أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

أمِّي .....حديقةُ النورِ..................... بقلم : مرام عطية _ سورية




أسطولُ حنانكِ السرمديٌّ عتيدٌ، يخترقُ عبابَ الغيابِ يوزَّعُ حمائمَهُ الوادعةَ المثقلةَ بالرطبِ على دروبي الطويلةِ ، زارعاً الحبقَ والجوري على حفافها ، مزيلاً الوحشة عن أدغالِ نفسي المتشابكةِ، يبحرُ في محيطاتِ توهي بقارب النجاةِ ،يتناهى لمساحاتِ روحي المتشظِّيةِ، يدحرُ جيوشَ الخوفِ البربريةَ ، و يهزمُ ضروبَ السقامِ والفقرِ في جسدي النحيلِ ، فلولا ملائكةُ خافقكِ لاستباحتْ فلولُ القهرِ الباردةِ سهولي، و لقصمتْ أشواكُ الحيفِ الخريفيةُ أغصاني الغضةَ ،و لهتكَت فؤوسُ الطغاةِ بللورَ أحاسيسي .

يا نبعَ الحبِّ الثريَّ ، نهرُ رقتكِ الباذخُ الصفاءِ غيثٌ متدفقٌ لايثنيهِ حديدٌُ أو تلويهِ رياحٌ ، حباهُ الإلهُ أسرارَ الأمومة و زوَّدهُ بنسغِ الحياةِ ، ماأقدسهُ ! وماأعذبهُ في فؤادي !!

أمِّي الحبيبةَ ورد رقتكِ عطرٌ فريدٌ فكيفَ أغفلهُ أو أنساهُ ؟ و قربكِ الجنةٌ التي وعد بها الله أحباءهُ ، فكيفَ لا أطمعُ بالقربِ ؟!

اعذريني فكم أحنُّ إلى كرومِ الطفولة النقيةِ في حضنكِ الدافئ كعشٍ تزقزقُ فيه العصافيرُ ! أغترفُ من صحونِ الذكرياتِ الفرحَ الأخضرَ مع أخوتي الأحباء الذين تبعثروا كأوراقِ شجرة ليمونٍ تحت سياط الرياحِ ، وكم أحلمُ أن أتفيأُ ظلالها من هجيرِ الزمن ، أصلِّي في كنائسها مرتلةً مع جنودكِ لرب المجد

ماأبهاكِ أمِّي ! مدينةَ جمالٍ عريقةً ثريةً بمناجمِ الرحمةِ و وغدرانِ اللطفِ ، تعتزُّ عشتارُ بانتسابها إليك ، وتزدهي أفروديتُ بأقراطِ بهائكِ، ألم تكن أبراجُ عينيكِ حلماً لسومر و كنعانَ ؟ !!

يا حديقةَ النورِ ، عمِّديني بالضياءِ ، مدِّي جدولاً عذباً من دفءِ ضلوعك إلى نبضي الأيسرِ ؛ فتنبتَ أزهارُ السحرِ في حقولي اليابسةِ ، تزغردُ سنابلي العطشى ، ويكتسي شعري الباهتَ بثوبِ الألقِ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق