أبحث عن موضوع

الجمعة، 13 مايو 2016

تأملات قرآنية : التابع والمتبوع ........................... بقلم : جواد الحجاج // العراق



بسم الله الرحمن الرحيم
( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ( 166 ) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ( 167 ) ) سورة البقرة المباركة
من الخيبات العظمى والخسارات الكبرى .. يوم القيامة ما يتعرض له فئة مرتزقة باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم ..
خسروا كرامتهم الشخصية واحترامهم لأنفسهم في الدنيا وارتضوا أن يكونوا تابعين ذيولا للطغاة أو أشباههم ..
فتحملوا ذل العبودية في دنياهم مع قليل من متع رخيصة واضواء كاذبة وهم يسيرون في ركب الطغاة يعبدون لهم طريق طغيانهم ..
قد يبدو حال هؤلاء التابعين مثير للشفقة لكن يجب الا نتعاطف معهم بأي شكل ..
فلولا هؤلاء الذيول الأذلاء لما تفرعن الطغاة فهم شكلوا القاعدة الشعبية لهم والمحرك المعنوي بتزلفهم وكذبهم ونفاقهم وتملقهم ..
القرآن الكريم يرسم لنا مشهدا مفصلا للحوار الحاد والمخيب بين التابعين والمتبوعين .. حوار قد لا نجده في الدنيا حتى في حال انكشاف الحال بسبب الهيمنة التي يمارسها المتبوعين والضعة والهوان التي عليها التابعين ..
لكن في يوم القيامة كل شيء مختلف وقد بدا حال أسيادهم الذين كانوا يتبعونهم يرثى له وليسوا بأفضل حالا منهم ..
الحوار الذي يغادره الأدب تتبادل فيها الاتهامات في مشهد مخزي ..
حيث يتبرأ فيه المتبوعين من التابعين التابعون من المتبوعين ويتهمونهم بأنهم خدعوهم بإغراءاتهم المادية والمعنوية واستمالوهم ترغيبا وترهيبا ليكونوا لهم تبعا ويبدون ندمهم ويتمنوا لو عادت عقارب الزمن حيث الحياة الدنيا سيتبرءون منهم ومن خدمتهم كما تبرأوا اليوم منهم .. وهي أمنية مخادعة كاذبة فلو عادوا لمارسوا ذات الأدوار الذليلة فهذه الشخصيات الوضيعة عاشت في ظل الطغاة ولا تجد انفسها الا في نفاقها لهم فهي شخصيات تافهة مهزوزة مهزومة لكنها كانت وستبقى وقودا ومادة أولية لصناعة الطغاة والمستكبرين ..
أما المحير أن هذه الآيات الكريمة التي تصور هذه المشاهد بتفصيل مذهل يقرأها التابعون والمتبوعون وهم يعرفون بعضهم جيدا ومع كل هذا يمارس التابع دوره بكل ذل ويقوم المتبوع بدوره بكل غرور وتكبر ..وكأن الأمر لا يعنيهم مما يدل على أنهما يستحقا العذاب ويمارسان دوريهما بكل وعي لما يفعلانها مما يعني أيضا كذب الادعاء بتغيير منهجهم في حال كان لهم كرة أخرى .. وكفي بالله بهم خبيرا بصيرا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق