شهرٌ أطلَّ بحزنِهِ مُتسائلا
عن وقعةٍ أدمتْ دُناهُ نوازلا
ما ذنبُ أحمدَ في حسينِهِ يرتدي
جلبابَ مأساةٍ تُثيرُ قساطلا
شهرٌ تجلَّلَ بالسوادِ لأهلِهِ
أيامُهُ لطمٌ تنوحُ فضائلا
عنوانُهُ ذبحٌ وسبيٌّ للتُّقى
صرخاتُهُ تبكي الذبيحَ هواملا
منهُ الصَّدى عبرَ الدهورِ رزيَّةٌ
صهلَ الرٍّدى في العالمينَ غوائلا
هي كربلا بالخوفِ تندبُ حظَّها
وبها الخنا للطهرِ كانَ مُقاتلا
من رحمِ زانيةٍ أتوا حشدوا الخُطى
بالسيفِ قد حكموا العبادَ تطاولا
والآلُ في كرباتِها فوقَ الثَّرى
فيها تُرى للثائرينَ معاقلا
والصَّحبُ قد قُتلوا وفيهمْ ثورةٌ
كم أنبتتْ أرضُ العراقِ بواسلا
لبسوا دروعَ الثأرِ في صولاتِهمْ
صاروا مناراً هاديّاً وشمائلا
وحرائرُ الشَّرفِ الرفيعِ بسبيّها
نصبتْ عزاءً في ألطفوفِ محافلا
نطقَ الكتابُ حروفَهُ بكهيعصٍ
خطَّ البكاءُ على الخدودِ جداولا
أوداجُ نحرٍ بالدما هتفتْ بنا
وعلى القناةِ الراسُ باتَ جحافلا
كفٌّ لحيدرةٍ بسيفِ فقارِها
في كربلا ضجٍّتْ تريدُ مُنازلا
عبّاسُها نهرُ الوفا عطشُ الدُّنا
من جرفِ جودِهِ صارَ رفدُهُ وابلا
للعاشقينَ جنونُ عابسَ يمتطي
غبشَ الرؤى فيكونُ حسنُهُ كاملا
حبُّ الحسينِ أجنَّني قد قالَها
بينَ الرُّبى أمسى بنا متناقلا
في الطَّفِّ إيثارٌ ودمعةُ والهٍ
مجدٌ بليلِ الذّلِّ صارَ مشاعلا
الحبُّ هذا الحبُّ في محرابِهِ
سجدَ الوجودُ مُسبِّحاً ومُرتِّلا
وبهِ البرايا في دروبٍ للهوى
أخذتْ مساراً للإلهِ تكامُلا
من عمقِ جرحِكَ يا حسينُ صبابتي
أمستْ هموماً في هواكَ ثواكلا
والروحُ أضناها انتظارُ إمامِها
حتى متى والسعدُ أصبح آفلا
في غربةٍ للذاتِ تنزفُ وجدَها
والعشقُ باتَ على الأسنَّةِ راحلا
للثأرِ ما عادَ الفؤادُ بصبرِهِ
أفما ترى وجعاً بنا ومشاكلا