أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

البحــــــــث عـــــن الخــــــلود .... قــــــــلقمش ... اعـــــــــــــــداد : حســـــــن نصـــــــراوي /// العراق


ملحمة جلجامش هي ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 12 لوحا طينيا اكتشفت لأول مرة عام 1853 م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى في العراق ويحتفظ بالألواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني. الألواح مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايته توقيعا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان.ملامح ثراء وتميز، عديدة، تشتمل عليها ملحمة جلجامش، فإلى جانب قيمتها التاريخية والفكرية، تعد أطول نص أدبي وصل من ثقافة المشرق العربي القديم.. وهو نص شعري مكتوب باللغات السومرية والأكادية والبابلية، وموزع على أثنى عشر لوحاً فخارياً. وتعالج الملحمة، قضايا إنسانية مركزية، كمشكلة الموت والخلود، والصراع بين الحياة والموت.
وانتقل أثر الملحمة إلى آداب الأمم القديمة، وشاعت مفاهيمها في أساطير الشعوب المجاورة لحضارة بلاد الرافدين. ولكن هذا المفهوم الملحمي، لم يتأصل في الأدب العربي، كما في ملاحم اليونان والرومان، وآداب أوروبا في القديم والحديث، كالكوميديا المقدسة لدانتي، والفردوس المفقود لجون ملتون، وملحمة أورلاندو التي تصور معارك المسيحية والوثنية، إبّان انتشار المسيحية في أوروبا، فضلاً عن الشاهنامة التي صوّرت عبقرية الفردوسي.
تحكي الملحمة قصة جلجامش، الفتى السومري، الذي أراد أن ينجز شيئاً بطولياً، يخلد ذكراه، ويجعله مثار إعجاب الأبطال، فقرر أن يفاتح (أنكيدو) صديقه، وندّه في القوة، باعتزامه تنفيذ مثل هذا الفعل الشجاع، الذي تمثل بقراره محاربة الغول (خمبابا) في غابة الأرز. وبعد مغامرة إقناع لأنكيدو، وكذا حكماء المدينة، ومن ثم رحلة سفر خطير، اجتازا، جلجامش وأنكيدو، المخاطر العظيمة.
فأفلحا في قطع رأس الغول في الغابة الغربية، وقدّماه قرباناً إلى الشمس، فتعشقت الآلهة عشتار جلجامش، وأرادت إغراءه. فرفض؛ ذلك لأنه يعتقد أنها خانت معشوقيها السابقين، ورداً على الإهانة، دبرت له عشتار مكيدة، وبعثت (الثور السماوي) ليعيث فساداً في مدينة أوروك، فتصدى له الصديقان: جلجامش وأنكيدو، وقتلاه، ثم قدّما قلب الثور السماوي قرباناً، ولكن الآلهة، غضبت فقررت وجوب موت أحد البطلين؛ لأنهما قتلا ثوراً سماوياً، واختير أنكيدو لذلك، وهكذا كان الموت من نصيبه، بعد تلك المغامرة.
وفي أعقاب ذلك، حزن جلجامش، وبدأ يفكر في الموت وسرّ الحياة، وازداد قلقه لهذه الفكرة، وانطلقت في حياته، مرحلة رحلة جديدة، وأخذ يطلب الحياة والشباب، ففكر في الوصول إلى الإله أوتنابشتم ليسأله عن سرّ الخلود، الذي هو فيه. وبدأ السعي الفعلي لهذه الرحلة الخطرة والعجيبة. فتعرف على ساقية الآلهة (سيدوري) التي تعرف الطريق إلى جزيرة أوتنابشتم.
وهكذا فإنها تخبره بوجود الملاّح الخاص الذي يعرف طريق الجزيرة التي يسكنها أوتنابشتم، مع زوجته، خالدَين. فيأتي جلجامش إلى الملاّح: أورشنابي، مسرعاً. فيتعثر ويدوس على الألواح السحرية التي تحتوي على الطلاسم والكتابات الحامية والحافظة لسلامة المركب بينما يمخر عباب المياه في بحر الموت، وبذا تتكسر الألواح التي فيها الطلاسم الحافظة للمركب من مخاطر الموت في البحر.
وحين يطلب من الملاح الوصول إلى أوتنابشتم، يجيبه: "إن الألواح الحافظة للرحلة تكسّرت. ولا يمكن الآن". ولكن الملاّح، تخطر له فكرة: "أن يقود جلجامش المركب بطريقة تجعله لا يمس الماء المميت، وهكذا اخترع له أعواداً طويلة:
(وهي: المردي في أهوار العراق الجنوبية)، ليدفع بها المركب، وهكذا وصل جلجامش إلى (أوتنابشتم) وسأله عن سرّ الخلود، فحدّثه الثاني عن قصة الطوفان. وبعد إلحاح جلجامش في طلب سرّ الخلود، أشفقت زوجة أوتنابشتم، فناشدت زوجها أن يعلمه طريقة معرفة سرّ الخلود، فأطلعه على طريقة أخذ عشبة الخلود من قاع البحر. وبذا سارع جلجامش إليها، فوصلها وحازها، بعد آلام وجروح.
ولكنه وهو في طريق العودة، نزل ليستحم في النهر، جاءت أفعى وسرقت العشبة تلك. فخسر جلجامش الخلود بهذا، ذاك نتيجة تفريطه واستهتاره إلى حد ما، وشعر، متيقناً وحزيناً، أن مصير الإنسان، ولا بد، الفناء.
{ حســــــــن نصــــــــراوي }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق