أبحث عن موضوع

الجمعة، 26 أغسطس 2022

نص سردي .......... بقلم : علي الزاهر - المغرب




سنواتي دراستي الجامعية ، لم تكن سهلة ، ففي السنة الأولى ، أكاد أكون منكمشا على عوالم ذاتي ، لكن ظهور صديق جديد من تربة أخرى ، غير مجرى تفكيري و رغبتي في الإنكماش ، فقد لعب دورا كبيرا في انفتاحي على عوالم مكناس الغامضة لي ، و أنا القادم من الجنوب الشرقي ، أحمل معي أشياء جميلة و أخرى تنقص من كوني طالبا جامعيا ، انطوائي ، لا يكثر من الحديث إلا نزرا ، خجول ، حتى استعصى عليه مفاتحة الفتاة في حوار ما ، و بسيط الفكر ، لا انتماءات و لا ميولات ، الشغل الوحيد ، قراءة الكتب بنهم ..
لا أتذكر اللحظة التي أتاني فيها ابن مكناس ، مقتحما خلوتي الصحراوية ، لكني استصغت هذا الإقتحام ، فكان منه لي اهتمام عجيب ، فبدا بيننا توافق فكري ، جعلني أستل ذاتي من جلباب صحراوتي ، لأمارس أنا أيضا حرية طالب جامعي ، و برغم كل ذالك الانفتاح الذي مهد لي معرفة أصدقاء جدد ، و طبعا بدأت أنسلخ رويدا رويدا عن التلميذ ، الذي طغت عليه قساوة الطبيعة الصحراوية ، و سار في رفقة من عاشوا طبع المدينة و الحضارة التي تعرفها أجواء الإنفتاح ...
و بعد أيام قليلة من بدأ أول موسم جامعي ، التقيت صدفة بابن بلدتي ، كان بيننا تعارف كروي ، أكثر من تعارف مدرسي ، برغم دراستنا في نفس الثانوية ، إلا أن الجانب الرياضي و ممارسة كرة القدم ، هو ما عرفني به أكثر ، و بعد أخذ ورد عن مختلف التخصصات في الجامعة ، اختار شعبة اللغة العربية ، كنا أصدقاء ، رفاقا و إخوة ، و كان الليل وحده من يفرقنا ، مارسنا شغبنا الطلبي بلا انتماء لأي فصيل ، و حتى في قاعة أو مدرجات المحاضرات ، نجلس جنبا إلى جنب ، نجتمع من أجل إنجاز العروض التي نتكلف بإنجازها في مختلف المواد ، و نساعد بعضنا البعض ...
توطدت العلاقة بيننا ، و برغم ولادة صداقات أخرى ، تبقى الصداقة التي تجمعنا نحن الثلاث ، صداقة ذات طعم مختلف ، يجمعنا الفرح ، و الجوع و الشبع ، نسير بثبات نحو إنجاز أحلامنا ، و كلما غاب أحدنا ، ترك مكانه فارغا إلى أن يعود ...
و في آخر السنة الجامعية ، عانقنا النجاح برغم اختلاف ميزاتنا لكن فرح النجاح كان حلقة وصل بيننا ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق