أبحث عن موضوع

الجمعة، 31 ديسمبر 2021

خسوف /ق.ق .............. بقلم : ياسين خضر القيسي// العراق




حين امتطت الشمس صهوة الأفول تجاه مدن غابرة ، عساكر النجوم أقبلت متلألئة هادئة المسير كأنها تحط رحالها على صدر افريقية حسناء.
عند المساء السقيم، وبين أزقة ضيقة خالية ، كانت نظراتي ثاقبة أمام خطاي الوئيدة التي
أحطها في زحمة الليل على أديم الأرض، خوفا من التعثر والسقوط أقف مرّة ومرّة أتلفت
يمينا وشمالا أو خلفي، كنت أحس أن احدهم يقتفي اثري، إلا أن العتمة المفاجئة في تلك اللحظة اخفت جسدي كله ، مرّ بجانبي متلصصا بعينين جاحظتين علّه يظفر بي ، كتمت أنفاسي وأخذت الحيطة والحذر ملتصقا بالحائط فاردا يدي للجدار ماسكا به ، لم يرني
ثيابي كانت مثل لوني الأسود، عندها سلك الطريق المؤدية لزقاق آخر، اتخذت الاتجاه المعاكس له ، أسرعت الخطى هذه المرّة متخبطا بصفائح النفايات المبعثرة عند البيوت تارة
وبأعمدة الكهرباء المحنطة تارة أخرى ، توقفت هنيهة بما أصابني من ذعر وتعب جرّاء الهرولة وأنا أرنو إن عاد ورائي أم لا ، لكن النظر الموغل والمتمعن في تلك الأزقة المطبق عليها ظلام دامس خانني ، فعاودت مرّة أخرى أن استرق السمع لوقع أقدامه هذه المرة ، إلا انه توارى كما تواريت تماما عن سمعه وبصره، بعدها هممت وأنا احجل من تخبطي بتلك الأشياء قاصدا البيت ، بدأت احدث نفسي حول ذلك الذي أفزعني والذي أفزعني أكثر بتعقباته الأخيرة ، وأنا أسير في حلكة الليل العقيم وقبل أن ألج منعطف الزقاق المؤدي لبيتي فإذا بمتعقب آخر كان يترصد ني، كشفته قبل أن يراني بفضل سراج جارنا المعلّق على قارعة الطريق بكلاّب حديدي على ارتفاع بضعة أمتار ، لملمت بعضي وبحركة خفيفة دون إحداث جلبة عدت من حيث أتيت ، كنت احمل الخبز والخضراوات لصغاري ، إلا أن هؤلاء المقتفين كأنهم متفقون على إجاعة أولادي هذه الليلة، رفعت رأسي صوب السماء مدمدما مع نفسي بما أعانيه من تعب وجروح بساقيّ بكلمات الرجاء على أمل الرجوع لصبيتي ، دون أن يلاقيني احد من هؤلاء الملاعين ، ورغم كل التحوطات منهم ودون دراية وعلى غفلة مني وإذا بسكين تخترق جسدي الواهن وأخرى رقبتي ، وتوالت الطعنات واللكمات والركلات ، عندها سقطت ، لكن جل تفكيري كان بزغبي أينامون ليلتهم جياعا يتاما؟ وأنا مضرّج بالدماء على درجة الأفول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق