أبحث عن موضوع

الجمعة، 21 أكتوبر 2022

وقفة مع احساسيس الشعراء / مقالة .............. بقلم : عبد الستار جابر هاشم الكعبي// العراق






من الأشياء التي تربط الإنسان بالحياة الراقية .حياة الاحاسيس والنسبة المرتفعة فوق الماديات .تقول أحدى الكاتبات الغربيات ..مدام تيريز.. إذا أردت أن تكتب رواية فيجب أن يكون عندك ما تقوله ... وليس هذا ضروري في كتابة قصيدة هذه الكاتبة قد ظلمت الشعر والشعراء حيث أنها تذكرت شيئاً وغابت عنها أشياء ..نسيت وتناست قول أحد الشعراء الكبار وهو الشبلي ..الشعراء هم المشرعون غير المعترف بهم بهذا العالم .. ونسيت أيضاً أن أحد الفلاسفة العلماء قال.. نحن العلماء نذهب إلى الشعراء كي نتعلم منهم أسرار الكون .ونسيت أيضاً أن السفر إلى القمر عبر الفضاء كان للوهلة الاولىٰ بسبب قراءة قصيدة من الشعراء وقال الشعراء يتفلسفون لنا الحياة ويرسمون لنا الخطوط العريضة لخارطة ما للخوص فيها وقد تكون هذه الخطوط حمر أو خضر أو رمادية بحسب اتجاهاتها المتنوعة .ودوماً نأخذ المبادئ والقيم من الشعراء وإذا لم تكن منهم فأنهم هم الذين يذكروننا بها ويصبونها لنا في كأس رائقة مستاغة لكي نرتوي من نعيمها... فإذا نظرت إلى شخص قد أعتاد عادة سيئة وأدمن عليها لحد الهلاك فأنك لابد أن تتذكر قول المتنبي في ذلك ـ لكل امرئ من دهره ما تعودا ـ
وإذا رأيت عكس ذلك وأعجبك أحدهم في موقف ما تتجلىٰ فيه الغيرة والشهامة والرجولة يمر إليك قول المتنبي أيضاً ـ على قدر أهل العزم تأتي العزائم ـ وتأتي على قدر الكرام المكارم ـ وإذا ما ندمت على شئ في حياتك إن فعلته أم لم تفعله وكنت قد تمنيت أشياء لم تتحقق في حياتك وقد فات اوانها ومضى قطارها فيأتيك المتنبي أيضاً ليربت على كتفك ويقول ـ ماكل ما يتمنى المرء يدركه ـ
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ـ
وهذا المتنبي العظيم كانت نهايته بسبب بيت شعر واحد له..! وذلك عندما استوقفوه قطاع الطرق في النعمانية بالعراق وهو في طريقه إلى أهله في الكوفة قادماً من كافور الاخشيدي محملاً بالمال والهدايا . وعندما رأى أن ليس لديه القدرة على الخلاص من هؤلاء اللصوص قرر الهرب وحاول لكن في هذه الأثناء قال له أبنه الذي كان يرافقه بالسفر إلى أين تفر يا أبي أو لست القائل. ـ
الخيل والليل والبيداء تعرفني ـ
والسيف والرمح والقرصاس والقلم ـ
عندها أطرق خجلاً فرجع وقتالهم إلى أن قتل مع ابنه وضاع كل شئ. وهذا الشاعر عمر بن الأطنابه..قال أبياتاً في الثبات يدعو فيها الصبر والجلد والثبات والبقاء على الأمر وعدم الضجر والملل وحفظها عنه أحد القادة العسكريين وعندما سمع القائد بالحشود التي جاءت لمقاتلته وعرف أنها فوق ما يتحمل فقرر أن يهرب وينجو بنفسه لكنه ردد هذه الأبيات
ـ أبت عفتي وأبى بلائي ـ
واخذي الحمد بالثمن الربيحي ـ
وأجثامي على المكروه نفسي ـ
وضربي هامة البطل المشيح ـ
وقولي كلما جشأت وجاشت ـ
مكانك تحمدي أو تستريحي ـ فردته هذه الابيات وعاد إلى رشده وبقى في قتال عدوه. هؤلاء الشعراء وهذا تاريخهم وهذه الصور التي أطلقوها بيننا أو علينا لازالت حية تفعل فعلها بيننا وتأخذ طريقها إلى قلوبنا وعقولنا واجسادنا وحتى في مشاريعنا وأهدافها وتتدخل في أصغر شؤوننا إلى أكبرها لتكون حاضرة وشاهدة في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وفي كثيرا من الأحيان تحمل عنا بعض الهم وبعض الوزر وتشاركنا في افراحنا واحزاننا وامانينا في الجد واللعب .وهذا الذي يطلع علينا وكأنه يريد أن نشاركه في بكائه وحسرته وندمه فيقول لنا.. ـ
طلبت المستقر بكل ارض ـ
فلم أر لي بأرض مستقرا ـ
اطعت مطامعي فا ستعبدتني ـ
ولو اني قنعت لعشت حرا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق