أبحث عن موضوع

الاثنين، 10 مارس 2014

نص نثري..لنص شعري/ جولة محايثة لديوان سطر الشارع / للشاعر فلاح الشابندر




بقلم / قاسم العزاوي


هناك، كان اللقاء عند سطر الشارع ، ونثيث المطر ينساح من وفر الراس لقدميّ القامة المديدة ...والحروف والعبارات نجوم كالنحل المرتبك لهجوم مباغت تهرع صوب خلاياها المعشعة في فضة الرأس وأخاديد الذاكرة المتأججة بعناقيد الرمز..هناك..، قادني الصوت المنبعث من قرارة بئر عميق ..عميق ..!.
(أني ذو حظ عظيم ..وبأس شديد
ولمّا صدقت الناس نفسي ..وصدّقت
كذّبتني الصدفة...!)
وكأني به راح يتمتم كصوفيّ يناجي معشوقته ، وأندلقت دمعتان حرّى دارت في المجرين ، وبصوت مخنوق متاع تجلياته (ولي من الندامات الكثير..!؟؟)
قلت:أراك زفرت آهاتكَ وتنفست..؟
قال:ومازال يجفف انهمار الدمع ونثيث المطر ..أهلا برفاق الشارع الاوفياء ..
كنت اعرف من يقصد برفاق الشارع ، طبعا أنا منهم ..وجمع غفير ازدحمت ذاكرته بهم..وقادني من يدي في زرقة الليل الثلجي ( يرافقنا الشارع مشيا ..ثم مشيا ..مشيا ..ويمضي الى سبيله الشارع ) لكنه توقف فجأة وتساءل :
--- ماوقوفك هنا..؟!
قلت: لَكَمْ اعشق المطر..!
--- وما الانتظار...؟
: أنتظر غودو الذي لن ياتي..، وما فرح صديقي صومائيل بكيت..!
--- من أنت...؟
: رفيق الشارع ، بيد اني لااعرف هل أنا من يمشي على الشارع أم الشارع يمشي بي..؟!
تأملني بتوجس وراح يعود السؤال
--- أما سمعت الصفير ...؟
: بل سمعت الدويّ ورأيت الاشلاء تتطاير..
قال: آآآآآآآآآه....نفسي منخورة وأقفل المحضر..!
ومشى الشارع بنا ، من حارة لحارة ومن زقاق لزقاق ومن شارع لشارع ومن بيت لبيت يطرق الابواب يوّزع ماتيسر له من قير واسفلت ..، تبصمه اقدام المارة ذهابا وايابا ..ايابا وذهابا..من يوقف عجلة الشارع ..مَنْ..؟! من يوقفها من اللف والدوران..؟ّ!..
قلت ياصاحبي : لنترجل من الشارع وفي آخر حانة بزقاق ضيّق ومظلم تكوّمنا جسدين دائرين في شارع نوسم سطره بمواويل التذكر والتجوال..قال: ابن الشابندر قال:لنطرد الصحو المتبقي (سكارى فرحون ...مشفقون حميميون ..طيبون بالحبِّ..غاضبون ...العنفوان في ضحكاتهم مكياج حجر...
مجاميع ..مجاميع يجلسون ..(يرفعون كؤوسهم ويهتفون..تسقط السياسة والسياسيون ..تسقط النظرية .....تسقط الجغرافية..جدار برلين وجدار الصين..تسقط الرياضيات والفيزياء والكيمياء شياطين الدمار..يسقط التاريخ..)
قلت : ياصاحبي سيسقطونا ايضا ..لنرحل قبل ان يطاح بنا وندحرج فوق الشارع ويضحك علينا سطره الشاخص كبوابة عسكرية..؟!
إبتسم وسحبني أيضا كالاعمى ، وأخذنا الشارع مرة اخرى صوب مفازات الروح ، وصوب القُبل ..استدرجته لعالم المرأة وكنا نمتطي رصيف الشارع ، والشارع من تعب يلهث ويخور كثور مستفز يخور..وصديقي شاعر الرمز سرح بعيدا يلوك شريط التذّكر والاستحضار ، وفي مملكة النساء يتيه ، ترى اي حورية برق طيفها الان واي شفاه..؟!
قلت: قل لي عن القبل..؟ أراك تتلمض بالشفتين وراح يهدل..
(أقبلها مطراً..
مطراً
على المجرد العاري
فعل الماء في الاشياء
القُبلْ...)
قلت : الله ..حي على الفلاح ..فلقد ذاب فلاح..واضاف من مفازات القبل (ولأن القبل ..جوهرها شهد
مستفزة لذائذها
تتوسل الشفاه..)
وراح يترنم باناشيد القبل حتى جُنَّ الليل الى قبيل انبلاج الفجر ..وكلما انتهى من ورقة رماها لتأخذها الريح ، اطاردها وأدسها بحقيبتي الجلدية التي مافارقتني يوماً ولا فارقتها..وهو منشغل بمناغات الغيوم ونظراته صوب شروق الشمس..(الشمس التي أفتقد أهي نائمة...؟
وتبدد الانتظار وتوارى في دخيلته
سائح لامس على ساحل مراياه
مائلة في دخيلته صور ..)
لكنه فجأة قهقه بسخرية وقال:
أترغب أن اتلو عليك قصة طويلة جدا..
قلت: اذن سأكون جد سعيد..واعتدل بجلسته كحكواتي متمرس وراح يتلو
(صمت يحدثني مرارا ..
كان يا ماكان
وما سيكون..
في قديم
المنام....!)
ثم نام ، ابن الشابندر نام، والشارع يمشي ويمشي ، والارصفة تدور وتدور..وحين استفاق ذهل وهو لم يجد قصائده في جيب معطفه الاسود ..!
وبلوعة صرخ:
أين قصائدي ..؟ اين نزيفي الشعري..؟: اين البيان الهام ..والشارد الاخير ..واين السكران الاخير وسطر الشارع اين ..وثقب بالاستعارة والتانكو الاخير واين مفازات القبل ..واين واين..؟؟؟؟؟!!!!!
قلت: لاتجزع فلقد تلوتها بقصتك الطويلة جدا..وأخرجت من حقيبتي الجلدية التي مافارقتني يوما ولافارقتها، أخرجت كل قصائده ..حينها ابتسم بفرح طفولي وهو يتأملها ويشمها ويقبلها ايضا..
ناولني اياها مبتسما وقال:
لتخط ريشتك غلافها ..اريدها لوحة رمزية كرمزية قصائدي..
قلت : وهذا ماسيكون..
وكانْ....!
(قاسم العزاوي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق