أبحث عن موضوع

الاثنين، 3 مارس 2014

الصوت في اللسانيات الحديثة................. بقلم نسرين مشراوي / تونس


علم اللسانيات الحديثة ونظرته الى الصوت كيف تطرق علماء اللسانيّات الحديثة إلى مفهوم الصوت – الألماني -دي سوسير- كمثال ؟
سنتناول هنا الصوت كعلامة من منطلق " فريدان دي سوسير" ،لذلك نجد الصوت مهما كان نوعه متمثلا في الصوت أو الطقطقة أو الهمس ...فان معنى ثابت نظرا لكون أنّ العلامة من ضمن الأشكال التي وجدت عليها وهو كما هو لفظي والتي اعتبرها "دي سوسير" أنّها تتكون من جزأين وهما الدال و المدلول .
تبعا لذلك حدّد الدال على كونه "صورة سمعيّة مشتقة من بيان صوتي"،أمّا بالنسبة للمدلول فهو"التصور الذهني الذي تثيره الصورة السمعيّة في ذهن المستمع "،ونطرح في هذا مثالا : فعند سماع صوت لحيوان(الذئب)فان دال العلامة يرسم لك صورة الذئب وهذا يرجع إلى الصورة الذهنيّة، إضافة لكون " دي سوسير" قد ربط العلامة بدواخل الإنسان أي الإنسان الاجتماعي خاصّة و أنّ العلامة اهتمت كذلك بالصورة أي ما يتعلق بالجانب النفسيّ،لأنّه اعتبر أنّ العلامة هي" الشكل غير المادي للصورة المنطوقة أي صورتها الصوتيّة وكان يقصد بهذا الأثر السيكولوجي للصوت".
فالعلامة هنا هي تلك الأشياء التي تسمع ومدركها الأذن ،خاصّة وانّ" دي سوسير" تعامل مع وحدات صوتيّة خالصة بسيطة ليؤكّد أن الصوت ليس بشيء ماديّ بل" باعتباره حضورا لذات "، أي الانطباع الذي سترسخ عند المتقبل اثر سماع الكلمة التي تعطيه لوحة كاملة متكاملة متصلة بتاريخ ومجتمع ،ذلك الباث للصوت،وهذا الرسم يوضح لنا العلاقة القائمة بين طرفي العمليّة الكلاميّة.

هذا طبعا إلى جانب الفكرة التي تحدث عنها، والمكونة للعلامة اللغويّة،أي في اجتماع الصوت والفكرة (الدال والمدلول ) لا يفترقان و بدورهما .
خاصة وأنّ إرساء "دي سوسير" لأسس السيميولوجيا اللغويّة عندما عرّف اللغة على أنّها نظام من العلامات " ، كما انه أكّد على ان اللغة يكونها عنصرا مهمان في تحقيقها وهما "عنصران يشتركان في تأديّة اللغة لوظيفتها :وهما الأفكار والأصوات" وأنّها تساهم في خلق عملية تواصلية بينهما، وتحدث عن الصورة المخزونة في الذهن و أنّها صورة نفسيّة وانّ الدماغ يصدر أمره إلى أعضاء النطق لمنح هذه الصورة حياتها الصوتية الفيزيائية،التي "تعبر عن الأفكار التي هي وسيلة لإثارة الصورة الصوتية،فالأصوات الدالة الموجودة في أذهان المجتمع و تبعا لذلك تحوّلت إلى الأصوات اللغويّة التي ينتجها الجهاز الصوتي لدى الإنسان،وهكذا بوب "دي سوسير" العلامة من المنظور اللساني اللغوي على أنّها منهج صوتي ...دال مدلول ...صوت و فكرة وانّ الصوت شيء ماديّ لكن في دراسات لغوية أخرى "تعرف الدال على أنّها سلسلة الأصوات المادية الموجودة في الواقع " وسنأخذ مثال " بنفنست".
فان اعتبر" دي سوسير" العلامة على كونها صورة مسموعة غير ماديّة فان"بنفنست" تحدث عن العلامة التي هي (مثول وموضوع ومؤول) ،فالمثول مثلا يرجع بنا إلى حديث عن أفلاطون على المثل فالعلامة المتواجدة في هذا الكون ليست إلا صور عن عالم الحقيقي (عالم المثل).
مفهوم العلامة عنده تولد لتموت لتحي من جديد في علامة أخرى ،فهي لديه متغيرة مترجرجة غير مستقرة على معنى ثابت .
"بنفنست" تحدث عن التقطيع الصوتي، كما رفض مبدأ الاعتباطية القائمة بين الدال والمدلول ليؤكد ويثبت بأنّها علاقة ضرورية حيث إنّهما يرسخان في الذهن،لانّ مفهوم المدلول الروح للصورة للدال" أنّهما يشيران بعضهما إلى بعض في كل الظروف ويرتبطان يبعضهما بعض بشكل قويّ لدرجة أنّ المفهوم (المدلول) هو بمثابة الروح للصورة السمعيّة".
إذن نلاحظ أنّ اللغة ظاهرة اجتماعيّة لا توجد إلاّ في المجتمع ،حيث ا نّ" دي سوسير" أضفى على الصورة الصوتيّة الذهنيّة الصبغة الاجتماعيّة التي يمارسها الأفراد فتنتقل من صورة صوتيّة ذهنيّة إلى أصوات لغوية حيّة من خلال (كلام) ،أمّا "ابن جني" اختلف في حديثة عن الصورة الصوتيّة ،كما تحدث عنها " دي سوسير"رغم انّه أكّد أنّ " الأصوات يعبر كلّ قوم عن أغراضهم " ،ذلك انّه تحدث عن إبدال بعض الأصوات وذكر الدوال تصريحا بماهية الدوال .
إذن الصوت بين المفهوم الذي توصل إليه العلماء العرب وعلماء اللسانيات الحديثة أحطنا ببعض جوانبه في محاولة لصياغته ضمن مسار البحث لأنه علامة من العلامات التي يعتمدها الممثل في إيجاد إحدى أساسيات الشخصية وهي الصوت والصوت له علاقة بالممثل بما أنّه يصدر منه و الذي يطوعه من أجل إحداث دندنات - أصوات – تجسد معاني...الخ، وليجد الصوت المناسب لشخصيّته التي سيؤديها لذلك عليه المرور بالعديد من تمرينات ليصل إلى الصوت المطلوب ويساعد المخرج الممثل من خلال تطرقه للحديث عن الصوت لديه وكيفيّة استدراج صوته ،وما هي التمرين التي تساعده على إيجاد الصوت الذي يتناسب مع الدور ،فعلى الممثلين أن يتحاور بشان التمرينات الخاصة بجميع العناصر .
ذلك لأنّ العرض المسرحي لا يحتوي الديكور والإضاءة والملابس فحسب، بل على عنصر هام ألاّ وهو الممثل ومن خلاله الصوت،و بفضل التمارين و توجهيات المخرج يساعدانه على إيجاد الصوت الصحيح الذي يخدمه من خلال ما هو ملفوظ و مسموع حركي،لذلك على"المخرج أن يضع في اعتباره إبان توجيهه لمجموعة العاملين معه هذا الهدف الفكري ووسائل توصيله في أداء الممثل الصوتي "من خلال جملة من التمارين الإحمائيّة للصوت لخلق نسق خاص به يميزه عن الممثلين الآخرين إذ لايمكن الوصول إلى النتيجة المطلوبة إلاّ " عبر مراحل الاستقراء،ثمّ الاستيعاب ،فالاستنباط، ثمّ إيجاد وسائل التعبير وصولا إلى الأداء الصحيح" ،لذلك يتطلب من الممثل الاشتغال على الصوت وإدراكه ليصل إلى الطبقة والنبرة الخاصّة بكل شخصيّة يجسدها أو يشخصها أو يؤديها بصفة عامة في العرض .


-نسرين مشراوي-

هناك تعليق واحد:

  1. الصوت في الواقع هو كيان لفظي معلوم، أي أنه يحمل دلالة مرسله، لذلك يمكننا أن نقسم الصوت إلى ثابت خاص بمخلوق ما ، وصوت متعلق بالفهم مرتبط بالكلام والتقسيم الأخري ينتحي بالصوت منحيين واحد دلالي والآخر ذهني . لكون العلامة من ضمن الأشكال التي وجدت عليها أي أنها تتكون من "جزأين هما الدال والمدلول. وقد حدّد الدّال كونه صورة سمعية مشتقة من بيان صوتي. أمّا بالنسبة للمدلول فهو التّصور الذّهني الّذي تثيره الصورة السمعية في ذهن المستمع؛ ومثال ذلك عندما نسمع صوت حيوان ( ذئب)، فإنّ دال العلامة يرسم لك صورة الذئب، والقياس على ذلك كثير.

    د الفاضل الكثيري

    ردحذف