أبحث عن موضوع

الأربعاء، 1 فبراير 2017

قراءة لنصّين لأحد أهم شعراء العراق المعاصرين : الأمير حازم التّميمي و النّاقدة والشاعرة إنعام كمّونة ..... بقلم : شاهين دواجي / الجزائر




جماليّ استدعاء المقدّس :
- طالما مثّل التناص الديني المرجعيّة الثقافية للعديد من الشّعراء المعاصرين بمختلف تمظهراته ( إسلامي / مسيحي / ديني ) حتى قارب أن يكون أحد معايير الحداثوية في القصيدة ، ومهما تعدّدت أشكال التّناص كالإقتباس اللّفظي المباشر أو الإقتباس المعنوي تظلّ الحاجة ماسّة إليه من حيث إبتغاء إحداث الدهشة وتركيز الجرعة التكثيفية للقصيدة فيستقيم " الإسقاط " من لدن المشهد الدّيني نحو الواقع الذي ترومه الرّؤية الشعرية للذّات الشاعرة . فالتناص – والحال هذه – لايتوقف عند ذاتيّة الجماليّة بل هو إعادة إنتاج النّص الشعري بنكهة مغايرة لنكهة الواقع المصبوغة بصيغة الحسّية .
- في هذا السياق اخترت أن يكون الجانب التّطبيقي لموضوعي من خلال نصّين لأحد أهم شعراء العراق المعاصرين : الأمير حازم التّميمي و النّاقدة والشاعرة إنعام كمّونة .
- ولم يكن اختيارهما لأنّهما يتفردان بخاصية التناص الديني فهذا لايتصوّر لكن لوجود شبه بينهما في تناول التّناصات وهو ما سأتطرّق اليه بعد قليل .
- أقول :
- يتميز استدعاء المقدس عن الشاعرين بجملة من الخواص أهمّها :
1/-الكثافة :
في نصّها : "ما ملكت دمائهم" تعمد السيّدة إنعام الى مجموعة من التناصات مع القرأن فهذا النّص القصير من ثلاثين سطرا يتضمّن تسع تناصات(العنوان / لمَ تقربون هذه الشجرة ؟/ سنين عجاف..../ وهو رقم " مخيف" .... وفي نصوصه - التّي اطّلعت عليها على الأقلّ – ينحو حازم التّميمي نفس المنحى ولنا أن نقرأ رائعته حسرة اللّبلاب لنتأكّد أن القصيدة كلّها تناص واحد : حوار الخطيئة الأولى بين آدم وحواء .
2/- تذييت التناص : إنّ مجرّد استدعاء المقدّس في نصّ ما لايعتبر الجمالية القصوى المرومة مالم" يذيّت " بحيث ينجح الذات الشاعرة في ممارسة قهرها على الموضوع بـ:" ليّ" عنقه نحو الرؤية التي تصبو إليها وهذا أجده عند الشاعرين بكثرة :
تقول إنعام كمّونة :
*قبل ان يرتد هدهد ابصارهم.
ويقول حازم التّميمي :
كنـا صغـارا مـا انتظـرنـا هـدهـدا=يـأتـي مــن المجـهـول بـالأنـبـاء.
واضح أن كلاهما يستدعي قصة سليمان عليه السّلام والهدهد ولكن الجمالية تكمن في زاوية الرؤية ، فالسيدة إنعام توحد بين الهدهد والذات الفاعلة ( الجندي العراقي) فبصره هو هدهده وهذا الإلتحام يستحيل خارج النص دعوة الى الأتحام بين مكوّنات الطيف العراقي ، اما الهدهد عند حازم التميمي فهو المضادّ للفطرة حيث يتشرّب" الصّغار" حبّ العراق دونما حاجة الى الهدهد الذي يحيل عند حازم الى القنوات المغرضة التي حرضت بين أهل البيت الواحد .
3/- تعمّد قلب المنظور: المتتبّع لنصوص الشاعرين يلاحظ تعمّدا في قلب منظور الحدث الأول خارج النص أي تعمّد اختلاق حادثة جيدة ارتكازا على النص الأصلي وأضرب المثال الآتي :
تقول إنعام كمّونة :
*لمَ تقربون هذه الشجرة ؟
ويقول حازم التّميمي :
لومي أخية صولجان خطيئتي*** ماعاد في التفاح من أعصابي
غري بها غيري سحابك خُلّب*** والأمنيات البيض محض سراب
فسطر السيدة إنعام هو كلام خارج من لدن الجنديّ العراقيّ تجاه الطائفيّين حيث يصور العراق معادلا موضوعيا لـ :"شجرة الخطيئة " فيكون الطائفيّون معادلا موضوعيّا لآدم عليه السّلام والجنديّ العراقيّ موكّلا من الحقّ سبحانه بدفع الضّيم عن الشجرة ؟ وسط هذه الفوضى في الإسقاط ينكسر التوقع وينتج النص الجديد .
وعند حازم التميمي تتلخص نكبة العراق في حوار بين آدم وحوّاء التي تحاول ممارسة الإغواء على آدم ولكنّه يتفطّن فلايقرب الشجرة خلافا للنص المقدّس ومخالفا غواية حواء :
*غري بها غيري سحابك خُلّب*** والأمنيات البيض محض سراب
فحازم التميمي يجعل حواء معادلا موضوعيّا للطائفية ذات المنافع الآنية والضيقة التي جنت الويلات على العراق فالمواطن العراقي فهم الدرس فلا يشتهي تفاح الخطيئة :
...............................****ماعاد في التفاح من أعصابي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق