أبحث عن موضوع

الأحد، 6 ديسمبر 2020

سَبُو................. بقلم : العلمي الدريوش _ المغرب

 ..        


رَأيْتُ سَبُو * هَذَا الْمَسَاءْ 

رَأَيْتُهُ يَمْشِي عَلَى مَهَلْ 

مُطَأْطَأَ الرَّأْسِ كَفَارِسٍ أَسِيرْ

تَارِكاً خَلْفَهُ ذِكْرَيَاتِ السَّنِينْ

لَمْ يَعُدْ مُهَاباً كَمَا فِي الْقَدِيمْ

 يُثِيرُ الخَوْفَ والذُّهُولَ وَالرَّجَاءْ..

 

 عِنْدَمَا أَطَلَّ عَلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرْ

كَانَ يَبْدُو كَمَنْ هَدَّهُ التَّعَبْ 

فِي عَيْنَيهِ يَسْكُنُ خَوْفٌ غَرِيب

وَعَلَى أْكَتافِهِ بَقَايَا قَشٍّ وَطِينْ

لَمْ يَعُدْ يَرَى مَرْكَباً 

أَوْ نَوَارِسَ فِي الْأَعْلَى تَطِيرْ..

غَمْغَمَ كَمَنْ يحْتَاطُ أََنْ يَجْهَرَ بِسِرٍّ دَفِينْ

وَفِي فَمِهِ 

زَبَدٌ وَحَسْرَةٌ وَأَنِينْ:

أكُلُّ هَذَا الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ كَيْ أَغْتَرِبْ !؟

مَا أَوْحَشَ هَذَا الْأَزْرَقَ الْمُمْتَدَّ طُولاً وَعَرْضا

وَتُبّاً لَهُ مِنْ مَصِيرْ.  

مَاتَ السَّحَابُ مُعَلَّقاً فِي السَّمَاءْ

وَالْكُلُّ فَرَّ خَشْيَةَ الْوَبَاءْ

شَيْءٌ مَا يَحْدُثُ فِي هَذَا الْكَوْنِ الرَّهِيبْ !

فِي الْهَوَاءِ رَائِحَةُ شَوَاءٍ مُحْتَرِقْ

وَأَزِيزٌ  وَطَنِينْ

يَتَكَاثَفُ حِيناً وَحِيناً يَفْتَرِقْ..


أَحَسَّ مِثْلِي بِالنِّهَايَةِ تَقْتَرِبْ

فَوَدَّ لَوْ عَادَ إِلَى مَهْدِهِ فِي الْجِبَال

لَوْ يَسْمَع صَرْخَةَ الْحَيَاةِ 

قَبْلَ أَنْ تَذُوبَ بَيْنَ السُّهُولِ وَالْهِضَابْ 

لَوْ يَسْمَعِ الْخُوَارَ وَالصَّهِيلَ وَالثُّغَاءْ

وَدَّ لَوْ يَرَى الْأَرْضَ مِنْ جَدِيد 

تَفْتَحُ ذِرَاعَيْهَا لِلرِّجَالْ..


آهٍ وَآهٍ يَا فَوْرَةَ الشَّبَابْ

سَبُو غَاصَ فِي نَوْبَةٍ مِنَ الْبُكَاءْ

وَحِينَ رَآنِي أُوَاسِيهِ فِي حُرُوفِ الْهِجَاءْ    

جَفَّفَ دُمُوعَهُ بِالصُّخُورِ فِي غَضَبْ

وَادَّعَى مِثْلِي بَعْضَ الْكِبْرِيَاءْ

مَدَّ ذِرَاعَيْهِ فِي الْوَحَلْ

وَأَسْنَدَ رَأْسَهُ الثَّخِينَ 

إِلَى خَاصِرَةِ الْمَدِينَةِ الْحَزِينَة

وَغَطَّ فِي سُبَاتِهِ الْعَمِيقْ

فِي انْتِظَارِ أَنْ تُوقِظَهُ العَوَاصِفُ وَالرُّعُودُ فِي الشِّتَاءْ..


هامش:

* سبو: نهر ينبع من جبال الأطلس المتوسط في المغرب ثم ينساب قرب مدينة فاس ليواصل رحلة طويلة نحو مصبه بالمحيط الأطلسي في المهدية التي أضحت متصلة بمدينة القنيطرة.


القنيطرة 24 نونبر 2020


الصورة : وادي سبو  يخترق مدينة القنيطرة في طريقه إلى المحيط الأطلسي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق