أبحث عن موضوع

الأحد، 24 يناير 2021

تأوّهاتُ نيرودا .............. بقلم : عبد الجبّار الفيّاض // العراق



ليسَ سَهلاً أنْ تُخطَّ على سبورةِ الدّهرِ سطورٌ

بانطفاءِ حياة

ذاكَ إنجيلٌ من غيرِ نبيّ . . .

إلآ بمَنْ يُطعمُ جرحَهُ وخزاً من خاصرةِ الجوع . . .

يدٌ 

أصابَها الرّعاش 

لكنّها 

تُمسكُ نهاياتِ ما أبدعَهُ الكِبار

تنقشُ إيقوناتِ عِشقٍ على جداريّةِ البقاء . . .

. . . . .

وردةٌ بيضاء 

يشمُّها هو والصّباح 

يتمنّاها على صدرِ عاشقةٍ

قطراتِ طلٍّ 

وشاحاً لعائدٍ من مدينة 

مزقَتْها حرابٌ من أمٍّ واحدة . . . ١

فرانكو 

ذراعُ الموتِ المحمولِ على قرونِ ثيرانٍ 

يُفزعُها اللّونُ الأحمر . . .

تشلّها رصاصاتٌ 

أطلقَها هو على صدرِ لوركا . . .

حينَ تكونُ الحياةُ رصاصةً 

فدعْها 

تشقُّ نهراً في يدِك . . .

مَنْ قالَ أنّ العالمَ ليسَ مقلوباً مذْ

وارى الغرابُ في التّرابِ سوءةَ أخيه ؟  

. . . . .

في سانتياغو

سحبٌ سود

تقترب . . .

إنّهم يعلكونَ الوطنيّةَ بأسنانٍ مركّبة . . .  

بما أنّي هنا 

أنتَ هناك 

بيننا خطٌ من رفض   

تلكَ مساحةٌ مُحرّمة !

الموتُ 

يزحفُ بلهفةٍ صوبَ ملعبِ الحياة . . . ٢

سيّئاتُ كُلِّ الأزمنةِ المفتوحةِ على انغلاقِ حُرمةِ آدم  . . .

تنفّستِ البنادقُ على صدورٍ عارية . . . 

توسَّدَ أرضَهُ الشّرف !

نزفَ قيثارُ جارا آخرَ أنغامِ الوفاء . . . ٣

اعتذرَ الصّباحُ . . .

هل كانَ لرصاصٍ 

اختارَ القلوبَ مقابرَ أنْ يعتذر ؟

. . . . .

ليس للبؤساءِ أنْ ترى عيونُهم زُرقةَ السّماء  . . .

خُلقوا 

ليقبَروا متى شاءَتْ سبّابةُ ذي العَصا الغليظة . . . 

عرَباتٍ

تجمعُ اللّذةَ لبطونٍ 

ألفتْ ما انعدمَ في صحونِ الفِخار  . . . 

بيدِها البَذار

ولياقاتٍ بيضٍ بيادرُ الحَصاد . . .

لِتمُتْ بعدَها المناجل !

. . . . .

ماذا تُريدون ؟

نبحثُ عن سلاح !

ليس عندي سوى الشّعر

جِلدي الذي أرتديهِ منذُ أنْ غيّرتْهُ إنسانيّةُ الإنسان  . . .

تلمّسوه 

ليسَ بعيداً عن غرفةِ بينوشيه 

ببدلتِهِ العسكريّةِ المُوشّاةِ بعظامِ الموتى . . . ٤ 

ربما 

تجدونَهُ في حديقتي زهورَاً

تشابكتْ بُيوتاً لفراشاتٍ هاربةٍ من جحيمٍ 

اسودَّ فيهِ بياضُ الصّبح  . . . 

. . . . .

كتبتُ عشرينَ قصيدةً 

وأغنيةً يائسة ٥

تخرُقُ عُقَبَ شرِّ ما أنتم فيه  

تزرعُ الزنابقَ في سَبخِ الأرض . . .

ليسَ بينها وبينَ عيونِ الحُبِّ حجاب !

كذا هم شعراءُ الشّمس

لا يُغرقُ سُفنَهم زمنٌ 

تقرصَنَ على بحرِه . . .

يملكونَ مالا يملكُهُ تُجّارُ حروبٍ تسافلوا لِما تلعنُهُ ألسنةُ طيرٍ مذعورٍ من دويِّ القنابر  . . .

إذا كانَ الرّصاصُ لغةَ الموت

فالشّعرُ لغةُ الحياة !

. . . . .

لا لغيرِ عينيْكِ 

لزنزانةٍ حُبلى بغدٍ 

لا يتحدثُ بلغةِ الأبراجِ العاجيّة

تُكتبُ القصائد . . .

آهٍ

لو أنّهم قرأوا ما أفضْتُهُ على خصلاتِ شعرِكِ المُنسابِ جدولاً في ظمأِ الرّوح

ما جمعتُهُ من أنفاسِكِ شعرَ غزل

لأطعموا النّارَ كُلَّ البنادق . . .

مسحوا سوادَ الحربِ من وجوهِ الأرصفة . . .

رقصوا في جماجمِهم الفارغةِ على أنغامِ الفلامنكو . . . ٦

إنّهم لا يروْن أنّ النّهاياتِ تبدأُ  حينَ تدوسُ كراريسَ الصّغارِ أحذيةُ الجنود . . .

. . . . .

أزفتِ السّاعةُ

ليتَها إحدى رصاصاتِ لوركا

جارا 

استضافتْها هذهِ البقايا النّازفةُ لوداعٍ أخير  . . .

أهتفُ بعدَهُ 

مرحباً 

أيُّها الطّينُ المُقدّس

مرحباً أيُّها الرّحيلُ البارد . . .

لكنّما الموتُ لا يسعدُني هذهِ المرّةَ كذلك !

. . . . .

أيلول / 2020


١ - كان الشاعر في مدريد شاهداً للحرب الأهلية الإسبانية .

٢ - ملعب سانتياغو لكرة القدم. 

٣ - فيكتور جارا فنان القيثار الذي قتل في مجزرة الملعب .

٤ - قائد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الشرعية. 

ه - ديوان الشاعر الذي رشحه لنيل جائزة نوبل .

٦ - موسيقى مشهورة في إسبانيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق