أبحث عن موضوع

الجمعة، 7 مايو 2021

لغة الأم مقال................ بقلم للأديب والشاعر سلمان فراج

يقول FRANK SMITH إن مَثَل الطفل لما يدخل الحياة كمثل من يدخل نادياً يعلِّم فيه الأعضاءُ القدامى الأعضاءَ الجدد أشياء جديدة بشكل غير مبرمج وبدون تخطيط ، وذلك على عكس ما هي الحال في دور العلم .

إذن ، من حيث كيفية التعلم والاكتساب المعارفي ، فالمعايشة البيئية التي تتكون فيها معارف الطفل في البيت ( النادي/ المجتمع ) مغايرة للمعايشة البيئية في المدرسة .
التعلُّم في البيت :
هو تعلم غير مبرمج ، ويتم بالتدريج وحسب الحاجة بدون ضغوط ولا فروض - يتعلم الطفل عن القمر في الليل ، وعن الحيوانات لما يتعامل معها ، وعن الحمّام لما يتحمم ، وعن البحر لما يذهب إليه …إلخ - . يحدث هذا التعلم بالتجربة الذاتية أو بإرشاد الكبار في كل حالة من هذه الحالات نتيجة استجابة عفوية / لا قسرية.
ما يميز التعلم في البيت :
الشمولية ( النغمة والمقطع والكلمة والجملة …إلخ معاً وبدون تفريق بينها _ شمولية تعلم اللغة ) .
الأم تعرف كيف تتدرج في تقديم معارف جديدة لابنها عن طريق اللغة من المكان الذي قد وصل إليه في الإتقان اللغوي والمعرفي .
أما التعلم في المدرسة فإنه غير نابع عن حاجة ، إنه مفروض ومبرمج . ولذلك ففيه تهديد وفيه عَزْلٌ وإحباط ، وهو ، لذلك ، يطرح أمام الطفل استجابة قسرية للمشاركة وللتعاون .
من هنا يتضح لماذا يرى التلميذ في النشاط المدرسي ، على العموم ، نشاطا ميكانيكيا بالنسبة له وليس نشاطا طبيعيا .
لا بد ، إذن ، من أن يكون أول اهتماماتنا موجها إلى إثارة اهتمام التلميذ ، وإلى جعله في مركز العملية التعليمية دون أن نتغافل عن حقيقة الفروق الفردية من نضج ومن حاجات ومن معارف ومهارت مكتسبة حتى نعينه على مواصلة الاكتساب من حيث وصل .
هنا تكمن أهمية المسح الأولي الذي تجريه المعلمة لرصد اهتمامات التلميذ ومعارفه ومهاراته الكلامية
والقرائية والكتابية . المعلمة الجيدة لا تكتفي بتقييم عام لطلابها بل تسعى لرصد موقع كل منهم من النضج ، ومن المعارف والمهارات اللازمة للتعلم الذي تقود دفته في صفها لتكون على دراية بما يلائم كلا منهم .
المعلم كالجنائني ؛ الجنائني السيئ يهتم فقط بمعرفة ما نضج من الثمار وما لم ينضج ، أما الجنائني الجيد فهو من يهتم بالحقل كله ويهتم بكل نبتة فيه ويعرف ما يلزمها من عناية خاصة .
المعلم الجيد إذن هو من لا يكتفي برصد ما هو موجود فحسب بل يحدق فيما هو أبعد من ذلك ….!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق