أبحث عن موضوع

الأحد، 17 يوليو 2016

إﺫا لم تجدها ...! ................... بقلم : أحمد بوحويطا ابو فيروز / المغرب



إِذَا لمْ تجِدها ...
خذْ من أَبجديةِ التكوينِ مُضغةً من طَعمِها
لكي تحمي عَرائسَها من غُرورِ الزنابقِ
و صورةً لها و هيَ تتعلمُ ركوبَ الخيلْ
خذْ سحرَها الساحليَّ الذي أَنفقتْ عليهِ من حُلمها
و خُذْ حِبرَها المَلكِي
كي تردَّ على سؤالٍ ستطرَحُه عليكَ إذا لم تجدها
و لا تنسَ هُدهداً يأتيكَ بغرفةِ نومها
ربما تكسبُ عطفَ انتظارِها
فيُسعفكَ احتفالُ المفرداتِ بسحرِ المجازِ
فالمجازُ أقلُّ ألماً من ألمٍ لم يأتِ بعدْ ...
إذا لم تَجدها ...
على المائدةِ الصغيرةِ ضع مساءَك الصغيرْ
على ذراعيهِ تصحو كمنجةٌ و أُخرى تنامْ
تَحقِن جفونَ زريابَ بالأرقِ كي لا ينامْ
كنْ حريصاً في تأثيثِ مساءها
فهي تحبُّ على المائدةِ كتابَ " الأميرْ "
و إن لم يكن ...
فكأسيْ نبيذٍ وباقةَ فلٍّ و وردْ
إذا لم تجدها ...
خذ آخرَ احتمالاتِ حالةِ طقسِ عينيها
فنيسانُ في عينيها ماكرٌ كالمدنِ العتيقةِ
فهي قد تُطلُّ ذاتَ ربيعٍ منها عليكَ بين السحابِ من بعيدْ
فمن شهيقِ حُبيباتِ الضوءِ على صدرها سيولدُ فجركَ
على يديكَ ، و تُصبح عيناك عاصمةَ مُلكها من جديدْ
فكُن شاهداً أنيقاً على طقوسِ زينتها التي فاحَ منها حرٌّ و بردْ
إِذا لمْ تجدها ...
و لم تجدْ نكهةَ البراري لذيذةً في غُروبها
خذْ رشفتينِ من شفتَيها الصارِمتينْ
كن جديراً بها
و باختلافِ الليلِ والنهارِ في أسمائها
أعلَى من الصنوبرِ قليلاً ، أعلَى من ذنوبِها
ضعْ تاجَها المبللَ بالياسَمين
تأتيكَ قبلَ أن يَرفَّ زوجُ الحمامِ ويسرِقا منكَ الهديلْ
خذها إليك ، و احْتمِل قدحاً من يديها قدْ يخذلُ أيَّ ردْ
إِذا لمْ تَجدها ...
خذْ خارطةً للحدائقِ المعلقةِ في جناحَيها و شُرفتينْ
و استَبِقها إلى حيثُ أجملُ أصدافِها منفاكْ
إلى إِسمها المقدسِ حيثُ تنامُ رفاتُ خيمتِها
كي تطلَّ عليها إذا لم تجدها مرتينْ
ربما تَطلعُ من دموعِ المغنينَ سحابةٌ
ظللتكَ ، ثم سقتكَ من خوفها عليكَ جرعتينْ
فاستغفرْ ضَعْفها و انتشرْ حولها مولى وعبدْ
إذا لم تجدها تُسلي ضفائرَها في انتِظَارك
و لم تجدْ على شفتيها فُسيفساءَ أنوثَتِها
تروِّضُ مناخَ ابتسامتِها الخجولْ
فاحذرْ تشابهَ القرنفلِ
و ادخلْ مساءَها صباحاً
قبل أنْ تكسر حلمها حماقاتُ الفصولْ
فلا وقتَ للرَّباباتِ و اعتذاركْ
فانسيابُ جدائلها قد تصيبكَ منه ضربةُ شمسْ
إذا لم تجدها وصلتْ بعد غدْ
إذا لم تجدها ...
أعِدها إلى أبَويها
و خذْ من بيئة قلبها عنادها
و خُذها إلى ضِفافكَ واستبحْ
كلَّ عناقيدِ الأنوثةِ لكي يتَّضحْ
ما في عرسها ، من جموح النخيلِ يعصِرها عطراً و شهدْ
إذا لم تجدها تُصححُ أخطاءَ الحالمينْ
أعِدها إلى مراياها ، تجِد بقاياها
جاريةً من بابلَ توبخُ دجاجاتِها
و تملأُ جرةً بضوء الصباحِ
و تَتركُ واحدةً للنبيذِ
إرفعْ قلبها قليلاً ، تجدْ عناقيدَها تركبُ غيمةً
تحومُ حولَ أسرةِ النائمينْ
لكلِّ عاشقٍ منها قصيدةٌ سكانُها شامةٌ و خدْ
إذا لم تَجِدها ...
خذْ موجتينِ من حلمِها
واحدةً كي ترسمَ بملحِها أيقونةً لجُرحكْ
أُتركِ الثانيةَ تجِفُّ لتخضر قليلاً
و اكتب بدمعها اليابسِ تميمةً
لتشفى قِتاراتكَ من سليلات بوحكْ
و اخفضْ لها جناحَ الودِّ من الودْ
و اصطحَِبها تجِدها تُلمِّع جناحَيها
أَعِدْ صياغةَ تاجِها و ليكنْ على مقاسِ صَرحِكْ
فلِلْبحر في خدرها خيولٌ ربما قست عليكْ
إذا عبَرتَ ليلَها و لم تجدْ
أحلامَها القليلةَ نائمةً بين يديها
تحرسُها قناديلُ البحر
يحرسُها حظٌّ و سَعدْ
إذا لم تجدها ...
تركضُ خلفَها ضفائرُها كحِصانْ
على جدولٍ يسرُّ الناظرينَ في صدرِها
عطرَّتهُ في انتظاركْ
أُتركْ لها هلالاً كي تراكَ في المنامْ
أعِدها إلى سيرتِها
كما كانتْ حدائقُها جانحةً كبركانْ
إذا لم تجدها ولم تجدْ عرشَها
أُدخلْ معبدَها تجد حَفيداتِها
توشَِّحُ صدرَها أيقونةُ عينٍ و يدْ
إذا لم تجدها في انتظاركْ
توَبخُ رسولاً لم يتلُ عليكَ سلاماً بصوتِها
في موسمِ زفافِ الفراشاتِ بمَوتِها
حولَ شمعةٍ مُتعبةٍ تذكرتْ ...
أنها نسِيتْ موعداً مع نفسها في حقيبةٍ ما
في أغنيةٍ ما تحذر قتارةً خرجتْ عن صمتها
في نهارٍ تعبتْ قدماهُ من الرحيلِ المقدسِ على حسابِ جيدٍ و نهدْ
إذا لم تجدها ...
كُنها كاملةً غيرَ ناقصةٍ ، و اعبرْ لغةَ الحَواريينْ
على فرسٍ تحملُ لفظَ البدايةِ
و خذها من حلمٍ يفترش الأرضَ
يسلي عينيه بغيمةٍ على جبل تود الرجوعَ إلى أمها ، إلى بحرِها
فكلما تساءلتْ غربتكَ في ذهنكَ عن جدوى الكنايةِ
و خوفِ الخريفِ من أن تجرحَ يداهُ نحلةً حطت على خصرها
إذا لم تجدها و لم تجد غير قلبِها مُغمىً عليه
أعدها إلى قصرِها
إلى قلبك في جهةٍ ليس فيها جَزْرٌ و مدْ
إذا لم تجدها ...
لا تختلفْ معها حول رائحةِ النهود في نهدِها
أهِي فاكهةُ اللازورد
أم اختلالُ الطبيعةِ في تغاريدِ ابن رشدْ
و ادخلْ ليلها
و احذرْ خيلها
تجد في عينيها موشحاً تذمَّر من رداءةِ المجازِ ...
و آلهةً تحتفلُ في صمتٍ ، بصمتٍ
لا يليقُ بمفردةٍ حملتكَ من ذاتِك إلى ذاتِك إلى أبعدِ حدْ
إذا لم تجدها ...
و لم تجدْ كأساً واحدةً تبرر غِيابها
و لم تجد غيرَ قافلةٍ تحرسُ ما تركتْ
طوطماً خذلتهُ غرائزُ الجناسِ
داليةً تُرضعُ زبيبها نبيذاً فاسداً
جواداً للصيدِ و بصمةَ خاتمٍ على رسالةٍ
مروحةً لكي تطردَ عن عينيها أثرَ النعاسِ
و مشطاً من شدةِ حزنهِ عليها ماتَ واقفاً كالمسلاتْ
و راويةً رَوَتْ ...
فنامتْ على إيقاعِ نبضِ أطلالها خطاً و سَردْ
إذا لم تجدها ...خذ بيديها
كن واقعياً كنبضِ قلبها في الظلامِ
و اصطحبها إلى هناكْ
حيث لا فارسَ يكسر أنوثتها نصفينِ كبرتقالةٍ إلا أنتْ
لا تكنْ قاسياً و أنت تأكلُ أحدَ نصفيها
لا تكنْ كائناً داكناً كلغزِ الغمامِ
لا تكنْ نرجسياً أكثرَ من ذكورِ اليمامِ
لا تُحَملها فظاظةَ قلبها
و لا تُعاتب حظها إذا خاصمَتهُ ضربةُ نردْ
خذْ كتابكْ
إذا لم تجدْ
خذْ كتابَ أولَ غريبٍ صافحتْ عيناهُ غربتكْ
فقد تكونُ في سمائهِ غيمةٌ بررت ذاتَ يومٍ غيابكْ
فالغُربةُ تقاطعُ إسمينِ في جوازيْ سفر مغتربينِ
يؤرخانِ لسقوطِ المفرداتِ في فخ هشاشةِ المعنى
دَع عتابكْ
تجدْ كم أنتما غريمانِ حبيبانِ غريبانِ
كل واحدٍ يتأملُ حظوظَ احتراقِ غربتهِ في آخرَه
و لا تكتبْ خطابكْ
إذا لم تجدها ، خذْ باليمينِ كتابكْ
و اقرأْ ...إن خروجَ المفرداتِ عن طاعةِ المجازِ
أقلُّ ألما من أن تعنفكَ في حضورها باقةُ فلٍّ و وردْ
إذا لم تجدها كعادتها
تُراودكَ عن نفسِها ، أَعِدها إلى عادتها
لكي تزاولَ أنوثتها كأي فرسٍ ...
و ما في قلبها من هدوءٍ يؤججه الصهيل
ففي الوجعِ المقدسِ تنمو كهرباءُ البقاءْ
ثم أَعدْ ليلَها إلى ليلِها
و ضعْ بين يديه نخلةً
تربصتْ جدائلُها بخوفِها عليكْ
و كنْ أجملَ مما يُحرِج العطورَ على جيد النساءْ
أو أشدُّ خوفاً من الفراشاتِ على صغارِها في المساءْ
تجدْ حلمكَ في غرفةِ نومها نائماً في حضنِ كأسها
و أَخفتْ مفاتنَ اللوزِ عن عيونِ ساديةِ الشتاءْ
في ضحكتها ليعبُر الحالمونَ خوفَهم إليها إليكْ
ربما قد تكونُ احْتَفتْ بمولدِها ... بعد غدْ
إذا لم تجدها ...
و لم تجد في نحافةِ عزفِها إليكَ هلالاً
و لم تجد في رشاقةِ خوفِها عليكَ ظلالاً
و لم تجد في براءةِ حتفِها لديكَ سؤالاً
و لم تجد لغةً كي تحرر زينتَها من ضلالةِ الحالمينْ
و من سذاجةِ الياسمينْ
خذ عزفَها وخوفَها وحتفَها
و كنْ لها وعليها إذا لم تجدها مهداً ولحدْ
إذا لم تجدها خذها إليكْ
أَعِد عليها ما قالَ عروةُ بن الوردْ
لآخر نخلةٍ رأتهُ وظللتهُ في أقاصي الحِجاز
" إن احتفالَ المُفرداتِ بظلْمِ المجازِ
ربما أقلُّ ألماً من ألمٍ لم يأتِ بعدْ... "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق