أبحث عن موضوع

الجمعة، 8 أغسطس 2014

اصـــــوات في ذاكـــــــرة التاريـــــخ : زكـــــــــية جـــــــورج / اعــــــــــداد : حســــــــــن نصــــــــــــراوي / العراق




المطربة زكية جورج التي اشتهرت باغانيها العراقية في العقدين الرابع والخامس من القرن الماضي هي من اصل سوري. ولدت في حلب في مستهل القرن الفائت وقدمت الى بغداد عام 1920 مع اختها للعمل كراقصة في ملاهيها، وغيرت اسمها من فاطمة محمد الى زكية جورج للتستر على هويتها الاصلية. وفي عام 1926 انتقلت للعمل في ملهى صالح بطاط، وهناك التقت في وقت لاحق الأخوين الموسيقين صالح وداود الكويتي اللذين اعجبا بحلاوة صوتها واقنعاها بترك الرقص فبدأت عهداً جديداً في الغناء استمر أكثر من عشرين عاماً . وفي عام 1955 غادرت بغداد عائدة إلى حلب مستعينة ببقية من مال جمعته خلال عملها في العراق ، ولكنها بعد نفاد مدخراتها اضطرت للعمل في مصنع لحياكة الملابس النسائية في حلب إلى أن توفيت عام 1960 دون أن تترك في سوريا شيئاً يذكر بعد أن تركت في العراق أغانيها الرائعة التي كانت كلها تقريباً من تلحين صالح وداود الكويتي .
كانت زكية جورج تتمتع بجمال الصوت الحلبي الممتاز مع حلاوة نطق تمتزج بحلاوة النطق البغدادي . قوي مركزها في العراق حين تبين أنها على علاقة وثيقة بالفريق بكر صدقي الذي قاد الانقلاب العسكري الأول في العراق في عام 1936. هام بها الكثيرون حبا وعلى رأسهم الشاعران أكرم أحمد وكمال نصرت اللذان كتبا لها قصائد غنائية عديدة عززت مكانتها بين المطربات . وفي حفلة أقيمت تكريما للشاعر الهندي الشهير رابندرانات طاغور الذي زار العراق عام 1934 قدمت زكية جورج أغنية " يا بلبل غني لجيرانك " وهي قصيدة للشاعر طاغور ترجمها إلى العربية الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي . وقد لحن هذه الأغنية الموسيقار صالح الكويتي ، وكانت محل إعجاب الشاعر طاغور . وقد انتشرت هذه الأغنية بسرعة مذهلة، وغناها بعد حين المطرب الكويتي عبد اللطيف الكويتي وسجلها تلفزيون الكويت وعرضها مراراً على شاشته .
كانت لصالح الكويتي مع زكية جورج قصة حب وهيام حتى أنه عاش معها في بيت واحد لفترة من الزمن . بيد أن العلاقة بين الاثنين أخذت تضعف شيئا فشيئا، وارادت زكية ان تبتعد عنه فسافرت الى البصرة. وعندها طلب صالح الكويتي من الشاعر الغنائي إبراهيم وفي أن ينظم له قصيدة تعبر عن آهاته وأناته ، وهكذا ولدت أغنية " هذا مو إنصاف منك غيبتك هلكد تطول " التي لحنها صالح وأرسلها إلى زكية ملتمساً منها أن تتولى أداءها ، ولكنها رفضت طلبه، فاقترح عليه الشاعر إبراهيم وفي أن يعطي الأغنية لسليمة مراد لكي تغنيها كرسالة عتاب إلى المعشوقة الهاربة. وقد قبلت سليمة العرض وسجلت الأغنية التي انتشرت بسرعة فائقة وأخذت الإذاعة العراقية تبثها يومياً تقريباً استجابة لطلبات المستمعين .

"هناك من يقول ان زكية اكبت على الغناء فحذقته .... وآخر يقول ان نهضتها الغنائية وشهرتها فيها سببها معلمها الموسيقي صالح الكويتي . فلقد احبها واجهد نفسه في رفع مستواها الفني ولولاه لم تكن مطربة ولم تعرف ... نعم ان الكويتي اغرم بزكية وافرغ روحه الفنية فيها وغدا يبث لها حبه وهواه على لسان اوتار كمنجته فتتلقاه بقلب قينة شرود ... ان حب الكويتي لزكية لا نزاع فيه ، واما حبها له فهذا امر آخر يحتاج في اثباته الى كثير من الادلة التي لم نجد واحدة في قلبها. غير ان الذي لا شك فيه انها ما مالت اليه بقلبها كما هو ، وهي وان لم تجد في نفسها نوازع الحب القوي نحوه ، كانت تظهر له الحب المصطنع وعلى علم منه بذلك كان يرتاح اليه ... الحب كالقدر اتى واستولى على قلب الكويتي فراح يسقي زكية من معين فنه حتى اصبحت مغنية".
تاذيني
من اسطوانات "نعيّم"
احدى الاغنيات الرائعة التي لحنها الموسيقار العراقي صالح الكويتي للمطربة زكية جورج ويشترك معها في الاداء
تعد زكية جورج أول مطربة غنت في إذاعة بغداد بعد تأسيسها وتميزت بأغانيها البغدادية الشجية ومن أغانيها الشهيرة:
طير لتوكر انصحك طير
قلبي خلص والروح ملت من الوعود
اتا من اكول الاه
من الولف آه
البير
ياهلي
تأذيني
وغيرها من الأعاني التي لا تزال تغنى حتى وقتنا الحاضر والتي كان لها صدى واسع الانتشار.
في عام 1955 غادرت زكية جورج العراق إلى مسقط رأسها حلب وتركت الغناء وظلت تعمل في حياكة الملابس حتى توفاها الأجل عام 1966

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق