لــو مــا كنتُ أستنشــق حبــكِ
لمـاتَ هـذا الطفل في صــدري
مجـاعتي لـك لا ترحــمُ باكيـــاً
فمــن الشــوقِ أنتهى امـــري
والدمــعُ في مقلتـيّ ملتهـــب
وحنين في بعــدك يحرق عمري
هنـا انا أمضــغ السنيـن ندمـاً
وانت هنـاك ما بـكِ مَـنْ يـدري
نسيتِ رابـطاً بيننـا ما كان يُفك
أم إنـكِ باقية تلعبين على الوترِ
تعزفين لحناً شجياً عـذبٌ نغمـه
يـذوب القلـب لــو فيه يسـري
اعيـا الجميـع عن مـعرفة علّتي
مــاذا حــلّ بي ومــا يجـــري
أنين يخرج من قلبي ما أوجعــه
فإنه يكوي الكبـد مثال الجمــرِ
أغوص فيكِ ولا يسعني الهـرب
وتعطبين فكري ككؤوس الخمرِ
ويهيج الفـؤاد والنبض يســـرع
كمــوجٍ يتوسـط سطـح بحــــرِ
يشدو الصبا في الخـافقِ برخــاءٍ
ولا مجــال فيه لمبات السمـــرِ
تشـرع سفنه في خليـج الهــوى
وتستوطن في دوامــة الخطـــرِ
ثمـلٌ انا ولا زلتُ أرشــف وجعي
أخلّدك في قلبي وأقتلك في فكري
أمــرر أصبعي فـوق فوّهة اللقاء
فيطلــق عليّ رصاصـة الغــــدرِ
فيجــيء الفـــراق ضيفــاً ثقيـلاً
والقِرى شهيٌ إنه ساعات صَبْري
والخواء مستوطنٌ في كـل شيءٍ
الفراش والرداء وقناني عطــري
رغيــب انا في معانقتــكِ بلهفـة
ومضاجعتكِ واحتضانكِ طوال سهرِ
عــديم الأنارة والــرؤية عميـــاء
لا تبصـر الشفــاه سوى الثغـــرِ
نكسر البعــد ونخمــد الفــــراق
وأوقّد ناراً على خـاتــم الظهـــرِ
فندخل استراحــة طويلة الأمــــد
أخيّم فيهــا على تــلال الصــــدرِ
أمسي في سواد شعرك الطــويل
ولا أستفيق حتى بــزوغ الفجـــرِ
فنقضي أجمل السنين في التشابك
ويعم السرور فينا مــدى الــدهـرِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق