أبحث عن موضوع

الجمعة، 15 فبراير 2019

حُمّى اللقاء _ قصة قصيرة ................ بقلم : رسول يحيى // العراق



تشع من أعماقي لهفة تقضم الثواني كخطوات سلحفاة هرمة. وقفت كالفزّاعة المكسورة الجناح. أترقب انفراج الباب ودخول الأهالي، مسحت بنظراتي المنشطرة بين الباب والمكان فوجدت حال الأسرى كحالي بل أحياناً أشد. جاهدت في جمع نثار جسدي فوق قدميّ المرتعشتين دفعت نفساً عميقاً شبكت يديّ حول بعضهما وأسندت ظهري على الجدار:

- لماذا لا يفتح الباب؟ ولماذا هذا الانتظار القاتل؟ ماذا ينتظرون؟ هل يخضعون العوائل لتدقيق مثلما خضعنا نحن للتدقيق والاستنطاق طيلة أسبوع؟

شعرت بثقل الأسئلة تدور بفلك الرأس الدوار يهشم الصبر ويحيله إلى ذرات متطايرة.

المفتاح بيد السجان كبندول ساعة توقف عن العمل، ولادة عسيرة بين القفل والباب. يشب وجع هائل يعج بالإرباك، حركة دؤوبة ودوي كلام يخترق الباب. لا أستطيع أن أميز أعدادهم ربما عشرات، أو المئات لا بل هم آلاف. أبحث بينهم عن أصوات عائلتي كالباحث عن إبرة في كومة قش.

يتدفق سيل جارف من أكوام بشرية، أطفال، شباب، نساء، ورجال كبار. أشباح أجساد تركها الانتظار تنوء بخطواتها اتجاه ملاذها تبحث في الوجوه وتخالط الدموع بالألم، رغبة التحري في ملامح المغيبين لا تحتمل التبذير حاولت أن أرمم نفسي بسؤال:

- أكيد سيعرفونني. وأعرفهم.

فزت حواسي ووددت لو أني أستطيع أن أرى وجهي عند اقتراب وقع خطوات نحوي وعطر قريب على نفسي. تحدثني نفسي: وهواجس صورهم مشوشة وتكاد تُمحى من ذاكرتي، فأنا أكاد لا أعرف نفسي وملامحي تغيرت كثيراً فكيف سيعرفني؟

ألتفت يميناً وشمالا، لم أجد أحداً، الكل انفضّ من الممر الضيق. حاولت أن أدير رأسي للخلف فلم أجد غير الجدار الرمادي.

وقف قبالتي لا يفصل بيننا غير متر واحد في حضرة المسافة وفي حسابات اللهفة التصاق الروح بالجسد. ظننت للحظة أنه حلم. ارتعد جسده متخبطاً بفضاءات القبل على يدي. أحسست بجسده كتنين ينفث نيرانا. توقف كل شيء وسقطت كل بديهيات اللقاء مددت أصابعي على فروة رأسه رفعت حنكه براحة يدي واحتضنت توأمي الذي فارقته ستة عشر عاماً كاحتضان الأم لطفلها الرضيع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق