أبحث عن موضوع

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

الحب حقيقة لا تموت .............. بقلم الكاتب : فراس الفهداوي الدليمي /// العراق


لا أومن بالحب الحسي ، لأنه حب شهوني
وإذا بردت الشهوة فيه ، برد الحب وانتهى .
قد يعترض علي الكثيرون ، وخصوصاً الشبان لكن لو نظرنا عميقاً في الموضوع الاثير الى النفس .
نرى ان الحب المنزه عن الدنس هو الابقى وله الدوام والاستمرار
قرأت كثيراًمن الكتب بهذا المعنى ، مشار إليه أن الحب الذي يبدأ بالحسيات ينتهي بالمثل ، يولد على الأرض ويطير باجنحة خفية إلى السماء .
فالحب الأرضي هو الدرجة الأولى في سلم الحب ، بينما الحب السماوي هو غاية الحب .
أن الحب المنزه عن الغرض هو الحقيقة الساطعة التي يجب أن نصونها وندافع عنها .
سقراط نفسه يؤيد ذلك من قبل .
ويعدد درجات الحب المختلفة فيقول عى من يسير في طريق الحب الطبيعية أن يسمى للاتصال بالاشكال المادية الجميلة منذ صباه فيحصر حبه في شكل واحد يوحي إليه المفاخر العقلية .
ثم إنه يلاحقظ في الخطوة التالية أن الجمال في شكل واحد هو شقيق الجمال في شكل آخر ، لذلك يتحول حبه العنيف من الشكل الواحد الى الاشكال العديدة .
ومن الشخص الواحد الى الاشخاص الكثيرين لأنه يلمح في جميع هؤلاء الاشخاص انعكاساً للجمال نفسه .
ومن ثم ينتقل حبه من الاشكال المادية الحسية الجميلة الى النفوس الجميلة ، فجمال النفس المشرقة ارقى من جمال الابدان وأبهى ، وجمال الروح المستنيرة أوقع في النفوس واروع من الجمال الحسي .
ثم يقود هذا الحب النفساني المحب الى حب المؤسسات والشرائع فيصبح حب الؤسسة في نظره أرقى من حب رئيسها بروحه وشريف عواطفه .
كذلك يصبح حب العائلة ارقى من حب الزوج لزوجته اللذين يؤلفان هذه العائلة .
كذلك قل في جمال كل مؤسسة أو شريعة أخرى .
وهكذا .
تنصهر نفس المحب في بوتقة الجمال ويسير في طريقه الصحيح الممهد فيرتقي من حالة إلى حالة حتى تنفتح عيناه على جمال العلوم الطبيعية فيقبل عليها ويتعلق بها تعلقاً ينسيه انواع الجمال التي مر بها .
هذا هو عشق العالم لعلمه ، وهو أرقى من عشقه للمؤسسة التي ارضعته هذا العالم .
يتذوق طعم العلوم ومرارتها الحلوة بعد أن يمر في أتونها فتنجلي له عندئذ حقائق الفلسفة وجمالاتها فيتعشقها تعشقاً كلياً ، ويخلص من ربقة عبادة الجمال قي شكل خاص او شخص واحد ، ومن عبادة الجمال في مؤسسة واحدة ، او شريعة من الشرائع ، حتى إذا اصبح فيلسوفاً بحكم محبته وشغفه لفلسفته مرت به لحظات خاطفة لا تمر إلا بالحكيم الذي تفتحت آفاق روحه وراتفعت دنيا عقله فاتحد بالمثل التي تكشف عنها الفلسفة ، ولاح له قبس الحق المطلق فعشقه عشقاً أبدياً خالداً ، حيث وجد بينه وبينه تماساً لا تفصم عراه .
هذا الحق هو الجمال المطلق العجيب في طبيعته الخالدة ، الذي لا يمكن انتاجه ولايمكن إهلاكه ، لايزيد ولا ينقص ولا يشبه بقية الاشياء ، من حيث انها جميلة من جهة ، ومشوهة من جهة أخرى .
لايمكن تصوره للذهن كتصور اعضاء الجسم الحسية ، او تصوره كعلم من العلوم ، ليس له وجود معين في الأرض او في السماء أو في مكان آخر ، ولكنه ذو شكل دائم واحد ، ثابت ملائم لذاته .
هو يمتزج بالحقيقة ذاتها فهو يخرج الفضيلة ذاتها ويتغذى بها ويصبح عزيزاً لدى الارباب .
هو نعمة ان صحت لكائن بشري ، كان ولا شك خالداً ابدياً قد يختلف سقراط عن افلاطون ، فاذا كان سقراط قد عمم فان افلاطون قد خصص ، فهو القائل :
الحب له حبيب يشتهيه ويشتهي امتلاكه
وحبيب الحب هو الجمال
فالحب يشتهي امتلاك الجمال ولذلك فهو ليس جميلاً والجمال هو الخير .
فالحب يحتاج الى الخير كحاجته الى الجمال وهو ليس جميلاً وليس خيراً بل هو بين الأثنين انه شيطان والشيطان وسط بين الرباني والانساني .
هو بفسر الاشياء الربانية والاشياء الانسانية بعضها بعض .
وهو وسط بين الفقر والغنى .
وبين الجهل والمعرفة لانه ثمرة الحاجة التي اثموت المضاجعة فولد الحب .
هنا ينقض سقراط اقوال زملائه في تشديده على تعيين حبيب الحب وهو دائماً الجمال .
وعلى اشتهاء هذا الحبيب الحب وامتلاكه ، ثم على ان الانسان لا يفتش عن نصفه إلا اذا كان ذلك النصف صالحاً جميلاً ، لأن الانسان في حبه انما يحب الخير فقط ، فالحب هو : الرغبة الصادقة التوليد الروحي والجسدي بفعل حضرة الجمال ، لآن القباحة والتشويه لا يلهمان النفس ولا يوحيان لها .
والحب هو عشق الخلود في النفس والجسد فهناك من يعتقدون أن خلودهم لا يكون في انتاج الاولاد ذلك فهم يجذبون نحو النساء . ومنهم من تحمل نفوسهم أكثر من أجسامهم ، فهم يبتدعون ويبتكرون كل ماهو ملائم للنفس .
فيخلدون بما يخلفونه من آثار فكرية سامية كالحكمة والفضيلة والعدل ، وما شاكل هذه الصفات التي رفع لها بنو البشر هياكل من العظمة والمجد لم يرفعوا مثلها لأي مخلوق بشري آخر .

د. فراس الفهداوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق