أبحث عن موضوع

الاثنين، 20 يناير 2014

ثقافة الإلقاء عند الشاعر ....الممثل المسرحي/ بقلم نسرين مشراوي -تونس


عندما نتحدث عن الإلقاء فإنّنا نقصد الإنسان الذي يمتلك القدرة على الإلقاء ...فكلمة الإلقاء تحمل في طياتها ثقل جميل للمعنى و للتجسيد الفعلي ...الإلقاء هام جدا في طريقة الكلام وإيصال المعنى والمقصد لذلك ما يجعل الملقي متميزا على غيره هو امتلاكه لأساسيات الالقاء ...فالشاعر يتميز بإلقائه و الممثل المسرحي ،امام الجامع ...الخ من النماذج التي تنضوي تحت ثقافة الإلقاء.لهذا سنبحر في عالم ثقافة الالقاء عند الممثل المسرحي نظريا و تطبيقا أي انطلاقا من النص المسرحي المكتوب الى المجسد على الخشبة ،والالقاء هو تحسين التلفظ وتجويده و حسن استخدام الصوت و "يستعمل للدلالة على فن اللفظ او طريقة الكلام ،او طريقة القاء الشعر او النثر ،و الالقاء فن لفظ النص المسرحي و مقوماته و مهارة نطق مخارج الحروف وحسن استخدام نبرة الصوت و نغمته و شدته و سرعة الكلام و ايقاعه " فن الالقاء له خصوصيات ،فهو يتطلب وضوحا في الكلام ..معبرا ناقلا للأحاسيس ومعاني خاليّة من الشوائب والعيوب التي تشوه وصوله إلى المستمع . فهو يساهم في الكشف عن شخصيّة الملقي و مزاجه ،اتجاهاته ،أحاسيسه و أفكار هو هذا عبر صوته ويمكنّنا القول أنّ صوت الملقي أثناء إلقائه يعتبر ذلك الجسر الذي يصل عبره ما ذكرناه إلى السامع حتى ينتشي ،كذلك مصدره إمّا نص قرآني ،نص نثري ،نص شعري , نص مسرحي...الخ و بالتالي سنتحدث عن وظائف الإلقاء الصوتي و الجسدي ،و كيف يتم توظيفهما من قبل الملقي الشاعر ...الممثل إمّا في أمسية شعرية أو في عرض مسرحي بغية التنويع في صورة الإلقاء لدى المتلقي و كسبه و إثارة انتباهه. للإلقاء وظائف و أهداف عدّة بأتي في مقدمتها قيام الملقي بنقل المعاني و ايصال المشاعر و تبليغ الافكار لنصل في النهاية إلى خلق الجو ..و أوّل ما على الشاعر البحث عنه هو الطريقة التي يوصل بها ما بداخله من احساسات و صور شعريّة و معاني اي كيف يجسدها من طريقة لفظه التي قد تأخذ ك لعالم الحب و عواطف الحزن و الالم كلها معاني تولد من رحم الشاعر...أمّا الممثل المسرحي أوّل ما عليه فهمه والبحث فيه هي الشخصيّة التي يؤديها ...طريقة حديثها و لهجتها أو حتى التعبيرات التي يستخدمها حين يتكلم فيتعمق أكثر من خلال "رسم خصائصها و مميزاتها الجنسيّة النوعيّة و نفسيّتها ووضعها الاجتماعي ..." ،أي البحث في مميّزاتها كما "ينبغي على الممثل أن يؤكد و يقلد ويجسد دوافع الداخليّة و النواحي النفسيّة للشخصية التي يضطلع بدورها عن طريق تحويل لفظه أو عن طريق استعمال نوع جديد من الإلقاء " وهذه الخطوط العريضة من وجود مشاعر وأحاسيس و معلومات لدى الملقي تمنحه التأثير بداخل المتلقي إمّا سامع للقصيد أو كسامع لنص المسرحي اثر القاء الممثل لدوره . نقل المعاني من وظائف الالقاء التي تشتمل على تقطيع المعاني و الفهم و مطابقة الشكل للمضمون ،أمّا في تبليغ الافكار الى المتلقي يجب على الشاعر و الممثل اختيار الطبقة الصوتيّة الملائمة و حسن استعمال الوقفات و لكي تتم عمليّة ايصال المشاعر الى المتلقي التي هي غاية الشاعر و الممثل ،من خلال "الايقاع في سرعة و بطئه وانخفاضه ....أما التسلسل فيكون على المستوى الفكري و العاطفي " ،و كذلك الالقاء يتضمن مجموعة من عناصر الصوتيّة وهي التي لم تصل للمتلقي أي السامع يجب توفر العناصر التاليّة فيها معدل السرعة وهي تتضمن وعي الملقي بالسرعة التي يلقي بها و ألاّ يسرع في إخراج الكلمات لكي لا تتداخل أو ألاّ يبطئ فيمّل السامع لأنّ"الصوت الجيد الذي تكون فيه مخارج الحروف واضحة و تعرف فيه قوانين اللغة " وكذلك حجم الصوت الذي تتحكم في أوتار صوتيّة التي يمتلكها الملقي ودوره يكمن في اخراج طبيعة الصوت و لنصل الى درجة الصوت حيث أنّ الملقي الرجل لا يملك نفس الطبقة الصوتيّة عند المرأة و كلاهما ليمتلكان الطبقة الصوتيّة التي يمتلكها الطفل لأنّ الطبقات تتنوع منها الطبقة الجادة والمنخفضة و المتوسطة ويتحكم في هذا كله اي درجة الصوت الى عمل الرئتين و كميّة الهواء المخزونة فيها ،حيث يستطيع الملقي أن يلون في طبقة صوته وطبعا لا ننسى الاشارة الى كون هذا لا يحدث الا بالتدريب عليه ، لنختم بنوعية الصوت أو لونه و هي التي تميز أي شاعر عن أخر و أي ممثل عن ممثل أخر وكذلك في اختلاف الحالة المراد تبليغها فالصوت المعبر عن الحزن ليس نفسه المعبر عن السعادة و الى الخ ،في الالقاء يكيف نوع الصوت او لونه صفة عدّة عوامل عرضنا لها و هي سعة فراغات الرنين ، طول الطبقتين الصوتيّتين و سمكهما ومقدار شدهما ،مرونة عضلات الحنجرة ،مقدرة الإنسان على السيطرة على الهواء الخارج من الرئتين " ،فالخطاب الشعري عند الشاعر بين أبياته تنضوي تقنيات تعبيره لتكشف على نوع البوح الذاتي الذي يشمله ليكشف على بواطن احساساته و خفايا التي لا يمكن للمتلقي معرفتها إلاّ من خلال تجسيد الشاعر لها عبر ما هو ملفوظ وطريقة الالقاء و احساسه ، كذلك الممثل المسرحي يبحث عن صوت الشخصيّة ويتدرب عليها ابتداء من طريقة اللفظ و الاسلوب و الالقاء الذي يتماشى مع حركات جسده وإحساسه ليتمكن من خلال الإلقاء الصحيح تبليغ كل ما لا يمكن للحركة ايصاله ...و ما جعلنا إذن حاولنا هنا الالمام بثقافة الالقاء عند الشاعر و عند الممثل دون اللجوء الى اظهار نقاط التشابه او الاختلاف فقط تناولنا كل واحد منهما و احتياجاته و اسلبه في تبليغ الأفكار و المعاني و الأحاسيس.

المراجع :
- -إلياس (دماري)قصاب(حنان):المعجم المسرحي –ص 60
--الكاشف (مدحت)،اللغة الجسديّة للممثل –ص 13
-غرو تفسكي (جينرزي)،نحوى المسرح فقير-123
--مسلم (مقداد ):محاضرة ألقاها بالمعهد العالي للمسرح والموسيقى بالكاف في مادة الصوت -2010'2009 بتكثيف مني
-كريستي (ج.ف)،تربية الممثل في مدرسة ستا نسلا فسكي –ص 198

نسرين مشراوي -تونس

هناك تعليق واحد: