أبحث عن موضوع

الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

قامَةُ الشَّمسِ ..................... بقلم : إحسان الخوري / لبنان


لا يُمكنُ لِنَفَسِ الليلِ أن يَهزِمَ النُّجومَ ..
لا يُمكنُ لِلعَتَماتِ أن تُطفيءَ القِنديلَ ..
ولا للصَّنَوبَرِ أن يَختبِيءَ في أهدابِهِ ...
هلْ للأنفاسِ الدَّفَّاقةِ مَخدَعٌ وسُكونُ ..؟
وللخِيفَةِ أن تُمزِّقَ قلبَ الرِّجالِ . .؟
قدْ يَتَدثَّرُ القمرُ بِالغُيومِ المُونِقةِ ..
وتُلقي النُّجومُ بِثِقلها على أيَّامي ...
لَكنَّكِ ...
انسحبْتِ منْ أصابِعي كدُخانِ سيجاري
تسلَّلْتِ إلىٰ البَعيدِ ..
وعَيناكِ لا زالتا تسرَحان خلفَ نافِذَتي ..
كنَشوةٍ خَجولةٍ علىٰ وَجهِ المُراهِقَةِ ..
بَعثَرْتِ حِكاياتِكِ مثلَ الصَّيفِ الرَّاحِلِ ..
سلكْتِ طَريقَ الأساطيرِ عِندَ الغَسَقِ ..
حلَّقْتِ كالسَّاحراتِ حافيةَ القدَمينِ ..
تركْتِ ظلِّي يُعانِقُني حتَّىٰ قامةِ الشَّمسِ ..
ورحلْتِ ...
سيِّدَتي ..
فاضَتْ ذاكِرَتي المُغرَورَقَةُ بِالحَنينِ ..
وراحَتْ تَئِزُّ بي ثَرثراتُ الشَّوقِ المَشلوحِ ...
فأتذكَّرُ ...
رَقصَكِ القَديمَ في حَواري جَسَدي ..
شَفتيكِ المُعتَّقتين وهما تقصمان ظَهْرَ قُبُلاتي
تشهَقُ بِاكْتِنازِ خمرِ الأُنوثةِ ..
تجُرُّني إلىٰ الغَرقَِ العَميقِ ..
فيَحلو استِلابُ النَّبيذِ منْ شَفتَيكِ ...
أتذكَّرُ جِيدَكِ ...
أنا قُوْتُ جيدِكِ ..
جيدُكِ هو قُوْتُ هَوَسي ..
أُداعِبُهُ علىٰ نفقَةِ القُبُلاتِ ..
وأُبرِّدُ عليهِ هَوَسي الحارقَ ..
فيرقُدُ بينَ الإغماءَةِ والهَذَيانِ ...
أتذكَّرُ ..
كنتُ أُقشِّرُ جمالَكِ رويَداً رويَداً ..
أَزيْنُ بِميزانيَ العَتيقِ قُبُلاتي ..
وأصُبُّ ..
أغمِسُ بِجَسدكِ وأُطعِمُ شَهَواتي ..
وليسَ للنُّبوءَةِ فيهِ أيُّ مكانٍ ..
فتَحبو أصابِعي كرَضيعٍ بَريءِ المُرادِ ..
تتساقَطُ أصابِعي في الأمكِنَةِ ..
أطبُخُ الآهاتِ في نَهدِكِ المَوجوعِ ..
أُشاغِلُ الآخَرَ بِما يَسُدُّ له الجوعَ ..
أتذكَّرُ التُّوتَ ..
كانَ مُستَنفِراً يتبرَّجُ باعتِلاءٍ ..
يُريدُ أن يُمارسَ نفوذَهُ ويَستأثرَ ..
يُوصِدُ مَراكِبَهُ ويَحتجِزُ كُلَّ القُبُلاتِ ..
فتَطفِقُ صِغارُ النَّشوةِ تنبِشُ فيكِ ..
تتكاثرُ ..
تمتلِيءُ فيكِ ..
فكيفَ أُبرِّيءُ التُْوتَ من نَشوةِ الجَسدِ ...
أتذكَّرُ ...
عندما أضحَتْ جُدرانُ ذاكِرَتي عاريةً
وقَدَري غَفاٰ تحتَ أوراقِ الخَريفِ ..
وأجراسُ حُضورِكِ خَمدَتْ تحتَ الجُفونِ
وجِراحي تَلوكُ أوجاعَ الفِراقِ ..
ومُجونُ عِطرِكِ على الوِسادةِ يَسألُني
لماذا عَشِقتُكِ حدَّ الجُنونِ ..؟!
ولَجْتُ لِدَقائقٍ الزَّمنَ المَرصودَ ..
بحثْتُ عن تعويذَةِ أميرةِ الجانِ ..
فأنا أُريدُ عنْ جَسَدي الانِشقاقَ ..
وإعِلانَ عَينَيكِ دولةَ لُجوئي ....

من ديواني الرَّابع : نِساءٌ من شَمعٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق