أبحث عن موضوع

السبت، 5 يونيو 2021

آدم وحواء - خاطرة ........... بقلم : سما سامي بغدادي // العراق

 يضيق آدم ذرعا ًبصحبة تلك المخلوقة المدللة الطويلة الجديلة ، تلك التي كانت لا تسأم من الاغتسال في نبعٍ مضمخ بالأريج كي تزداد مشيتها تمايلاً فوق أهداب الغنج , كيف يكون هذا الكائن الكثير الكلام المولع بالتفاصيل مخلوقا من ضلعه رغم انه لايشعر بذلك ؟! أمّا حواء المفتونة بسحر الجمال فكانت تتأمل وجهها في مرآة الغيم ، وتمدّ يديها إلى السماء طمعًا في التقاط نجمة تزيِّن بها شعرها ، ولا يفوتها أن تتسلّل إلى ذلك الكائن الغامض المتغطرس , الشغوف بالأسئلة والشوق إلى نداء خفي تجلى حبوراً في عينيه , هكذا كانا وحيدين غريبين جمعتهما الجنة والخطيئة . 

قرب الشجرة ، تفجّر الندم فوق فسحة السلام ,وانكفأ التجني في أبجدية الأقدار , وظنّا أنهما غريمان يستحوذان وجعَ كلٍّ منهما على الآخر ، ولم يدركا أن ثمة فرح يتناسل في أشعة الشمس حينما تحتضن بسمتُه ظلّ بسمتها، وأن الوجع يذوي حينما تمتد لتتلقّف يدُه يدها. لم تكن الأرض حين نزلا فيها سوى كوة مهولة من العتمة حتى تناثرت نوراً من خصلات شعرها , وانطوت بالخضرة تحت خطوات أقدامه, وحين نظرا الى بعضهما انفرجت الأرض عن عصافير وغيوم صغيرة وفاضت الأرجاء مطراً وجاء الغسق هادئاً ، بألوان كثيرة : الورديّ يرتعش في الماء إلى جوار البرتقالي الفاتن , لم يريا ، من قبل ،  ألوانا تنبض بحرارة الحياة حتى أدركا لحظة قنوط الخلود , وملمس الأشياء الذي يغيب في اللحظة ، وتولد فوق شفتيهما . حين سوّرا كوخاً كان الدفء فيه يرتوي من جذوة عشق , ويهمس الصمت فيه أهزوجة ليل , ويزهرالعطر من حوله انحناءة فجر ويموج الكون دونه متمايلاً فيما يشبـه التلعثم . عند كل رجَّة من افتتان ليل يتنهّد في رئتيهما , توقّد الورد حمرةً على أكتاف الينبوع لملاقاتهما ، وتتعرى الشمس من طيفها الصيفي لتلبس نشوة الشذى ، وتتسوّر بخيط غيمةٍ مغمسة بأريج قِداحٍ غفت على خصرِها . رأى آدم وجه معشوقته حول أسورة الكوخ مرتسماً عند كل غصنٍ يانع , وتنفس بسمتها في أصيص الزهور , ولمعت عيناه بتفاصيلها المنمنمة, وراحت حواء ترسم ملامح معشوقها في تنهيده الفجر , وغواية الحلم , وبين خطى الشمس المتسللة وهي تنحت وجه القمر . حينها ، فقط ، أدركا أن الخطيئة هي أصيص الأوبة , حيث يولد الحب في جنّة الارض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق