أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 18 مارس 2014

الجسد في النص الشعري.............. مقال بقلم الكاتب سعد المظفر / العراق



الجسد شديد الحساسية في النص لوقوعه بين اللغة ومادتها في إشكالية التموضع داخل القصيدة لتناولها في ضدية بين الانطلاق والملكية.
أن وضع الجسد في النص يعني الكشف عن التجليات برؤى أبداعية وقراءة الإشارات و الأسرار من خلال الاشتغال بتفكيك الحروف والكلمات لوجود علاقة بين المرئي ولامرئي وزرع الجسد على الورق أو الشاشة الفضية على شكل قابل للنظر و القراءة يخلق ارتباط حسي يساعد على احتواء المدون واستخراج الجسد من رحم الأبجدية واحضاره من غيب الحروف بفك الغزّل الأزرق للحبر الذي نسجه بين الوعي واللاوعي بالنفخ بباطن الشخصية الخارجة المتكئة على الذات المعبرة عن (الأنا وألانت) ولا تختلف كثيراً الكتابة على الجسد عند الهامشيين و المراهقين من الكتابة عن الجسد عند المبدعين ولا حتى في الصورة الموشومة على الأجساد أو المقروؤه في النصوص .
ولو أخذنا قصيدة (انأ والسياب) للدكتورة هناء القاضي كشاهد حي حين تقول :
ما كان العمر قبلك..إلا
سنيناً تدب في الجسد
فيم الفراق..
روحي على شفتيك تحترق
أو ليس يجمعنا حب
نظل عليه نعتنق
قد صنعت هنا الشاعرة للجسد مساحة مكانيه ليس له حرية الحركة (على شفتيك)بقدر ما للمعادلة من قيد (عليه نعتنق) هذا الالتحام الذي لم يكن موجود في(تدب في الجسد)ولا في (فيما نفترق) وصورة لنا (نحترق)بإلغاء الهوية الداخلية و الفاعلية بأحتراق روح الشاعرة في زمن القبلة منطلقتاً إلى أقسى ما في اللغة من التباس ولو أنها قالت (على شفتيك روحي تحترق)لغلبت الجسد على الروح التي أصبحت هي المنبه فأن الروح هنا امتلكت الإحساس الانفعالي المناسب للسلوك المندفع إلى الجسد وكانت النتيجة وقوع الجملة في حكم روحي مرتبط بالإحساس الجسدي وان الغاية من (أو ليس يجمعنا )لدفع التجريد إلى المكان الذي يحيط الجسد (نظل عليه).
أن شهية الانتماء هي هاجس تحقيق الذات بالمصاحبة مع الأخر الأكثر هيبة وقدسية (السياب) لتتقاسم معه العيش على الورق لإثبات الوجود الشعري بتحريك الأسئلة (فيم نفترق) (أو ليس )في سلوك مفاجئ للظنون دون تخطيط للبوح بالدلالة من قبل الوعي ولكنها خرجت علينا في (شفتيك) (نعتنق) في ربط مدهش لا ارادي ليلتسق الجسدين الشعريين ذكورتاً وانوثه في (نعتنق) بعد أن كان بينهما تلامس في (شفتيك)بالتذكير بالحضور الكامل للغائب .
أما الشاعرة السيدة رؤى زهير شكر فتختار أن تنعكس على مرايا النص لنراها في قصيدتها (المرايا والجدران) تقول:
في الزاوية
حيث المرايا والجدران
تركتني اختزل أنوثتي
بين الوعد والميثاق
فتنهد حريتي
خوفاً من العار
أنها عملية استلاب للجسد في الصورة المنعكسة على المرآة وفي الخيال الواقع على الجدار ولم يكن هناك سوى (الزاوية) إنما قالت (الجدران) (المرايا) لتأزيم النص في أداة أنثوية (المرآة) حين يقع عليها الجسد لتخلق البوح بعد أن خلقت الصمت في ( الجدران) وتكشف لنا على مرآة الورقة الجسد /الذات في انعكاس أفلاطوني يشتعل في ملامح النص لانتشال الذات من الجسد المتعب (تتركني أختزل أنوثتي) وكأن الجسد هنا في مواجهه مع الأخر و محاولة قهرية لاستعادة الصورة المحترقة (بين الوعد والميثاق) المنعكسة بين المرآة والذاكرة لتوثيقها في الذات الداخلة إلى ذاكرة المرايا وهذا الانعكاس لم يكن طليقاً بل محصوراً في (الزاوية) لنراها بعد ذلك (فتنهد حريتي) لينعكس الجسد مع المرآة وبها وفيها في حقيقة كامنة في الذات الفاعلة لنلمح البعد الأنثوي للجسد الذي يعاني (خوفاً من العار) ليتمرأى أمامنا الجسد ويضاعف البعد المرأوي في مضاعفة النص /المرآة ليطفوا الجسد في حالة من الانكسار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق