أبحث عن موضوع

الاثنين، 3 فبراير 2014

إنه زمن الحريزييـّــن ............ بقلم حسن هادي الشمري


في السبعينيات من القرن الماضي كانت شركة (إيراب الفرنسية المتخصصة في حفر الآبار وإستخراج النفط) تعمل في حقول بازركَان النفطية العراقية والتي تقع شرق البلاد وفترة السبعينيات والحق يقال كانت مزدهرة وتوفرت فيها فرص عمل كثيرة إحتوت حتى من ليس لديهم شهادات أو مهن معينة .. المهم لا أريد الخوض في هذا الأمر كثيرا ًفقط أردته كمدخل لأسلط فيه الأضوء على وجود الأعداد الكبيرة من الخبراء الستراتيجيين والمحللين السياسين في عراقنا الديمقراطي الجديد من الذين يتفلسفون علينا بترديدهم مصطلحات أجنبية كي يظهروا أنفسهم أمام الجماهير وعلى شاشات التلفاز في القنوات الفضائية بأنهم مثقفون وعباقرة ويستحقون الالقاب التي تطلق عليهم والمناصب التي حصلوا عليها .. أقول .. كان هناك شابا ًقروياً بسيطاً لا يحسن القراءة والكتابة أسمه (حريز) يعيش هو وأمه العجوز في أحدى القرى القريبة من موقع العمل أعلاه والتي أغلب سكانها من نفس العشيرة .. حصل على فرصة عمل في شركة إيراب ولطيبته وسذاجته أعطاه أحد الفرنسيين قبعة من النوع الذي يستعملها الأوربيون والتي كنا نشاهد الممثلين يرتدوها في أفلام (الكاوبوي) وكان من عادته عند رجوعه من العمل أن يستحم قبل تناول غداءه إذ كانت أمه تهيء له الماء الساخن قبل عودته بفترة قصيرة وكان أحيانا ً يتناول الغداء قبل الإستحمام يحصل هذا في الأيام التي يكون فيها جائعا ً جدا ً .. ذات يوم عاد (حريز) من العمل وكان على ما يبدو مستاء بعض الشيء من مشكلة حصلت له في دائرته إستقبلته أمه العجوز بالطريقة المعتادة ألقت عليه التحية والتي غالباً ما يستخدمها العراقيون .. الله يساعدك يمه حرز تسبح يمه (أي تستحم)؟
رد عليها حريز بعنف (نو) (NO)
(تتغده يمه) أي تتناول طعام الغداء
فرد عليها ب(نو) أخرى
فما كان منها وهي المسكينة التي لا تعرف شيئاً من دنياها .. إلا أن صرخت بأعلى صوتها تفزع رجال القرية والذي ما أن سمعوا صراخها حتى ركضوا بإتجاه بيتها ظنا ً منهم أن بيتها قد إحترق وهو المبني من القصب والبردي والطين وعندما وصلوا لم يجدوا غير أم حريز تلطم على صدرها وتضرب رأسها بكلتي يديها سألوها بذهول ما الأمر أجيبينا ماذا حصل؟ فكان ردها .. الحكَولي (إلحقوا لي) حريز (تكَرزن) أي صار أنكَليزيا ً ظناً منها بأن حريز نسي اللغة العربية جملة وتغصيلا ًوهي مصيبة ما بعدها مصيبة فما كان من القوم إلا ضحكوا بأعلى أصواتهم وعاد كل منهم الى بيته .. فما أراه في هذا الزمن الرديء الذي أفرز سياسين بلا عدد ومحلليين وخبراء ستراتيجين من مزوري الشهادات وأنصاف المثقفين الذين يحفظون بعض المصطلحات الأجنبية (ليبرالي .. كارزمي .. راديكالي ميكافيلي .. أجندات ووووو) صاروا يجترونها ويلوكونها إثناء المقابلات على شاشات التلفاز في الفضائيات التي تمتلكها بعض الأحزاب والكتل والتجمعات التابعة لدول الجوار والمنطقة ودول أخرى وبتمويل منها فيلوّنون ألسنتهم للنطق بهذه المصطلحات ليتفلسفوا على هذ الشعب المسكين والذي لا يفهم شيئا ً مما يقولون سوى أنه يراهم ببدلات أنيقة وأربطة عنق مزركشة .. لكنهم معذورون فهم لا يجيدون العربية لغوياً ولا نحوياً وحتى إملائيا ً !! .. فهم ليس إلا (حـريز) أو أكثر قليلا ً !!! مع كبير إحترامي للمواطن الطيب حريز ودعواتي له بالعمر المديد إن كان حيّاً وبالرحمة والمغفرة من الله تعالى إن كان ميتا ً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق