أبحث عن موضوع

السبت، 30 أكتوبر 2021

الشيخ و المهرطق / قصة قصيرة ............... بقلم : صباح خلف عباس // العراق









كنت أطفو للأعلى , كنت أستحم في عالم الهرطقة ليل نهار كمن يسبح بماء الورد , ثم سقطت فجأة ٠٠٠وجدتُ نفسي قد شُطِرتُ إلى نصفين ٠٠٠٠ أنقسمتُ إلى قسمين , مُهرطِقٌ ومتدينٌ في آن واحد , أسبق أن راودك شعور بأنك شخص آخر ؟؟ ٠٠ "آه أيها الضوء , لِمَ أنت خافت لهذهِ الدرجة ؟"
فبلكاد أرى القادم عليّ الآن , لأن الضباب كثيف جداً ٠٠٠ لذا تقدمت اليه بثبات وعزم , تقدمت نحو القادم الغامض كالجنرال ٠٠٠ وسؤال يكبر داخلي " من ذلك الرجل ذو الهيئة الغريبة ؟؟ ٠٠هل سقط من السماء بفناء داري ؟؟"
إنه يشبه شخصية ما من التاريخ القديم ٠٠هكذا يبدو لي هذا ما فكرت به للتو وأن علاقتنا ستكون معقدة جدا ٠ دنوت منه , تمعنت فيه عن قرب , بدى لي كأنه ساحر ٠٠ يخترق الزمن والفراغ وكذلك بيتي الآن ٠
وكأني استيقظت من سبات , قلت في نفسي : " قد حان الوقت لتوديع ذلك القلق , وعليّ أن أصل إلى أبلغ المناطق في عقلي والتي كانت مغلقة منذ أعوام
أشغلت عينيّ بدل فكري بادئ الأمر ٠٠ فوجدته بهيئة فيلسوف , يرتدي ملابس خشنة , ويتسلح بدفتر وقلم رصاص , أطمئن قلبي , وسكن روعي ٠٠سبقته بابتسامة عريضة للترحيب به , و أجلسته مقعدي , لحيته كثة بيضاء ٠٠ذو انف طويل , يعتم بعمامة لون لحيته ٠٠ عملاق على اقل تقدير , يحتذي نعال قديم بأصبع كبير ومكشوف ٠٠ ما إن جالسته أحببت ذلك الرجل , شعرت بانه يمتلك السكينة الداخلية ٠٠ فعولت عليه ان يخرجني من عالم الهرطقة حيث كنت اطفو ٠
افكار اسطورية بدأت تتدفق في ذهني٠٠أسئلة كثيرة تلح على عظمة جمجمتي ٠٠ وهناك يبزغ أحساس متناقض بأن كلينا لاينتمي إلى الآخر زمانا ومكانا ٠٠ وراح خيالي وأنا أُبحلق فيه كأني وإياه داخل خيمة عفنة , نحاول التوافق في رسم عالم يستوعبنا نحن الأثنان , فتسألت مع نفسي : " من هو ؟ " فقلت له مُبادرا : " أضللت طريقك شيخنا ام أنت نازل عليّ من السماء ؟؟ ألك أصدقاء هنا ، أعداء ما ٠٠؟؟
أجاب كاسرا صمته الطويل :" إذا أردت أن تعرف من أنا ٠٠ ومن هم أصدقائي , أو أعدائي , فلا تُخرب ما بيننا بالتشكيك وسوء النية ٠٠٠٠" أندهشت بشدة ثم رددت عليه : " وكيف ذاك ٠٠؟ " فأجاب :
" آه لو تعلم كم عدد الأذهان التي قرأتها ٠٠ قبل أن التقيك ٠٠ على كل حال , أسأل ما تشاء , ولكن بعد الصلاة ٠
قام الرجل يصلي , بصوت عال جدا ٠٠أيقنت داخلي بإننا مقبلان على خلافات جوهرية ٠٠ سقط دفتره الذي تحت ابطه, فرفرفت صفحاته كأجنحة طير ٠٠تركته يتم صلاته فبادرته مستكشفا دواخله :
" هل تفيد الصلاة ٠٠؟؟ اجاب :
" بالتأكيد ٠٠
" هل من الضروري أن تصلي بصوت مرتفع ؟" ردّ :
" لا ٠٠هذا ليس ضروريا ٠٠ يكفينا الهمس ٠٠" لماذا إذن ؟ ردّ
" لأن الملائكة تسمع أفكارك " قلتُ له :
"والأمراض التي لاشفاء منها ٠٠؟ "قال :
"لها صلوات مخصصة ٠٠لو آمنت طبعا , إيمانا حقيقيا ً في أعماق روحك ٠٠لو تحليت بالإيمان٠٠الإيمان أهم شئ ٠٠لأنه سيسلمك إلى ملاك ما ,, و بإذن الله ستشفى " ثم أدف :
" إذا كنت كذلك ,فأنت أذن بحاجة إلى الصلاة ولدي , صلاة سلمية تُبرّد غضبك ٠٠ وتُغذي رووحك العاصية ,وبعدها تصبح كأنك مسلح نوراني ٠٠مُسلح بالحكمة اللانهائية ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠"
كانت حياتي دائما صراعا ضد كل شئ ٠٠و كنت أظن إني أعرف كل شئ ٠٠ولكن هذا الرجل المُسن وكأنه بعمر الزمن أدخلني في أكبر أزمة الآن فقلت له :" أنت مفرط قي التأويل ٠٠ وما أنت الإ متدين متحمس كما يبدو " ضحك مقهقها وبصوت عال أيضا ردّ عليّ :
" وما أنت الإ مجرد شاب مهرطق تجري في عروقك العصبية أكثر من الدماء ٠٠" ثم تابع :" ايُّ شمس كانت تشرق عندما حملت بك امك ٠٠ من الواضح أنها كانت شمسا سيئة وحارة جداً ٠٠٠"
الضيف النازل عليّ بدأ الآن يغرقني وبكل اصرار في بُركة وحل ٠٠وشعرت بأني لاأستطع إيقاف هذا الهجوم غير المتوقع منه ٠٠ هربت منه بالطريقة الوحيدة التي أعرفها , وهو الصمت ٠
وبعد برهة من الصمت بيننا ,وبعد تفكير خاو قررت أن أُصوب عليه رشاش أسئلتي التافهة ٠٠ رأيتها هي الأنسب لوقفه عن تلطيخي بالعار وإلحاق الأذى بكبريائي , وخروجا من الأزمة التي تُحاصرني سألته :
"هل الموت صعب شيخنا ؟؟. ردّ عليّ : " لا أعرف ٠٠٠ فأنا لم أمت سابقاً ٠٠"
تحيرت معه , فصعقته بسؤال آخر : " أين يذهب الأموات ؟؟ قال بسرعة :
" لا أدري ٠٠٠ هذا منوط بأعمالهم ٠٠٠
أسئلة عشوائية سخيفة : وإجابات سريعة مقتضبة منه ,
اصبحت الآن كمن يطارد ذيله , أقف عاجزاً أمامه رغم أني كنت أعتقد بأني الأفضل في خلط الأمور , وها أنا أشعر بالضآلة اكثر فأكثر ٠٠لكني رغم ذاك لم ابكِ في العلن رغم شعوري بأن روحي يتم إحتلالها , ولا أستطيع إيقاف هذا التدهور ٠٠٠ثم أصبحت مجرد شاب سيء يودّ التكفير عن خطاياه ٠٠مجرد لاعب مسكين يتبختر ويتعثر كل حين ٠٠وأُريد الآن تعديل تعديل الأجزاء التي كرهتها للتو في نفسي ,أحاول أن أسترد كرامتي المهدورة منه ,فقررت بجنون أن أسدّ عليه الطريق ٠٠ توضأت وقمت إلى الصلاة ٠٠٠٠
ما إن أنتهيت ٠٠ التفت فلم أجد له اثرا , تاركاً إيايّ في أوسع حيرة وغموض ٠٠فقط الغيوم في الأعلى وهي تبعثر الضوء النازل ممشطة إياه ٠٠٠٠٠



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق