أبحث عن موضوع

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

أيا درويشُ ........................... بقلم : سامية خليفة _ لبنان


أما علمْتَ أنَّ الشَّجنَ في بلادي
صارَ موضةَ العصرِ
وأنَّ الكفنَ الذي غطى صاحبَكَ
باتَ يغطّي الأمَّةَ
لا تحكِ عنْ أشجانِكَ
فكلُّها
صارتْ تساوي ذرَّةً
من جبالِ أشجانِنا
وتقولُ عن اسمِه
بل قلْ عن أسمائِهم
حتّى الجراح تضاعفتْ
ها هي الجراحُ الرّاعفةُ
أخذتْ طريقَها في الاتِّساعِ
كمْ هي غائرةٌ!
الطَّعناتُ كثُرَتْ
من أيدٍ جاحدةٍ
غادرةٍ
الحبُّ
هل تحكي عنِ الحبِّ؟
وبلداننا تشجبُه
تكتمُ أنفاسَه
لكنّها
لا تشجبُ المجازرَ
والمقاصلَ
والفتنَ
بقدرِ ما وأدتْ في الحبِّ
روحَهُ
العمرُ يا صديقي
انطفأتْ شعلتُهُ
فالشَّمس غابتْ في سكونٍ
والنُّجومُ
كأنَّها عيونٌ
مطفأةٌ
الرَّصاصاتُ الطّائشةُ
وصلتْ إلى قلبِ السَّماء
الشظايا أصابتْ
صدرَ الفضاءِ
النُّجوم السائرةُ
شدَّت رحالَها
في هجرةٍ
يا صاحبي
أتحكي عنْ أمٍّ تكلى
لا تستغربْ
فكلُّنا أمسيْنا
أمهات ثكالى
في ثكلِنا المؤجّلِ
إلى حينٍ
أتحكي عن المنفيِّ
عن المغتربِ
الذي ضاعَ في الصَّحارى
ونصبَ المضاربَ
في غربتِهِ الشَّريدة
هو أضاعَ سبيلَ الزّادِ
أمَّا نحن
فنحنُ في أوطانِنا
أفواهُ فقرائِنا
سُدَّت ببيوتِ العناكبِ
يا صاحبي
أما زلتَ تُنادي على الأوطانِ
أما زلتَ تخاطبُ أمَّةً؟
الأمةُ ماتَ فيها الحبُّ
قتلتْه
ذبحتْهُ منَ الوريدينِ
المعلومات أتت
من مصادرَ مؤكدة
ويُقالُ بأنَّها مجهولةٌ
الأمَّةُ يا صاحِبي
سُباتها تأصَّلَ
بكيتُكِ يا أمَّةً
حتى جفَّ بئرُ العينينِ
بكيتُ فيكِ خنوعَك
غباءَك
وذاك الدَّجلَ
فأنتِ يا أمَّةَ الخرافةِ
بترتِ ساقَ الحقيقةِ
يا صديقي
ما زلْنا نعيشُ في أكاذيبِ ثوراتٍ خريفيَّةِ التَّكوينِ
القائدُ فيها أعمى
ما زالتِ الأعلامُ منكَّسةً
حتى إشعارِ آخرِ شهيدٍ
قد يكونُ أنا
قد يكونُ أنتَ
فالشّاعر يُقتلُ بعدَ موتِهِ
مرَّاتٍ ومرّاتٍ
يا صاحبي
ترثي النِّساءَ والأطفالَ
وتقولُ متى يستيقظُ الرجالُ ؟
وأقول هلَ بعدكَ
يولد شاعر مثلُكَ
يعرفُ الحقيقةَ ولا يسكتُ
شاعر يرفضُ الذُّكوريَّةَ
ويعترفُ
فلا يحكمُ أوطانَنا
إلا ذكورٌ
بُترَتْ فيهم
معالمُ الرجالِ
فاستيقظوا كما قالَ درويشُ
أعظمُ شاعرٍ
يا رجالُ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق