه الرموز الحية والغنية لكي لا تنحرف عن موضعتها خارج نسقها الحي والصحيح وضمن مدى تاثير هذه الرموز وما توحي في الحياة والتاريخ .

‏(الرموز والتناظر الفعلي مع حركة الحياة )

قراءة نقدية لمجموعة ( رسائل حنين ) للشاعر حسن الحجازي

عندما يستطيع النص أن يختزل الكثير من محاور اللغة ويبقى المعنى في عمق مسالك هذه اللغة , يكون هذا النص محمل بالكثير من الأنزياح الذي يؤدي إلى تركيب الصورة الشعرية بزخم كبير بحيث يشعر المتلقي بعمق لحظة انتماء الشاعر الى القضية أو الفكرة التي تكون هي المحور في أحاسيس الداخلية لهذا الشاعر حيث يبنى الجملة الشعرية وفق تقارب اللغة من ملامسة هذه الأحاسيس , لهذا يمتد المعنى في عمق المدراك الشعرية التصورية ,ما جعل الصور الشعرية مشعة بأطياف الصورة المتكاملة بشكل يعطي إلى خيال المتلقي مساحات واسعة من التأويل لأن الرؤيا هي من كونت المحورالدلالي , بقت في عمق مسالك للغة لأن الدلالة ترادفت مع الاستعارة الذهنية لمدرك الحسي في تكوين الصورة الشعرية .. وقد أستطاع الشاعر ( حسن الحجازي ) بمجموعته (رسائل حنين ) أن يحقق التوازن النفسي اللغوي وفق صيغة الأمتداد الزمني في تاريخ القضية المعبر عنها وخصوصا حين يكون الوطن هو مركز البؤرة في نقل مشهدية التصوري الواقعي لهذا لقضية (الوطن ) وهذا ما جعل أن يبقى الأنزياح ثابت الاستعارة مع البقاء على حركة الصورة الشعرية المتنقلة ما يجعل الصورة الشعرية مركبة على قدر المشاعر النفسية داخل النص أي أن بؤرة النص بقت تشع وفق تنسق شتات الرؤى وبإيقاع لغوي تصويري ...

نص ورق ص 5
(ونظلُ نكتبُ ونكتبُ /لا ندري هل حقاً /نحنُ الذينَ نكتبُ ؟ /أم يكتبنا الورقْ ؟!)
حين تصبح القضية مجرد كتابة على الورق بعيدا عن أحداث التغير في الوقع يخرج الواقع الحتمي للتغير عن إداة التعبير في القضية التي يريد الشعب أن يحققها لأن ليس دائما الكتابة حالة شرطية للتغير بل هو الأهم من كل هذا هو أمتلاك الشعب الأداة التي توصله الى تحقيق ما يريد أن يصل به الى واقع يحقق من خلاله كل طموحاته في الحياة أي أن الكتابة ليس دائما أنعكاس لوصول الشعب الى مبتغاه في الحياة لهذا تضيع الدروب في حلم الشعب ويصبح الوراق هاجس وروقي متبعثر بين طيات الأورق لأن الوصول الى غايات الشعب هو الفعل الجوهري بمقاربة الحلم مع الواقع والأرتكاز هنا فقدان قيمة الكتابة إذا لم تمثل طموحات الشعب في الواقع الحقيقي والمتناظر ما يخطط له في الكتابة ,و صحيح أن ثورات الشعوب تحدد من خلال ما يكتب من أهداف لهذه الثورات لكنها تبقى مجرد مسلمات ورقية لا أهمية لها إذا بقيت فقط على الورق دون العمل من أجل تحقيقها والشاعر هنا أستطاع أن يحدد ثوابت الفرق بين أمال الشعوب على الورق وبين ما يتحقق منها على الواقع (نحنُ الذينَ نكتبُ ؟ /أم يكتبنا الورقْ ؟!)أي أن الكتابة التي لا فعل لها تبقى مجرد ورق .

نص الشعب يريد ص 42
(صرنا نغتال الأحلامْ /نترحم على لحظة أمنٍ /عشناها /في زمنِ القهرْ /صرنا نترحمْ /على لحظةِ صدقٍ /موءودة في رحمِ الأيامْ /حتى لو كانت وهماً /لنجني ثمرةَََ حلمٍ /في وعدٍ منسوجٍ /بخيوط ِ الدمْ /في عهودِ من ظلامْ /من أنينْ /أفقْ يا شعبْ /فالحلم ُ يضيعُ /بينَ اليسار ِ /وبينَ اليمينْ /بينَ تجارِ العولمة /وانصارِ
الدينْ ! )
عندما تضيع المسافة المقترنه بين الدالة ومدلوها تختلط الأشياء مع بعضها وتتحول الى فوضى وينحرف التوجه الذي أوجد من أجلها المعنى الذي يريد له الوصول بهذا المدلول الى دالته ونجد هنا أن طريق الثورة التي قام بها الشعب من أجل أحداث التغير الذي يلبي طموحاته في الحياة ويحقق كل ما يحلم به من المساوات والعدل الحقيقي لكل أحلامه وأماله , نجد هنا أنحراف كل شيء عن مساره المراد له أن يتحقق وتصبح القوى التي شاركت بالثورة أنحرفت عن طموحات الشعب ولا تريد أن تحقق إلا ما هي تسعى حتى لو كان هذا السعي خارج آمال الشعب الذي حقق الثورة وأنتصر لها حيث يعود كل شيء عكس كل هذه الآمال والأحلام ويصبح الترحم والتمني على الزمن ما قبل الثورة هو ما يتمناه رغم الظلام القهر الموجود به في الزمن الذي سبق الثورة((صرنا نغتال الأحلامْ /نترحم على لحظة أمنٍ /عشناها /في زمنِ القهرْ /صرنا نترحمْ /على لحظةِ صدقٍ /موءودة في رحمِ الأيامْ /حتى لو كانت وهماً /لنجني ثمرةَ حلمٍ ) أي أن الثورة لم تعد حقيقية بل ثورة أنحرفت بأتجاه القوى التي لا تفكر إلا بنفسها وأنحرافاتها ولهذا يضيع كل شيء من الأحلام الأماني ما بين تلك القوى مابين اليمين واليسار وأصبحوا هولاء مجرد تجار لمسميات هم أرادوها لهم وحدهم وكأنهم مصير الثورة وأرادتها وقد أتخذوا من الدين مجرد شعارات لا علاقة لها بالدين الحقيقي بل هو ستار يتخفون تحته من أجل تحقيق ما يريدون (في وعدٍ منسوجٍ /بخيوط ِ الدمْ /في عهودِ من ظلامْ /من أنينْ /أفقْ يا شعبْ /فالحلم ُ يضيعُ /بينَ اليسار ِ /وبينَ اليمينْ /بينَ تجارِ العولمة /وانصارِ الدينْ ! )وهذا ما نجده في ما حدث من التغيرات تحت مسمى الربيع العربي , والشاعر أستطاع هنا أن يعبر بطريقة توحي بضياع أحلام الشعب حين يكون القادة لأي ثورة لا يمثلون الجوهر الحقيقي للشعوب ولا يسعون تحقيقي طموعات هذه الشعوب بقدر ما يسعون ليحققوا ما يسعون له وحدهم تحت أي ستار يتخفون تحته ...
نص رسالة .... إلى الحاكم بأمر الله ! ص 45
(/كلما عَلَت بيننا الأسوارْ /وضاعت لغة ُ /التسامحِ والحوارْ , /اعلم أنَ مصرَ /تنزوي /وجبينها الحرُ /ينحني /ومن صنوفِ الذلِ /ترتوي /ورصيدكَ من الحبِ /ينثنى /وتغربُ عنها / شمسُ النهارْ ! )
ويستمر الشاعر بالتعبير عن ما حدث من ثورة في مصر من أجل تصحيح الأوضاع فيها لكي يصل الشعب المصري الى ما يريده وما ينشده من حياة كريمة بعيدا عن الأستبداد والظلم , لهذا لا تخضع أو تنزوي مصر الحرة الى من يريد أن يبعدها عن رسالتها الحقيقة في الحياة ,لأنها تعرف شمس النهار ولا يمكن أن تغرب عنها هذه الشمس مهما صنعوا حولها أسوار من أجل أن يخنقوا حريتها يبقى الأمل في حب الحياة والتغير من أجل غد أفضل , فحكم الله لا يأتي إلا من أجل الشعب وليس من أجل الحاكم .
نص المحروسة ... وقميصُ "عثمان "! ص58
(بينَ قميصينِ حائرة , /بينَ عهدين ناظرة , /تتعثر خطاها /بينَ الوعدِ والوعيدْ /الأول : ( لعثمانْ ) /والثاني : ( ليوسف ) الصِديقْ . /قميصٌ : /يزرعُ الفتنة /ويسدُ أبوابَ الأملْ /وينأى بها وأحلامها /بعيداً .. بعيداً .. عن الطريقْ /وقميصٌ تنتظرُ بهِ حبيبَها : /" يوسُفها " /لينتشلَ الأملْ /يروى السنينَِ العِجاف /يُمسكُ بالمجدافْ /يأخذ ُ الدَفة نحو الغدْ /نحو الشط ْ /وينجو بالغريقْ /يعيدُ لعينيها الحياة /و طوقَ النجاة /لينتشلَ من اليَمِ /ألفَ غريقٍٍ وغريقْ/ضاعَ منهم الأملُ /وغابَ عنهم الدليلُ /في سوادِ الليل /فتاهت معالمُ الطريقْ )
الذي يميز نصوص الشاعر حسن الحجازي هو أستحضار الماضي من التاريخ لكي يفك رموز الحاضر ضمن نسق المقاربات المعنوية ما بين الحاضر والماضي , ويشعر المتلقي أن الشاعر يؤكد على حالة أن الحاضر ما هو إلا متداد حتمي للماضي وأن حركة الحياة في تاريخ أي شعب من الشعوب ما هي إلا أنعكاس لهذا التاريخ وهنا قد جاء بهذه الرموز (قميص عثمان )و(قصة يوسف ) لكي يمسك التبرير الذي يحدث في الحاضر محاولة منه من أجل رصد حركت هولاء الذين يجدون التبرير لأفعالهم من خلال تداخل المقاربة بين هذه الرموز التاريخية والدينية وقد أستحضرها الشاعر لبين حجم الوعي التاريخي والديني للشعب وأن كل هذه التبريرات لا يمكن أن تمر دون أن يكتشفها ويحددها لأن هذه الشعب هو صاحب التاريخ وصانعه ولايمكن أن يسرقوه منه مهما حاولوا أن يلونوا أفعالهم بهذه التبريرات لهذا تبقى مكشوفة و فاضحة لكل أعمالهم التي لا تتطابق مع طموحات هذا الشعب وآماله في الحياة لأن أصلا أن هذه الرموز هي تاريخ الشعب نفسه فكيف تمر عليه وهو واعيها ومحدد لها ((بينَ قميصينِ حائرة , /بينَ عهدين ناظرة , /تتعثر خطاها /بينَ الوعدِ والوعيدْ /الأول : ( لعثمانْ ) /والثاني : ( ليوسف ) الصِديقْ . /قميصٌ : /يزرعُ الفتنة ) وأستطاع الشاعر أن يحدد الرموز ماذا تعني في تاريخ الشعب لكي لا تمر الفتنة التي يريدون أن يخلقوها بين هذا الشعب , لأنهم قد أنحرفوا عن الطريق الذي يريد أن يصل إليه الشعب في الحياة فلا تبرير أمام هذه الأنحرافات عن الطريق الذي يسلكون لأن الحياة يجب أن تستمر خارجهم وكما يريده هذا الشعب وما يسعى إليه (ويسدُ أبوابَ الأملْ /وينأى بها وأحلامها /بعيداً .. بعيداً .. عن الطريقْ /وقميصٌ تنتظرُ بهِ حبيبَها : /" يوسُفها " /لينتشلَ الأملْ /يروى السنينَِ العِجاف /يُمسكُ بالمجدافْ /يأخذ ُ الدَفة نحو الغدْ /نحو الشط ْ /وينجو بالغريقْ /يعيدُ لعينيها الحياة ) وهذا الوعي هو من يمنع الشعب بالوقوع في الفتنة التي يريدها هولاء المتلبسون بهذه الرموز التي هي لا تؤدي الى تبرير الأنحراف الذي يسلكون, لهذا سيكون الغد هو للشعب لا ضده وسوف تعود الحياة كما يريدها لا كما هو يريدون (و طوقَ النجاة /لينتشلَ من اليَمِ /ألفَ غريقٍٍ وغريقْ/ضاعَ منهم الأملُ /وغابَ عنهم الدليلُ /في سوادِ الليل /فتاهت معالمُ الطريقْ ) فلن ينفعهم طوق النجاة حيث يحاسبهم الشعب بسبب خداعهم وكذبهم عليه لأنهم أصبحوا مكشوفين لهم ولم تعد كل هذه التبريرات أنقاذ لهم لأنهم فقدوا معالم الطريق الحقيقي الذي يجب أن يسلكوه من أجل تحقيق ما تريده شعوبهم لا ما يريدون هم , وبعدها لن يأخذوا دفة الغد بل الغد هو للشعب لأنهم ما هم إلا سواد الليل لهذا سيغرقون بأفعالهم هذه بعيدا عن غد هذه الشعب ....
نص عبور ..نحو الغد ص80
(وعُدْ من حيثُ أتيتْ /لكهفكَ المعزولْ /ووعدِكَ المأمولْ /فقد ولى عصرُ العبيدْ قد /مصرُ الأنَ تنهضْ /مصرُ الآنَ تُبعَثُ /وحقِ الله /تُولَدُ من جديدْ !! )
وبعد أن حدد الشاعر الأنحراف عن طريق الشعب والتبريرات التي يريدون هولاء أن يبررها وقد أصبحت مكشوفة لهذا سوف تحدث الثورة من جديد لتعيد الحياة التي يريد أن يحققها الشعب لأن لم تعد هذه الأعمال تمر أمام شعب يعرف أين تكمن حريته ومصيره , وسوف تعود مصر تنهض وتولد من جديد لأن عصر العبيد قد ولى والآن الشعب هو من يمتلك أرادته وحريته (مصرُ الأنَ تنهضْ /مصرُ الآنَ تُبعَثُ /وحقِ الله /تُولَدُ من جديدْ !! )
والشاعر أستطاع أن يحدد عمق الأنحراف عن طريق الشعب ما يريدون هولاء من أجل زرع الفتنة وسلب حرية الشعب المصري ولكن الشعب المصري يعي كل ما يدور حوله لهذا جاءت ثورة التصحيح لتعيد للشعب المصري كل أحلامه وأماله التي أرادوا هولاء أن يسلبوها منه بالكثير من الحجج مرة بأسم الدين ومرة بأسم اليمين واليسار ولكن الشعب المصري أستطاع أن يكشف هولاء ويقوم بالثورة الحقيقية التي تعيد كامل حقوقه وأهدافه في الحياة ,والشاعر أستطاع بالأنساق البسيطة بالتعبير والعميق بالتوجه لكي لا يخلق الأرباك في الوصول الى المعنى الجوهري في أدراك الدالة الموحية بالمدلول الواضح وقد أستخدم الرموز لكي يثبت التناظر الفعلي ما بين حركة الحياة وتاريخ الشعب المصري وقدرته على الكشف كل ما يضر بتاريخه والذي يؤدي الى الأنحراف عنه وقد استطاع ان يحقق الحقول الدلالية من خلال الرؤيا التي تحقق المستوى الفهم في الخطاب الشعري كاشفا اهمية الرموز في احداث المناظرة بينها وبين من يريد ان يحرفها عن معانها التاريخي في وجود الشعوب ضمن الدلالات الفكرية الموحية لهذه الرموز الحية والغنية لكي لا تنحرف عن موضعتها خارج نسقها الحي والصحيح وضمن مدى تاثير هذه الرموز وما توحي في الحياة والتاريخ .‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق