أبحث عن موضوع

الجمعة، 31 ديسمبر 2021

/// قراءة في قصيدة.. ( عناكبُ الحنينِ )للشاعر مصطفى الحاج حسين ...... بقلم : الناقد والفنان والملحن : سامي الحاج حسين




تحياتي ومحبتي شقيقي المرهف الغالي مصطفى..
قصيدتك ملأى بالتصوير المريع، وبالتعابير المدهشة التي يكتنفها العذاب اللامتناهي؛ ومشاعر التذمر والاستياء من الواقع الثقيل؛ والخوف من المصير المجهول،تنطوي على انسجام في المتناقضات الشعرية العذبة البادية من عنوانها وصولاً إلى خاتمتها.
وقد استطعت في قصيدتك أن توظف بكل جمالية وجدارة الشاعر المقتدر معظم عناصر ومظاهر الطبيعة الخارقة من أرض وسماء وبحار ونار ورماد في خدمة مشاعرك، وكذلك وظفت مايعتري الإنسان من ضعف وهواجس ومواقف تجاه العدم أو الموت المحتم وكل المنعكسات الموضوعية الخارجية على وجدانات ومشاعر هذا الكائن المفرط الحساسية من انبعاثات الحنينٍ والشوق والألم والمرارة والخوف من العدم أوالمجهول.
مفرداتك الحادة تشي بقلقٍ فظيع من الوحدة والاغتراب وتصف بعنفٍ عذابات الإنسان وآلامه وعجزه عن الفعل أمام أحداث حاضره ومفروضة ومصيره مرتقب مرعب.
ولعلّ هذه الحدة العفوية جاءت نابعة من أعماق ذاتك للتمرُّد على إحساسك القوي بالظلم الكوني والاجتماعي ولتؤكِّد جبرية الطبيعة والإلزام الاجتماعي وفضح الوجود المفروض بسادية مفرطة على ضعفنا الإنساني بلا رحمة.
ولعلَّ زحمة الصور وكثافتها في القصيدة راحت تأخذ بك نحو التوحد بالطبيعة على وسعها، تلك الطبيعة التي تحكمها قوانين صارمة وآبدة،وقد راح كل مافيها يسكن فينا وينطق بعذاباتنا ..
فلَكم تأخذك قصائدك اليوم نحو فلسفات سوداوية تشاؤميّة معقدة وكم أصبحتَ تشكو فيها من الوجود الإنساني التعس في الحياة، وتأسفُ من خلالها على مصائر البشر السوداوية..
ولعل أكثر ماأدهشني هو الخاتمة الشاعرية المثالية في قصيدتك هذه؛ بأن ينام المرء على رماد جسده، وكأنَّما روحه أو روحك المستفيقة الهائمة باتت متحرِّرةً من جسدك المنهك المحروق،فتبدو محلِّقةً دائماً، لتأوي إليه بعد طول عناءٍ عند النوم، فتتوسده وترتاح فوقه،وكأنها حارسة لرماده وتشكل من ذاتها غطاءً له..
أحييك وأبكي معك ماضينا وحاضرنا ووحدة مصيرنا أيها الغالي..
ويالك من شاعر حداثي عملاق..تكتب قصيدتك بمشاعر صادقة نابعة من قلب ثوري حارٍّ وبِصوَرٍ يرسمها بالرهافة خيالُك الخصيب..
وفقك الله وأسعدك ودمت في ألقٍ وبهاء.
سامي الحاج حسين .
================================
القصيدة :
*/// عناكبُ الحنينِ ..*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
أمسَكَ بيَ الشوقُ
انقضَّ على دمي
أشعلَ وقتي بسكينِهِ
وراحَ يعوي على أنفاسي
ركضتُ داخلَ دمعتي
صرختْ نوافذُ موتي
وتكالبتْ على خطواتي المسافاتُ
حدَّقَ بيَ الأرقُ
تفرَّستنِيَ الهواجسُ
وجزَّتْ لهفتي الكلماتُ
إنِّي أبصرُ عناكبَ الحنينِ
تقتاتُ على نبضي
تشربُ نسغَ رؤاي
وتلبسُ ناري
تتجمعُ الأماكنُ في اختناقي
تسكنُني العاصفةُ
وتطلُّ منِّيَ المرارةُ
السَّماءُ تتكورُ داخلَ الصمتِ
الأرضُ تغوصُ في لوعتي
والبحرُ يسبحُ في ركنِ عذاباتي
أنا حائطُ الغمامِ
بوَّابةُ السَّعيرِ
منبتُ العدمِ
أسرجتُ ضعفيَ للذّكرياتِ
ورحتُ أتشمَّمُ كفنَ النهايةِ
لأنامَ على رمادِ جسدي .

مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق