(.....في البدء كانت الأشجار
رمز الإيثار
واهبة الظلال
مانحة الثمار
وحين تنخرها الشيخوخة
تجود بجدوعها المتيبسة
لفاكهة الشتاء ليسري الدفء في
مسام الأجساد الباردة......)
الأشجار .....دون سابق إنذار
انقلبت على عقبيها
خائنة لميثاق العطاء
مقترة الكرم
شحيحة السخاء
مجحفة في حق العصافير البئيسة
بخسة المرابين
وجشع الطامعين
وشره الإنتهازيين
تطالبهم بسداد إيجار الإيواء
أو الطرد و الإخلاء
العصافير لم تك يوما
ناكرة الجميل
و لا جاحدة العرفان
لكرم ضيافة الأشجار
لكنها طيور جد مفلسة
خالية الوفاض
إلا من وشوشات رخيمة
تصدحها عند انبلاج الصباح
و ترنيمات شجية تغردها
لتؤنس وحدتها
كلما خنقها قهر المنافي
و وخزها ألم الهجرة
فأنا في حالي مثلها
شريدا بلا هوية
نازحا بلا وطن
غريب الديار
حز في نفسي
بؤس تعاستها
و نزف غربتها
نذرت لها رأسي
ليكون لها مأوى
وملاذا لأعشاشها
....بلا مقابل
ودون أجر
و لو بكلمة شكر...