أبحث عن موضوع

الأحد، 5 يوليو 2020

انظر إليكِ من السماء ................... بقلم : محمد موفق العبيدي// العراق






لم تكن الرصاصة التي اخترقت صدري والتي أطلقها عدو لا يعرفني هي نهاية مشوار حياتي المليئة بك يا حبيبتي...

إنما كانت نهاية حياة... وبداية حياة أخرى... في عالم برزخي ساحر تحيط جماله هالات الأرواح الطيبة.

أفقت من صدمتي...

أنا في ثلاجة الموتى...

انظر إلى جسدي ممدداً بين أجساد أخرى... علتها بقع الدماء التي تمثل مداخل لرصاصات لم تخرج..

أهز جسدي دون جدوى فأراني قد نمت نومة أبدية...

أحسست أن باب ثلاجة الموتى قد فتح...

دخل ثلاثة رجال عرفتهم حالا...

هم من أقاربي تخطوا الأجساد حتى وصلوا إلى جسدي...عيونهم يغلقها الدمع...

قالوا نعم انه هو..

لم احتمل أن أراهم لم ينتبهوا إلى وجودي فذهبت إليهم لأحتضنهم وأقول لهم أنني حي...

لكن...

دون جدوى لأني لم احضن ألا الهواء ولم يسمعوني رغم صراخي عليهم...

اخذوا جسدي ووضعوه في تابوت وغطوه بعلم الوطن الحبيب...


حاولت اللحاق بهم ولكن منعني من ذلك رجل ذو هيبة يشع نوراً...أوقفني في طابور لأرواح أجسادها في ثلاجة الموتى مثلي.

وانطلق بنا إلى السماء...

أنزلنا فوق الغيوم...

قال لنا ألان أسبحوا في فضاء السماوات هنيئاً لكم بما كسبتم...

لا أعلم كم من الأيام مر علي وأنا أسبح في هذه الفضاءات...كان شعوراً من الحنين الطاغي يتصاعد في داخلي...

نعم...

احن إلى دفء صدركِ... احن إلى شم جدائل شعركِ.. لكن كيف الوصول أليكِ وأنا أصبحت أحيا حياة أخرى..

سألت عن الطريق إلى الأرض...؟

لم أجد من يشفيني بالجواب...اضطررت إلى البحث عن الملاك الذي أتى بنا إلى هنا...

وجدته وهو يوصل طابور أخر إلى نفس المكان..

تشبثت به شارحاً رغبتي في النزول إليكِ ولاطمأن عليك بعد هذه الغربة... وافق على طلبي وأمرني أن أتهيأ للنزول معه في المرة القادمة على أن لا أبقى أكثر من دقائق قليلة..

حان الموعد...

أخذني الملاك وهبط بي من فضاءات عوالم الأرواح إلى سماء بلادي... التي عرفت أرضها من فوح عبيرها... الذي يصلني مع نسائم الهواء المتصاعدة.



بحثت عنك في بيتكِ فلم أجدك...توجهت إلى مدرستكِ...وجدتكِ منتصبة في وسط طالباتكِ متشحة بالسواد...واضعة لفّافاً حيكَ عليه علم الوطن ..


نظرت إليكِ أيتها السمراء الجميلة فعاد لي تاريخي وملئتْ نفسي أحاسيس جديدة ليست كسابقتها.


أحاسيس اقل ما يقال في وصفها أنها أحاسيس شفافة طاهرة تصل إلى من تعنيه بإشعاعات نور تخترق أعماقه الحزينة لتنصب خيام الأمل بأطناب التفاؤل على ضفاف واحات الحب..


كنتِ تحدثينهم عن حب الوطن... كنت أنا أراقب تصاعد هالات الحب من قلبكِ لتنتشر في أجواء الصف ليغمر طالباتكِ ويجعل منهم شموع جديدة لليالي قادمة.


لا اعلم كيف عرفتِ بوجودي...!!


كنت تدورين في الصف ناظرة عبر النوافذ عسى أن تلحظي وجودي.. فأخذتُ اترك الآثار لعينيكِ الجميلتين...


حركتُ أغصان أشجار المدرسة...نفختُ على وجه الساحات...راقصتُ ستائر النوافذ...


داعبتُ جدائل شعرك بنسائم من أنفاسي.. ضربتُ جرس المدرسة مرات ومرات..


كل هذا يحدث ولا احد يجد تفسيراً له إلا أنتِ...لقد شعرتِ بأن هنالك رسولاً سماوياً يملأ الحب قلبه جاء زائراً لكِ.


انطلقتِ من المدرسة إلى البيت وأنا انظر إليكِ من السماء وأنت تتهادين في الطرقات كأنكِ الشمس ناشرة أشعة نورها الطاغي في كل اتجاه..


وأخيراً...


دخلتِ إلى غرفتكِ...


أخذتِ علبة الشوكولاته التي حولتها إلى مدفن ذكريات...أخرجتِ صورنا وأخذتِ تطبعين القبلات الحارة وتبللينها بدموع الفراق إلى أن ظهرت صورة لي و لكِ في حفلة زفافنا... أخذتِ قلماً وكتبتِ على ظهرها...(إلى حبيبي السماوي سأحتفظ بهذه الصورة حتى في أكفاني لأني احمل قلباً لا يتحمل نبضاته كلما ذكركَ... وسيجعلني سريعة اللحاق بكَ وستأنسني هذه الصورة في قبري حتى يأذن لنا القدر أن التقيكَ... لالتحف حبكَ... وأتوسد قلبكَ... وحتى ذلك الزمن... كن قريباً كما كنتَ اليوم.!!)...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق