أبحث عن موضوع

الأربعاء، 21 مايو 2014

اللحية ............. بقلم الاديبة خديجة السعدي / العراق




تستغرب أحياناً أنكَ لم تعر انتباهاً لبعض التفاصيل.
اللحى مثلاً. هذهIمستديرة وكثّة، وتلك نهاياتها حادّة، وأخرى مصبوغة باللون الأسود، أو البني. البعض يهتمُّ بها ويتفنّن في تشذيبها، وآخر لا يهمه كيفَ تبدو للآخرين.
بعد الانتهاء من حفل عيد ميلاد رامي بقيّ الحديث عن اللحى محطّ اهتمام جميع الحاضرين.
بدأ صديق العائلة توفيق، صاحب اللحية الكثة، بشيء من التفاؤل والأمل: "أشعر بالوقار مع لحيتي. بدونها أحسُ بالضياع."
ضحكَ أكرم، وأردفَ:" لي صديق يربي لحيته كي يخفي عيوب وجهه."
أضافت بسمة:" وآخر لا يحلقها نتيجة الكسل".
أكّد عمّار أنّه يطيل لحيته كي يبدو أكبر سنّاً ويلفت انتباه الفتيات إليه.
"دعونا من كلّ هذا،" قالت خالدة:" أريدُ فقط معرفة أسباب التنوع. هل للجانب النفسيّ دور في ذلك أم إنّه الركض وراء الموضة؟ تابعوا شباب اليوم أغلبهم يميل إلى إطالة لحاهم بشكل يختلف عن السابق. قبل أيّام صادفتُ شابّاً في بداية عقده الثالث يمشي محتضناً باقةً من الزهور امتزجت رائحتها برائحة عطره القويّة. أُصبتُ بالذهول وأنا أشاهد طريقة تصفيف شعره وشكل لحيته العجيبة."
"كيف كانت لحيته؟" سأل رامي:
" لحية لا أستطيع وصفها. أما شعر رأسه فكان على شكلِ خطوط متوازية وأخرى متساوية في التدوير، وبين كلّ خطّين متوازيين مسافات تضيق تارةً وتتوسّع تارةً أخرى. أمّا لحيته فقد تناثرت عليها شعيرات كأنّها جُمعت بالكاد من أماكنٍ مختلفة و لُصقت عليها."
تنهّدت مريم، وأعقبت:" المتديّنون من المسلمين يرون أنّ اللحية يجب أن لا تزيد عن أربعة أصابع مضمومة. أمّا الصابئة المندائيون يطلقون لحاهم دون قصّ أو تشذيب. وكذلك يفعل المتديّنون في الديانات المختلفة، كما في الهند، وباكستان، وأندنوسيا، والصين، واليابان وغيرها. ولكنّي أريد أن أفهم العلاقة التي تربط اللحية بالدين، وهذا الاهتمام الزائد بها دون الأشياء الأخرى."
في صحوّة مفاجئة قررتْ بلقيس أن تكتب بحثاً مُطوّلاً عن اللحيّة. شغل الموضوع تفكيرها ولم تعد تسمع ما يقوله الآخرون. بعد قليل بدأت تتفق مع الأصدقاء عن الطرق الممكنة لالتقاط صورٍ مختلفةً لدعم بحثها الجديد. تدخلت خالدة ثانية وهي تشرح للجميع كيف يقضي قريب لها يوماً كاملاً كل أسبوعين أو ثلاثة في انتزاع شعر وجهه بالملقطِ دون أي تذمر، أو شعورٍ بالتعب.
لكن بلقيس كانت مستغرقة في أحلامها، يداعبها شيء من الغرور.
" ربما تكون هذه أول مرّة تقوم فيها امرأة بكتابة بحث علمي عن جسد الرجل وشكله،" صرّحت للجميع. "لطالما كتب الرجال عن جسد المرأة وكيف يرونه هم. حان الوقت لنُغيّر ذلك."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق