أبحث عن موضوع

الخميس، 5 يونيو 2014

حياة عائلة عادية.............. بقلم الاديبة خديجة السعدي / العراق





لا تتذمّروا بعد الآن. كفاكم إيلاماً للآخرين. أنا لا أطيقُ كلامكم، كله هراء. وكلّما طرق سمعي هذيانكم بقصدٍ أو بالصدفة أصابُ بالغثيان. أحسُّ بعجزكم. لا بدَّ لي من الرحيل.
و أعرفُ أن لا شيءَ يعنيكم في هذه الدنيا سوى تفاهاتكم.
" هذه هي حياتنا ... لا جديدَ فيها. نأكل ونلبس ونلهو حتّى آخر يومٍ نعيشه."
نظر سمير إلى أخوته بقرف و تركَ المكان، بخطواتٍ سريعة اتجه إلى غرفة الضيوف المطلّة على الشارع الجنوبي المؤدّي إلى مرآب السيارات و أزاح الستارة عن الشبّاك. كانت نظراتُه تغورُ في اللاشيء.
" ثمّة أمورٌ لا أفهمها." تمعّن في أصابعه النحيلة وشيء ما غامض يلّحُ في ذهنه.
خرجَ من غرفةِ الضيوف واتجه إلى غرفته التي يتقاسمها مع أثنين من أخوته الصغار.
خطا نحو طاولته قرب الشباك الوحيد في الغرفة و أبعدَ بعض الأوراق المتناثرة دعكَ واحدةً ورماها بعيداً فاستقرّت مع أوراقٍ أخرى في سلّةٍ امتلأتْ بأوراقٍ وقصاصاتٍ مدعوكة. لكنهُ كان هادئاً على الرغمِ من كلّ شيء، أو هكذا بدا.
كانت تعابيرٌ مختلفة ترتسم بين الحينِ والآخر على قسماته ولتنتهي بابتسامةٍ هادئةٍ، هي كلّ ما يملكه إزاءَ ما يدور.
" الحمد لله الذي أسبغ عليَّ نعمة الكتابة والعزف، إلا لكنتُ أصبتُ بالجنون. سأجعلُ كلّ حرفٍ وضربة وتر إبتسامةً تشرقُ على أيامي القادمة."
تناولَ عوده وبدأ يعزفُ دون توقف لدقائق طويلة، ثم أخذ نفساً عميقاً وترك آلته على الكرسي إلى جانبه وتمددَّ على سريره منتظراً بزوغ فجر ما يغيّر حياته الرتيبة هذه.
بعد لحظاتٍ من التأملِ، قرر أن لا يفعل شيئاً. اتجه إلى المذياع القديم الجالس منذُ سنين على رفٍّ حجري قرب باب الغرفةِ وأدار القرص على صوتِ ناظم الغزالي. ابتسم بفرح ورفع صوت المذياع ثم فتح باب الغرفة.
خايف عليها
تلفان بيها
شامة ودكة بالحنج
لو تنباع جنت اشتريها.
أخرجَ رأسه من باب غرفته. كانت أمه على بعد خطواتٍ منهُ تحملُ كأساً كبيراً من الشاي.
هزّتْ رأسها إذ رأتهُ مبتهجاً.
وضعتْ الكأس على الطاولة وقبل أن تقول شيئاً أخذ سمير بتقبيل يدها وطلب رضاها.
ابتسمتْ الأم وقبلّتهُ على رأسه، ثم رفعتْ يديها إلى السماء:" احفظهُ يا رب ولا تُخيّب أمله في شيء."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق