أبحث عن موضوع
الجمعة، 27 يوليو 2018
لم أعد أخشى الأمواتَ ....................... بقلم : وفاء غريب سيد أحمد / مصر
لم أعد
أخشى الأمواتَ
او أجساداً
ليس بها روح
على طريقي بلا أسماء
وأد عشقي
وهو برحم الحياة
جدراني واهية
تطبق على ضلوعي
تكدست
معها الذكريات
وآهاتي تملأ الأصداء
خلف النوافذ
أشلاء قلبك
وماضي كنت فيه
بين الضلوع ترعى
كأغنامٍ
في ارضٍ خصبة
واليوم دفنتك
في مقابر الهجر والغياب
مع صرخة تدوي بالآفاق
أكنت حبيباً
أم ألد الأعداء
لم أعد أبكي
صرت على كرسيَّ الهزّازٍ
أسرد أمام عيني
أيام العذاب
ومعي حقيبة ملأتها
بحروفٍ
تُخنق بين ثنايا العزاء
خصلات شعر أشيب
فيها الوقار
وحلم
مازال يسابق الخريف
على مضمار الربيع
وعبارات عشق بصدري
بلا تاريخٍ ولا عنوان
يبقى جمر السؤال
هل مات القلب
مع كثرة الجفاء
أم رحل الحب
وجاء يوم الجلاء
أغــــــانٍ لشــــــهيد ............................. بقلم : المفرجي الحسيني // العراق
أغني على هامي
كبش الغناء قد ذبحا
مات الغناء، والمغنون من فرط الخجل
صمتك وحده المقروء
لم تتعثر كلمات الاغاني من سخافتهم
ولا الموسيقى ولا اللحن
انتفضت
تستجدي الآه تصفيقا
يغنّون
نسمعه يُشجينا
نشهره أسيافا
نعانقه
نحمله، يبست أصابعنا
نقرأه بلا لون وطعم
حروف الاغاني لم تعد مدفع
أخاف الشدو، وأفضح ،وأصلب
أعيا ،أمضغ فرقة الحرف
في غضب تصفعني
أصحو من تفاهات حرفي
أعرف انك ملحمة في صمت
أبهى من اغانيّ
أعبّ في سأم لفافاتي
أحب الصمت
ما عدت أغني
اذا غنيت تذرف دمعة القلب،
وتسكب العيون زيتها،
لتشربها مصابيحي
ما عدت أجلس ولا أتحدث
أكتب بشوق على الاوراق
أسكر اذا جاء الغناء
أعماقي، وينشرني على حلمي،
شراعا متعبا الابحار
ظامئة لانتصار منك يعتصر
اصيبت بنا املا
والصحاب في ايمانهم كثروا
احتملوا الظلمة
وباسمك قيد الذل كسروا
العراق/بغداد
23/7/2018
الضحك على اللحى _ قصة.................................. بقلم : مصطفى الحاج حسين / سورية
قال لي أحدُ الشعراء الكبار ، ممّن يحتلّون مكانة
مرموقة في خارطة الشعر العربي الحديث ، بعد أن
شكوتُ له صعوبة النشر ، التي أُعانيها وزملائي
الأدباء الشباب:
- هذا لأنّكم لا تفهمون قواعد اللعبة !! . قلت
بدهشة :
- كيف !! .. علّمني .. أرجوك .
ابتسم شاعري الموقّر ، وأجاب :
- عليكَ أن تكتب دراسات نقديّة ، عن أولئك الذين
يتحكمون ، بحكم وظائفهم ، في وسائل الإعلام ،
فكلُّ المحررين ورؤسائهم ، في الأصل أدباء ، اكتب
عنهم مادحاً ، وستُفتحُ لك أبوابُ النّشر على
مصاريعها .
وقبل أن أعلّق على كلامه .. تابع يقول:
- عندي فكرة ، مارأيك أن تكتب دراسة عن مجموعة
" قطار الماء " ، التي صدرت مؤخراً ، ألا تعرفُ "
رمضان النايف " صاحب المجموعة ؟؟ هو رئيس
تحرير " وادي عبقر " ، وهي تدفع " بالدولار " .
اقتنعت بالفكرة مكرهاً ، فأنا قاص . ماعلاقتي
بالكتابة النقدية عن شعراء الحداثة !.
غادرت مقهى " الموعد " ، ودلفتُ إلى المكتبة
المجاورة ، ولحسنِ الحظ لم أعان من البحث عن
المجموعة كثيراً ، غير أنّي فوجئتُ بارتفاع ثمنها .
عندما أبصرت زوجتي المجموعة في يدي ، صاحت
مستنكرة :
- ماذا تحمل ؟! .. هل عدتَ إلى شراءِ الكتب ؟ .
ابتسمتُ لعلّي أُخففُ من غلوائها ، فهي سريعة
الغضب ، وسليطةُ اللسان ، تزوجتني بعد أن أعجبت
بكتاباتي ، وأنا لا أنكرُ وقوفها إلى جانبي وتشجيعها
لي في السّنة الأولى من زواجنا ... كانت توفّر لي
الوقت الملائم للكتابة ، لكنها سرعان ماتغيرت بعد
أن حطّ مولودنا الأول بعبئه على أعناقنا ، خاصةً
وأنها كانت تُتَابعُ ما يصلني من ردود الدوريات
العربية والمحلّية ، حاملة الكلمة ذاتها ، بالأسلوب
ذاته :
- " نعتذر عن نشر قصّتك، لأنّها لا تنسجم وقواعد
النشر في المجلة ، وفي الوقت عينه ،فإنّ هيئة
التحرير ، ترحب بأية مساهمات أخرى ، تردها
منكم .
في البداية كانت " مديحة " تلومني لأنّي لا أجيد
انتقاء القصة المناسبة لكل مجلة.. لكنها عندما
وجدت أن هذه العبارة ،
تكررت على جميع قصصي المتنوعة الأغراض ،
أيقنت أنّي كاتب غير موهوب ، ولهذا أخذت
تطالبني بالبحث عن عمل إضافي ، بدلاً من تضيع
الوقت في كتابة لا طائل منها ، فقدت إيمانها
بموهبتي ، وراحت تعمل على قتل هذا الهوس الذي
تملكني منذ الصغر .
وخلال فترة وجيزة ، تحوّلت " مديحة " إلى عدو
للأدب ، فأخذت تسخر من كتاباتي ، وباتت تعيّرني
بما يردني من اعتذارات ، وصارت تضيق بكتبي ،
ومن الأمكنة التي تشغلها .
ذات يوم عدتُ لأجد جميع ما أملكه من كتب ،
ومادبّجتهُ من قصص قد تكوّمَ على السقيفة ، إلى
جانب المدفأة .
ولكي لا أفكر بالكتابة مرّة أخرى ، صمّمت على أن
تبعدني عن أصدقائي الأدباء ، فسلّطت عليّ
إخوتها ، لكي يرغموني على مشاركتهم في اللعب
بورق الشدة ، وطاولة الزهر ، واستطاعت أن
تجبرني ، على العمل مع أخيها سائق الأوتوبيس ،
كمعاون له أجمع أجرة الركاب ، وأنادي بصوت عال
خجول :
- جامعة .. سياحي .. سيف الدولة .
وهذا ماجعلها اليوم تدهش ، حين رأتني أدخل
وبيدي المجموعة الشعرية ..
قلت لها :
- اسمعي يامديحة .. هذه المجموعة سوف تفتح لي
آفاق النشر .
ذهلتُ .. لقد ضمّت المجموعة خمس قصائد ، وأطول
قصيدة تتألّف من عدّة أسطر . وكلّ سطر يتكوّن من
مفردة واحدة ، وقد يرافقها إشارة تعجّب أو
استفهام ، أو بعض نقاط .ولكي أكون منصفاً عليّ أن
أصف المجموعة بدقة .
بعد الغلاف الأول ، تجد على الورقة الأولى ، عنوان
المجموعة ، واسم الشاعر . تقلب الصفحة . تطالعُك
عبارة - جميع الحقوق محفوظة - تنتقل إلى
الصفحة الثالثة فترى عنوان المجموعة مكرراً بشكل
مجسّم ، تأتي إلى الرابعة ، فتقرأ : - صمم الغلاف
الفنان العالمي " ديكاسو " وعلى الخامسة يبرز
أمامك الاهداء - إلى أصحاب الكلمة الملساء - . وفي
الصفحة السادسة ، تعثر على تنويه هام : - الرسوم
الداخلية ، لوحات لفنانين عالميين .
وسوف تستوقفُك على الصفحة السابعة ، ملاحطة
ضرورية جداً بالنسبة للنقاد :
- كتبت هذه القصائد مابين حصار بيروت ، وحرب
الخليج الأولى .
في الصفحة الثامنة ، ستقع على مقدمة نقدية ،
كتبها أحدُ النقادِ البارزين ، الذي يستطيع أن يرفعَ
ويحطّ من قيمة أيّ أديب كان على وجه المعمورة ،
استغرقت تسع صفحات . وعلى متن الصفحة
السّابعة عشرة ، ستحطّ الرحال على مقدمة أخرى ،
ولكن بقلم الشاعر نفسه ، يتحدّث فيها عن تجربته
الشعرية الفريدة ، وعن ذكرياته الأليمة في
المعتقل ، يوم تعثّر بإحدى الطاولات وحطّم
ماعليها ، وهو في حالة سكر شديد ، مما دفع
السّلطة التي لا تميز بين الفنان المبدع والإنسان
العادي ، إلى زجه بالسجن ، مثله مثل باقي
المجرمين . وكان عدد صغحات مقدمته ثلاث
عشرة .
وهنا تنتقل إلى الصغحة التالية ، تقرأ عنوان
القصيدة الأولى :
- طار القطار غوصاً -
بعد العنوان الذي انفرد بصفحة كاملة ، تقع على
القصيدة التي تتألف من ست مفردات ، توزعت على
ستة أسطر :
- (( حدقت / في / شهوتي !! / وقلتُ: /
صباح / الخير / )) .
وتنتهي القصيدة .
ولأنّ القصيدة ، أو لأنّ معناها تافه وبذيء ، وجدتني
أصرخ :
- مديحة .. أرجوك أريد قهوة .
وتصاعف غيظي أكثر ، حين تناهى إليّ صوت "
مديحة " الساخر :
- حاضر يازوجي العزيز .. يامكتشف اللعبة
والمفاتيح .
وحتى لا أشردَ عمّا كنتُ عازماً على تنفيذه ، عدتُ
لأتابع قراءتي .
على صدر الصفحة الرابعة والثلاثين ، ستبصر لوحة
فنية مغلقة ، مستعصية . وتتهادى إليك الصفحة
الخامسة والثلاثون، حاملة معها .. عنوان القصيدة
الثانية :
- تضاريس السّحاب -
ليطالعك الإهداء على الصفحة اللاحقة :
- (( مهداة .. إلى كلّ جندي على تخوم الهزبمة )) .
أما الصغحة السابعة والثلاثون ، فقد فخرت بحمل
العنوان من جديد ، وبشكل فني مختلف ، وأسفل
العنوان ، استلقت قصيدة طويلة :
- (( عواء / الليل / أرعب / أحرفي .. / أوقدت /
أصابعي / للكتابة .. / و ... / فجأة / قفز / القلم /
حين / اعتقلتني / أوراقي / . )) .
وبما أنّ القصيدة كانت مطولة ، احتلت ثلاثة عشر
سطراً ، فقد اقتضى ذلك أن تمتد لتصل إلى
الصفحة الأربعين .
وضعت " مديحة " فنجان القهوة ، على الطاولة التي
نستخدمها لكل شيء ، وقالت:
- ألم تباشر بدراستك التي ستفتح علينا ليلة القدر ؟!
حاولت أن أكظم غيظي ، فأجبت :
- لم أنتهِ من قراءتها بعد ، لكنها تبدو لي مجموعة
سخيفة .
تراجعت مديحة بعض الشيء :
- سخيفة أم جميلة .. أنت ماذا يهمك ؟.. المهم أن
يفسحوا لك مجالاً للنشر .
- ولكنّي سأنافق يامديحة ، وأنا ..
وهنا قاطعتني بانفعال :
- أنت ماذا ؟.. أنا أعرف أنه لا يعجبك العجب ، مَن
منَ الكتّاب يعجبك ؟ .. بما فيهم أصدقاؤك !! .
ومن حسن الحظ ، صرخ ابننا ، بعد أن سمعنا ارتطام
جسمه فوق أرض المطبخ ، وهذا ما أنقذني من
لسان " مديحة " التي ركضت كمجنونة ، فعدت إلى
المجموعة .
وسيراً على قوانين المجموعة ونظمها، ستركض
الصفحة التالية بمثابة فسحة للتأمل في الفراغ
الأبيض ، وقد توحي بمقص الرقابة التقليدي، في
حين رفعت الصفحة الثالثة والأربعون عقيرتها ،
لتعلن عن عنوان القصيدة الثالثة :
- خرير السّراب -
وتخرج إليكَ القصيدةُ ، في الصفحة الرابعة
والأربعين :
منظومة على صفحة ونصف ، ممتدة على ثمانية
أسطر :
- (( نافذتي / مغلقة / على / هواجسي، / وأنا /
والنار / متشابهان / بجليدنا )) .
هنا نكون قد وصلت إلى الصفحة السادسة
والأربعين ، وكما جرت العادة ، سترقص أمامك
لوحة فنية جديدة ، وإلى جوار اللوحة ، على صدر
الصفحة الأخرى ، كان عنوان القصيدة الرابعة:
- نحن أصل الفراغ -
أما القصيدة التي احتضنتها الصفحة الثامنة
والأربعون ، فقد كانت مؤلفة من جملة واحدة ،
توزعت على ثلاثة أسطر :
- (( حفيف .. / الشوق !! .. / الصامت ؟.)).
باغتني صوت مزمار الأوتوبيس ، فأدركت أن " هاشم
" شقيق زرجتي جاء ليأخذني معه إلى العمل ،
وسمعت صوت " مديحة " التي فتحت باب المنزل ،
تنادي على أخيها أن ينزل من السيارة ، ويدخل
ليتناول الغداء معنا ، لكنّ " هاشم " مستعجل ، لذلك
طلب أن أخرج إليه ، دخلت " مديحة " قائلة :
- ألم تسمع صوت " الزمور" ؟.. أجّل كتابة مقالتك
إلى الليل .
ولأني لا أطيقُ هذا العمل وأخجل منه ، فأنا مدرس ،
أصادفُ الكثيرين من طلابي ، وكم أعاني من
العذاب والحياء حين آخذُ منهم الأجرة ، ولهذا
وجدتها فرصة لأتنصل من العمل :
- لن أشتغل اليوم .. قولي " لهاشم " أن يأخذ
أخاك " صلاح " .
صاحت مديحة :
- إذا كنت لا تنوي الكتابة ، فلماذا لا تريد أن
تشتغل ؟!.
قلت ، لكي أطمئنها بعض الشيء :
- حتى الآن لم أتخذ قراري برفض الكتابة .
يعني هل ستكتب ؟
أجبت وأنا كلّي حيرة :
- سأحاول .. سأحاول .
عدت إلى الديوان ، وجرياً على العادة تشاهد في
الصفحة الخمسين ، لوحة فنية تتربع ، يليها العنوان
العريض للقصيدة الخامسة والأخيرة :
- أهازيج الموت -
وخلف هذا العنوان ، على الصفحة الواحدة
والخمسين ، إهداء حار :
- (( إلى لوزان وعينيها .. )) .
ثمّ تتبدّى القصيدة على الصفحة التالية :
- (( الصبح / أصبح / يا.. / رندة / والقلب !/
تثاءب !!/ بنشوى / ذكراك . )) .
وكما تلاحظ فقد احتلت القصيدة صفحة ونصف ،
لأنّها توزعت على ثمانية أسطر .
على شغف محترق للوصول إلى الفهرس ، تقفز
الصفحتان لتحتوياه .. ثم تنفردُ الصفحة السادسة
والخمسون بخصوصيتها ، في عرض ما صدر
للمؤلف .. وفي الصفحة التي تتبعُها ، كُتبت عناوين
المجموعات التي تحتَ الطبع للمؤلف :
1 - الوردةُ القادمةُ من حتفها .
2 - أجهشت بشذاها المعطوب .
3 - وانكسرَ الأريجُ على جناحي فراشة .
4 - فاستفاقَ غبارُ الطّلع .
ولقد خُصصت الصفحة الثامنة والخمسون ، والتي
بعدها ، من أجل التصويب الذي سقط سهواً .
تنتهي الصفحة الأخيرة من المجموعة ، بتقاريظ
تحت عنوان :
- " مقتطفات ممّا سيكتب عن المجموعة "
(( لقد حلّق الشاعر " رمضان النايف " في مجموعته
هذه ، إلى مافوق العالمية بعشرة أمتار وسبعة
مليمترات . )) .
امرؤ التيس .. جريدة اللف والدوران .
- (( الحداثة عند رمضان النايف ، حداثةُ وعي
ومغامرة ، ترتبط بالتراث التليد ، بقدر المسافة التي
تبتعدُ عنه .)) .
مجلة : نواجذُ النقد .. المتخبّي .
ولأنّ الصفحة انتهت ، اضطرت دار النشر ، حرصاً
منها على أهمية ما سيقال ، لكتابة التعليقين
الآخرين ، على الغلاف الخارجي ، تحت صورة
الشاعر الباسم :
- (( لقد أبصرتُ ، بعد عمىً طويل ، ذلك الزخم
الفلسفي ، الذي يغلي ويبقبقُ في سطور
المجموعة. )).
- أبو العلاء المغري .. في حوار له بعد عودته من
بغداد .
- (( كلما قرأت رمضان النايف ، أشعر أنني مبتدئ
في كتابة الشعر .)).
جريدة : صوت الكلمة الفارغة .. أبو الدعاس .
ولكي لا نقول عن دار النشر ، إنها نرجسية ، تحبّ
المدح ، فهاهي تثبتُ نقداً حاداً ' لعباس محمود
العياض " ، كتبه في مجلة الكلمة المشنوقة من
أهدابها :
- (( في المجموعة ثمة نقص واضح للعيان ، فأين
الصفحة التي تخصص عادة في كل الكتب ، وهي
هامة للغاية، ألا وهي - صدر عن دار النشر . أرجو
من دار النشر العظيمة الصيت أن تتلافى مثل هذا
الخطأ القاتل.)).
عندما دخلت " مديحة ً ، وجدتني قد مزقت كل
ماكتبته من قصص ، وقبل أن تستفيق من دهشتها ،
خاطبتها :
- أنا مستعد أن أعمل مع " هاشم " مثل الحمار .
اقتربت " مديحة " مني ، لمحتُ حزناً في عينيها ،
لمحتُ عطفاً ، حباً ، دمعاً ساخناً مثل دمعي ، مسّدت
شعري ، ضمّت رأسي إليها ، أنهضتني من فوق
كرسيّ ، مسحت دمعتي بباطن كفّها ، التقت
نظراتنا ، اختلجت شفاهُنا ، تدانت ، وسرى فيها
اللهب.
مصطفى الحاج حسين .
حلب ..
رُقــي ورِقَّــة .......................... بقلم : محمــد عبــد المعــز / مصر
هل هناك علاقةٌ بين الرُّقي والرِّقة؟!
بالنسبة لي، العلاقةُ وثيقة، بل والارتباطُ كذلك، فلا رُقيَ من دونِ رِقَّة، ولن يكونَ راقياً، إلا مَـنْ كان رقيقاً، وهي كذلك...!
فالرِّقةُ ترقى بالإنسان، وتُرقِّقُ قلبَـه، وتجعله كالملاكِ بين الناس، بشفافيةِ روحِه، وأصالةِ مبناه ومعناه، وطيبِ قولِـهِ وفِعْلِه.
والرِّقةُ كذلك، تجعلُكِ في سماءٍ سابعةٍ من الرُّقي، مع مَـنْ وما حولكِ، دافِعةً بالتي هي أحسن، ساعيةً إلى الخير، ساميةً بنفسِكِ والْـمُحيطين بكِ.
كونوا أرقاء، ترقوا، بل وتترقوا، حتى تصلوا عنانَ السماء، وتحيوا بذِكرٍ طيب، وذِكرى أطيب، بعد طولِ عُمْرٍ وحُـسْنِ عملٍ وخاتِمة.
تريث..!!!! ......................... بقلم : سمرا عنجريني/ سورية
لم أنَمْ ..
وميضُ البرق المتلاحق
أجفلَ جفوني
صوتُ الرعد الغاضب
احتلَّ رموشي ..
هاتفي مقفلٌ كما جثة
قلبي جزيرةٌ مسحورة للحب
أغرقها عتيّ موجك
أجذِّف في بحار الذاكرة
يداي خاليتان
أصلُ صوتك ..
فتتكسرُ ساعتي الداخلية
أقرأ كلماتك ..
فتختفي زرقة كدمات
تركها الفقدان ..
تظللني موسيقى المطر
كأنها قرصُ حنان
أكرِّر حماقة رؤيتك
في مرآة الروح ..
و..أصعد برفقتك
درج تاريخ قديم
الرجال فيه كانوا نسوراً
خالفوا وصايا السماء
فالتهمهم الذئب الحبيب
وجلس يستريح..
لستُ من ذاك القطيع
أيها الراعي الفصيح..!!!
لا تهجأ حروفي
معجونة بصدق الطين..
الضمةُ مشددَّةٌ بصرخة
والكسرَةُ انتصار وطن
يتصدَّرُ المجرَّة ..
لم أحُبُّكَ لمتعة عرجاء
ولنْ أكون مجرَّد لحن
تسمعه لتنساه..!!!
أردتُكَ رجلاً
لاككل الرجال
أينما تلفتت
أجزم أنكَ استثناء..
بابي لن يفتح سيدي
من الركلة الاولى
فتريث..!!!!
أبتعدُ عنك.. لتعود
أحلى من قصب السكر
اشهى من ثمار الرمان
قبلَ ولوجك عالمي
تذكَّر ...
أنا البحر بسكونه وجنونه
فَكُنْ أنت الربَّان ..!!!!!
24/72018
اسطنبول
أَيَا (عُبَيْلَةُ) .......................... بقلم : عبد الصمد الزوين/ المغرب
وَأَشْعَلَ النَّارَ فِــــــــي شِعْرِي وَأَبْيَاتِي
..
سَلِي القَصَائِدَ عَـــــــــنْ عَيْنٍ مُسَهَّدَةٍ
وَعَنْ جُرُوحِـي وَعَـنْ دَمْعِي وَآهَاتِي
..
أَهْوَاكِ يَــــــا نَسْمَـــةَ الدُّنْيا وَيَا أَمَلِي
وَيَا ضِيائِــــي وَيَــا نُورِي وَمِشْكَاتِي
..
غَزَوْتِ حِصْنَ فُؤَادِي فَانْتَشْيْتُ هَوَى
وَاسْتَسْلَمَتْ لِنِـــــــدَاء العِشْقِ رَايَاتِي
تباااااا والف تباااااا ...................... بقلم : سامي السعود / سورية
لشوق قادر على قتلي
الف.....الف مرة
وليس قادراااا على
احضارك ولو مرة؟
● ماذا؟ أقول...●
ماذا سأكتب
سيدتي
وصبري اليوم
ينفقد ......
ولي كبد من
جمر الشوق
يتقد .........
ياحلوتي
انااااااااااا
اعالج الليل
بالأشعار اسكبها اااااااا
ومقلتاه بطيب
النوم قد سعد .......
نثرت الشوق في
ليل الدجى نزفا ااااااااا
وفؤادها من
فرات بارد يرد.........
عجبااااااااا
نعم عجبااااا
لغاف وسط
العين تحرسه
وعيني لهجرك
في الاحداق رمد..........
قلمي ياصغيرتي
لم يعد يخط
بوحه واريجه
ودواتي من جوفها
الحبر يفتقد .........
قولي....بربك
كيف الضد
يتحد........
اني وحقك
يا حبيبتي
للهجر لم
أعد أقوى
لفؤاد قد
صار قريني
فيه ينعقد ؟؟؟؟؟؟
من تموز البصرة الأوجاعُ لا تكذب !! .......................... بقلم : عبد الجبار الفياض // العراق
سومريّة
على جذعِها
تيبّستْ سنواتُ حربٍ داعرة . . .
جمعَتْ بحقائبِها كُلَّ اللّونِ الأخضر
ثوباً من دُخان . . .
على سعفاتِها
عُلِّقتْ أرواحٌ بعناقيدِ نجومٍ
سعى إليها نصفُ إلهٍ في بابل
جذوراً تنبُتُ في حقولِ الثُريّا !
لكنَّ ديموزي بعدَ عُقم
أولدَها ما تساقطَ على العذراءِ في مكانٍ قَصيّ . . .
فكانتْ وهي كليمةٌ تُسرفُ بجودِ ما أثقلَها . . .
. . . . .
لصاحبِها
وظلِّها حديثُ عشقٍ لا ينتهي . . .
لعلَّ نصفَهُ المشطورَ
ونصفَها العائمَ فوقَ شفاهِ شطٍّ
يحلمُ بضفافهِ عرائسَ للربيع . . .
غَرِقا بمواويلِ وجعٍ
قطّعَ أحشاءَ نايٍ
ضاقَ بحنجرةِ داخل حسن *
نغماً توارثتْهُ ليالٍ من وحيِ ألف . . .
. . . . .
يومٌ من أيّامِ التّنور
يسترهُ ثوبٌ من جوع
لا ثوبٌ من زمَنِ شذّاذٍ
يلعقونَ أصابعَهم قبلَ الأكل
في طبقِ تذَهّبَ برجسٍ من شيطان . . .
يرَقبُ سحابةَ دخانٍ من سيكارةٍ لا تنطفئ
ألَمَاً تتواصل
ولو لضحكةِ مُزحةٍ عاريةٍ في خلوةِ أُنس . . .
لغيرهِ تُدارُ معتقةٌ في جماجمَ
استبطنَتْها صورٌ داكنةٌ من غيرِ إطار . . .
لا تعرفُ كيفَ تُشقّقُ الأقدامُ لتنبُتَ السّنابل؟
كيفَ يُدوّرُ النّهارُ رغيفَ خبز ؟
. . . . .
لِيكنْ نصفُكَ ليسَ لك
السّياطُ تتكلمُ صامتة . . .
ربَما
لا تحتاجُ إلى إسمٍ تُعرفُ به . . .
دروبُ التيْهِ لا تُغلقُ في زمنِ العَتمة
كم أنتِ قاسيةٌ أيَّتُها اللّامُ المُعاقة
ولو أنَّ كرمَ الغيثِ يجحدُهُ رملُ الصّحراء
لكنَّ الجّليدَ يذرفُ دمعاً لقُبلةِ وطن . . .
عيونُ الظّلامِ يسمُلُها خيطٌ أبيض
ليعودَ النّهارُ عاشقاً لشمسِه !
. . . . .
ذهبَ بعيداً
علّهُ يجدُ لعيونهِ صوراً لم تُطلَ بدِهان . . .
الرّحلةُ آذنتْ بانتهاء . . .
لماذا الأقنعة ؟
وجوهٌ أرهقَها أنْ تكونَ ليستْ هي . . .
رمى يهوذا وجهَهُ على قارعةِ الطّريق . . .
أقسمَ السّامريُّ أنْ يُعيدَ حفنةَ التُراب . . .
تبرّأَ أبو رغالٍ من عينيْه . . .
كذا تصدأُ المعادنُ الرّديئة
يرتدُّ الصّدى صفيراً يُؤذي صممَ الصّخر . . .
تغيّرَ كُلُّ شئ إلآ فنجانُ القهوة
قد تتمخّضُ المرارةُ عن شفاءٍ لداءٍ عُضال . . .
سمعَ الفجرُ صُراخَ الصّمتِ
فأذّنَ للكفاح !
. . . . .
انتهى عندَ الحروفِ صوْم . . .
إذنْ
لليومِ أنْ يكونَ على شفاههِ القرار . . .
ما تركَتهُ
افتراضٌ لا يتشيأُ لمسمّى . . .
الحَلقةُ تضيقُ
تابوتاً يكرهُ موتاه
لكنَّما الحياةُ تستعيدُ هذا الخشبَ سريرَ عشق . . .
خَشبَةُ يسوع النّبيّ
الحلاّج
ما كانَ شوكةً في عيونِ الطّليان
هزئتْ بالموت
فانكفأَ ينتَقمُ ممنْ شهِدَ هزيمتَه !
. . . . .
إيهٍ تومان *
لا تلتفتْ إلى الوراء
هذهِ المرّةُ فقط
التّعساءُ لا يعرفون إلآ طريقاً واحداً !
لا يُخطئُ الألمُ برسمِ خُطواتِه . . .
واصلِ الرّقصَ
الأقدامُ تسافرُ لقممِ النّشوةِ كذلك . . .
بصرانا تنزفُ لوناً ليسَ كمثلِهِ ما شهدتْه الأرصفة . . .
أتشكُّ أنَّ العشقَ أرضٌ يسكنُها الذين أعطوا الحياةَ اسماً جديداً ؟
. . . . .
تموز البصرة / 2018
* مطرب من الريف العراقي ينماز بصوت حزين متفرد .
** فنان فلكلوري بصري شهير في الخمسينات والستينات، كان يعزف الناي بأنفه برقصات بارعة لا يقلده فيها أحد .
حين يزهرالبيلسان _ خاطرة ...................... بقلم : اكتمال برجاس ام خالد / سورية
حين يزهرالبيلسان ويثمر الدراق في بستانك الذي طالما حفرت له السواقي في الصخر باظافرك وجعلت من رموش اجفانك عوسجاً له....سيفرح لك الجميع ..
الا ذاك الذي ظل يحملق فيك بعينيه طوال الوقت ليحصي حبات التراب العالقه بين اناملك فيذروها في عينيك عله يضيع عليك بهجتك.
فكم تمنى لو انه يستطيع ان يسقي شجيراتك وازاهيرك ماءً مسموماً فتموت... او ان يقتلعها بيديه ويغرسها في تربته الجافه الا من البغضاء والحسد وكأنك رويت زرعك من ماء قلبه الاسود
فما عليك الا ان تتجاهله وتملأ سلالك بالزهر والفرح وان تقطف ثمرة اتعابك بكلتا يديك....
ولتدعه كفزاعة الحقول في العراء يواجه فصول الحياة العادله...
.يشدني الحنينُ....................... بقلم : سامية خليفة / لبنان
يشدني الحنينُ
إلى تلك الأماكنِ
حيث يزهر نيسان
أستظلُّ بالأفياءِ
بعد هجيرِ فراقٍ
تعبثُ بي الرياحُ
ترميني
في أحضانِ ربوعٍ
مندثرةٍ طيَّ النسيانِ
أراك هناك بلهفةِ قلبٍ مشتاقٍ
ألاحقُ طيفَك الهلامي
يا لشفافيةِ اللَّحظاتِ وهي تغمرُني
بضياءِ الأملِ
أتبعُكَ أبحرُ في بحرٍ
بلا نهايةٍ
وأنتَ هناكَ تسبقني
إلى الشاطئِ الثاني
تومئُ لي بتحيَّةِ اللقاءِ
لكنَّ البحرَ لا ينتهي
والانتظار يطولُ
أخافُ أن أغرقَ
قبل أن أقولَ لكَ أحبُّك
أصحو وأنا أتقلبُ
على فراشٍ من جمرٍ
القبلاتُ تندسُّ تحتَ الوسادة
الشمسُ يخفتُ نورُها ...ينطفئ
كما انطفأ معها
حلمٌ بلقاءٍ
أأعودُ إلى أحلامي
ولا أملُّ فيها الانتظار
أم استيقظُ من واقعٍ
طغتْ عليه الأوهام
يا حبّا عصفَ بكياني
متى تعتقُني
فالسلاسلُ أدمت
معصميَّ
السعادة كانت هناك ......................... بقلم : سهى النجار / الاردن
خلف نوافذ الشوق ..
روحي ترتعش
وبين طيات الزمان
وجدت رباني ..
بين واقع و خيال يرتدي
ثوب فارس ..
في أحضانه يرتدي الخريف
ثوب الربيع ..
الطير يشدو أعذب الألحان ..
لاهثة كانت الأحلام ،
متعبة كانت الآمال ..
في محفظة الأيام تختبيء
الأسرار ..
معطف العناق يحتوي جلدي ،
يعطر الروح .. يغسل أحلامي
تزهر عنبا .. خوخاً ورمان .
رباني جاء يحمل بين يديه
قلباً متيماً بكل تفاصيلي ..
وضع بين يدي الدنيا بجمالها
قال: أحبك وأحبك سيدة المطر
عشقي لك بركان يتمرد ..
مقيدٌ أنا بك يا أنت ..
طفلٌ يلوذ بأحضانك
وزفراته حلم يتجدد
أهواك ..
24/7/2018
الحياة والحلم ........................ بقلم : إسراء خليل // العراق
الحياة
والحلم سفير اغاثة لروح تعيش كنف واقع متسول
جائع للون مفقود من الأمل
يتأبط حقيبة مليئة بالمحال
يبيع في شارعي الاحلام الصغيرة
هو والدها يزرعها في قلوب
اكلها دهر وتوزعت قرابين للكاذبين وليمة
وعند العطش تكذِب العين
ترى الصحارى بحرا ً
كذبة السراب نجاة
روح لا رمق
العقل يخدع حين يعيش مجاعة افكاره
والعين تكذِّب الصحاري بالسراب
والقلب مخدع الكاذبين
واولهم حواسي فعند الموت
تريني حقيقة معاشي
وخلود جسدي
المصفود بذنب حلمي
وارادة حياتي
إضاءة على نص الشاعر "حسن علي" (براكينُ الجزع) ..................بقلم : حسين عجيل الساعدي // العراق
يونانُ في الظلماتِ..مسبحٌ
جسدٌ تمسكَ بالحياة
في زحمةِ الموتِ والفزع
أنتَ
يا سجينَ جوفٍ لا يشبع
تمرُ السنونُ
وأنتَ في لُجةِّ البحرِ
تتقاذفُكَ الحيتانُ
من ظلامٍ الى ظلام
ونحنُ...
إذا إستفقنا
من نومٍ كأنهُ الحِمام
يصنعُ السامريُّ عجلهُ
من ساقطِ الأفكار
جسداً لهُ خُوَار
وبين السجود لعجلهِ..والأنتظار
نزرعُ اليأسَ يقطيناً
على شواطئ الأملِ المحظور
نوقِدُ الأُمنياتِ
من زفيرِ أنفاسٍ...كَدَمِنا تُراق
تطفو على آلآمِنا
كزوارقِ الأوراقِ
لتُردّدَ الأعماقُ
نشيجَ الشموع
فينحني ضوؤها الخافتُ .. بخشوع
يونانُ هل من رجوع؟
بينَ التمردِ و الخنوع
يعزفُ الموتُ على وترِ العقاب
كلَ أنواعِ العذاب
قوافلنا تسير
على دربٍ خطير
تضللُنا الشكوكُ كالضباب
وعلى أُفقِ الخراب
نرى براكينَ الجزع
زفيرُها وجع
من سمات النص الشعري المعاصر، الرمزية التي جعلت من القارئ يتأمل ما وراء النص، وهذه سمة معظم الشعراء، فالرمز عبارة عن إيحاءات وأشارات، مجازية وبلاغية ومصدر إدهاش وأبتعاد عن المباشرة والوضوح.
الشاعر "حسن علي" أستهل نصه بعنوان (براكينُ الجزع) كصدى للنص وهو جملة اسمية (مضاف ومضاف اليه)، والجملة الاسمية حسب ما صرح به علماء البلاغة، دالة على الثبات أو الاستمرارية، ودالة كذلك على الحدوث والتجدد. ويمكن ان يقع التركيز في العنوان على (براكينُ) لغرض تكثيف دلالات (الجزع)، فيكون العنوان (براكينُ الجزع)، معادل موضوعي يشار به الى مدلول النص.
(الجزع) كحالة نفسية يتميز بالرمزية والكثافة اللغوية والإيحائية، فهو فعل تراكمي من يأس، وحزن، وضعف، وقنوط، ووهن، وقلق، وشك، وسخط. فقد ورد في معجم (لسان العرب) في مادة (ج ز ع)، (الجَزَع : مصدر قولهم: جزع يجزع جزعا، التي تدل على الانقطاع، وما يُحسّ به المرءُ من قلق النفس واضطرابها وضيق الصدر، والجزوع في قوله تعالى: (إذا مسه الشر جزوعا)، (المعارج/ 20) هو الذي لا صبر عنده إذا مسه الشر)، لسان العرب لابن منظور.
في النص أجتمع الخوف والالم (الفزع والجزع) ما بين فزع (يونانُ في الظلماتِ..مسبحٌ/ جسدٌ تمسكَ بالحياة/ في زحمةِ الموتِ والفزع)، وبراكين الجزع (على أُفقِ الخراب/ نرى براكينَ الجزع/ زفيرُها وجع).
قال الراغب الاصفهاني:(الفَزَع والجَزَع أخوان، لكن الفَزَع ما يعتري الإنسان مِن الشَّيء المخِيف، والجَزَع ممَّا يعتري مِن الشَّيء المؤلم). "المفردات" للراغب الاصفهاني ص379 .
نرى في لغة النص الشعرية، تدرج في واقعية الطرح، فالنص متأرجح بين ماض وحاضر وتطلع لمستقبل، بدءً بالخطاب الأنثروبولوجي ذو الدلالة الثقافية/ الدينية، في استحضار شخصية تاريخية/ دينية، ورمزًا مهابًا هو النبي "يونس" أو "ذو النون" أو "صاحب الحوت" كما سماه القرآن الكريم، أو "يونان" كما سماه الكتاب المقدس (الانجيل)،
يستحضر بدلالاتها المتراكمة بمثل هذه الرمزية المثقلة بالمعنى ومحملة بالدلالات، التي تشير إلى الألم و الابتلاء، واسقاطها على الواقع الحاضر، وهذا يتطلب معرفة حقيقية بتلك الشخصية، شخصية النبي الإنسان من محاور التحولات التاريخية، فشكل في النص رمزية مزدوجة هي رمزية الموت (أبتلاعه من قبل الحوت) ورمزية الانبعاث (عودته الى الحياة) وأعادة خلق أمة، اضافة الى الرمزية التي يريدها الشاعر وهي (العراق) المتجسد في بلاءاته كأستبلاء (يونان) في ظلماته.
(يونانُ في الظلماتِ..مسبحٌ/ جسدٌ تمسكَ بالحياة/ في زحمةِ الموتِ والفزع)
فالعراق محكوم بظلمات كظلمات (يونان) في جوف الحوت، جحيم وليل كوني، بين مطرقة الموت وسندان الفزع.
(في لُجةِّ البحرِ/ تتقاذفُكَ الحيتانُ/ من ظلامٍ الى ظلام)
الشاعر "علي حسن" أضاف أشارات أخرى في نصه الشعري عبر تكثيف هذه الأشارات الرمزية، وهذا ما جعله يطور لغته الشعرية في النص.
(نزرعُ اليأسَ يقطيناً/ على شواطئ الأملِ المنظور)، ان شجرة اليقطين كانت ملاذ أمن للنبي (يونان) جمعت له الامل في (الغذاء والمأوى والشفاء) ، أما في نص الشاعر زُرعت كشجرة (يأس) عسى ولعلّ ان تثمر أملاً. تُظل العراق مما لحق به من أذى، حين جُعلت فوق (يونان) لتكون ظلاً على رأسه.
كذلك في النص سؤال توسل يرمز به لموت العراق وقيامته من جديد (يونانُ هل من رجوع؟). وجع العراق متراكم في النص وجع مموسق، يتلمسه الشاعر بين خرائب وزفير أتون وجحيم براكين الجزع.
(على أُفقِ الخراب/ نرى براكينَ الجزع/ زفيرُها وجع). العراق مبتلى
كابتلاء النبي (يونان)، جميل من الشاعر حين استحضر رمزية (يونان) في نصه بكل ما يحمله هذا الرمز من دلالات البلاء والألم وجعله كمعادل موضوعي لبلاء العراق، وفي نفس الوقت لم يغيب عن الشاعر أن يستحضر (يونان) أملاً ينبعث من جديد في عنفوان العراق، (يونانُ هل من رجوع؟).
الشاعر كان موفقاً في تبسيط النص على طريقة (السهل الممتنع)، وهو يكشف اوجاع.
(نوقِدُ الأُمنياتِ/من زفيرِ أنفاسٍ ... كَدَمِنا تُراق/تطفو على آلآمِنا/كزوارقِ الأوراقِ/لتُردّدَ الأعماقُ/نشيجَ الشموع)
أريان ولعبة ورقية ...................... بقلم : قاسم عيدو الهبابي // العراق
إنتظرني يا بني
أداوي جرح وطنٍ
منحني لأشواكِ آب
فلا تمزق الورق
ولا ترسم دمعة العراق
ليس لي رغبة
في الرحيل
يا بني
فجرح العراق
أهم من شعري
أسئلة لم يُجبها
قانون الحكومة
هيا إنهض معي
يا بني
نخترع لها أجوبة
ولدي ..
صرخة حسين
أيقظت دمعة إلهٍ
كانت مرسومة
على عباءة
وطني الممزقة
وحكاية داي بيري
عادت لنا الآن
من جديد
أنظر إلى أزقة الوطن
يا بني
ترى أشلاء أمتي
فوق رصيف الموت
ولدي
عرباتُ خلودنا
فارغة
منذ الأزلِ
فكيف لي أن
اخترع أسماً
لبقاء ظلٍّ
يشبه لعبةٌ ورقية
إنهض يا بني
وأترك لعبتنا الورقية
تطيرُ في السماء
وإنزع قناع الحزن
من وجه العراق
فهي أغنيةٌ
تتسلق شجرة التين
في شواهق جبلنا
إنهض يا بني
هيا إنهض
وأنشد معي
لوطنٍ عجوز
كعكاز جدي
يكبر الأسير
في تجاعيده
يا صغيري
أنه عيدٌ
في فمي
أريان
انظر جيداً
أترى الطين
يرقص
تحت أقدام النخيل ؟
كلعبتك الورقية
أترى كيف تتعرى الشجرة
وتنحني للخريف
أترى ما أراه
يا بني
كلّ شيء يسير
بأنتظام
سوى وطننا
الذي يشبه
لعبتك الورقية
تارة يعلو
وتارة يهبط
وليس له مسار
------------
صورتي مع أريان : ولدي الصغير ، وشاعر المستقبل
الأربعاء، 25 يوليو 2018
عيناكِ ......................... بقلم : حسين برادعي / سورية
عيناكِ روحٌ لهذا الحيِّ إنْ رَحَلَتْ
رَحيلُ قلبٍ عنِ الدُّنيا ومافيها
أبياتُ شِعري على عينيكِ إن وقعت
جمالُ عينيكِ حسنٌ في معانيها
ياحلوةً تملكُ الأعضاءَ إن همست
قلباً وروحاً وعيناً لاتجافيها
يانسمةً تنعشُ الإحساسَ إن هبَّت
شوقاً وعطفاً وحباً في محبيها
إنِّي كتبتُ إليكِ اليوم خاطرتي
والشَّوق يروي حروفاً من قوافيها
والشَّوق ذكرى من العينين أحملها
مرت سنينٌ ولم تنسي حكاويها
رأيت عينيكِ في أبهى مظاهرها
فصرتُ من عين من عاداكِ أرقيها
أحاسب النفس في خلدي إذا حزنت
عيناكِ أو كنت من أشجى مآقيها
وأترك اللوم في ذاتي يعذبها
في كلٍّ ماصنعت ذاتي أجازيها
فأنتِ لستِ كأحلامٍ تراودني
أو قصةٍ من خيالِ الناس أرويها
وأنتِ لستِ كأشخاصٍ ترافقني
يوماً وتقسو وقد أنسى أساميها
أنتِ الحقيقة لي لاتنجلي أبداً
لاعسر دهري ولا الأيام تخفيها
والموتُ أهونُ عندي من محازنها
دعاءُ عيناكِ روحي كيف أبكيها
زرعتِ في قلبيَ الآلام من عينٍ
ترنو إليَّ وتشكو ماجرى فيها
أسباب حزنك أيامٌ تناكدني
لعمر عينيكِ لن أنسى مآسيها
وعاذلي تافهٌ لا ليس يبعدني
فالهجر قاتل أحلامي ومضنيها
سلطانةٌ أنتِ لم تبرح مكانتها
في عرش قلبي قد جلَّت معاليها
قالت دعاءُ:لك العينان أهديها
فأنتَ ياروحَ روحي أنتَ راعيها
ولستُ أخشى من الواشين فتنتهم
إنِّي سأدفن ماضيها وآتيها
إنِّي أعوذ بربِّ الناس من فتنٍ
أعوذ من شرِّ شاريها وراويها
فقلتُ:إنَّ قليل العقل يضحكني
يبقي من الورد أشواكاً ويسقيها
ربي سألتك في تسنيم فاجعةً
حتى أريح حواسي من بلاويها
أنتَ العليم بحالي أنت تسمعني
ساوِ بها ضرراً مثلي وقاضيها
عراقي انا ......................... بقلم : جعفر يونس العقاد // العراق
انا اول حرف
سطر في التاريخ
وفي الكتبِ
وانا أول مخاض
عسير
جاء بعد الغضبِ
انا ثورة الجياع
وثورة الحجارة
على كل حاكم ذليل خانع
وعلى كل آثم مغتصب
على قصص
الف ليلة وليلة
تغفو احلامنا
وبنادقنا جنب الوسادة
القدس
لن تموت
وغزة قادرة على الولادة
الياسمين لاينحني
ورجال الشمس
تشرق كل صباح
والنصر في دمشق
سجل ميلاده
بغداد عصية
تأبى السقوط
والنخيل
وإن مات
شامخ بموته
جميل في عناده
سجل لديك
اننا في زمن الخيانة
وكثير من الاعراب
رضعوا مع ابليس
.......الدناءة
سجل لديك
عروبتنا...ليست مغنى
ولاليالي طرب
من ليالي روتانا.....
عالم الأشباح ............................. بقلم : قاسم عيدو الهبابي // العراق
أفتح ذراعيكَ
يا دارَ اليتامى
ليكف القلبُ
عن صرخةٍ
تمزقُ بكارة وطني
أفتح قلبكَ
لنجمةٍ يتيمةٍ
تلوحُ لسربٍ
هاجرَ نحوَ اللاعودةِ
يا جرحاً
سائراً في دربنا
أفتح عينيكَ
وأزل غبارَ الحربِ
عن وجهِ طفلٍ
أنينهُ أكبرُ
من جرحِ جنديٍ
يمشي بعكازهِ العجوز
يااااا أبانا
تحدّقُ الأموات
إلى جراحِ هذا الوطنِ
كأنه بريدٌ فارغٌ
يحملهُ الساعي
ويذهبُ بهِ
إلى كوخِ داي بيري *
وأرجوحةُ اليتامى
ترقدُ في مقبرةٍ جماعيةٍ
مع أشباحِ هذا العصر
فذاكَ جنينٌ
يا أبتاه
لا يولد منذُ
عشرةِ أعوامٍ
فأفتح لهُ أبوابَ
رحمتكَ
يااااا أبانا
صلاةُ العنكبوتِ
تشبه الآب كثيراً
فتفنى الرياحُ
والأمطار
في فمِ صحراءَ
يبتلعُ جميعُ السبايا
أواه يا جرحاً
قيدَ معصمَ الوطنِ
كم من الأعوامِ ستبقى ؟
يااااا أبانا
الذي في السمواتِ
مُدْ يدكَ لنا
لنخرجَ من عالمِ الأشباحِ
داي بيري :امراة عجوز كانت تسكن كوخاً في ناحية الشمال التابعة لقضاء سنجار ، فقامت عناصر تنظيم داعش بحرق كوخها وهي فيه .
إضاءة على نص الشاعر "حسن علي" (براكينُ الجزع) ........................... بقلم : حسين عجيل الساعدي // العراق
يونانُ في الظلماتِ..مسبحٌ
جسدٌ تمسكَ بالحياة
في زحمةِ الموتِ والفزع
أنتَ
يا سجينَ جوفٍ لا يشبع
تمرُ السنونُ
وأنتَ في لُجةِّ البحرِ
تتقاذفُكَ الحيتانُ
من ظلامٍ الى ظلام
ونحنُ...
إذا إستفقنا
من نومٍ كأنهُ الحِمام
يصنعُ السامريُّ عجلهُ
من ساقطِ الأفكار
جسداً لهُ خُوَار
وبين السجود لعجلهِ..والأنتظار
نزرعُ اليأسَ يقطيناً
على شواطئ الأملِ المحظور
نوقِدُ الأُمنياتِ
من زفيرِ أنفاسٍ...كَدَمِنا تُراق
تطفو على آلآمِنا
كزوارقِ الأوراقِ
لتُردّدَ الأعماقُ
نشيجَ الشموع
فينحني ضوؤها الخافتُ .. بخشوع
يونانُ هل من رجوع؟
بينَ التمردِ و الخنوع
يعزفُ الموتُ على وترِ العقاب
كلَ أنواعِ العذاب
قوافلنا تسير
على دربٍ خطير
تضللُنا الشكوكُ كالضباب
وعلى أُفقِ الخراب
نرى براكينَ الجزع
زفيرُها وجعٌ
*يونان :أسم سيدنا يونس ع في الأنجيل و أرمز به للعراق
أيها القلم الباكي ........................... بقلم : بن عمارة مصطفى خالد / الجزائر
أيها القلم الباكي
بين أناملي كالرضيع
كف عن نزف دمع مدادك
على خدود أوراقي
بالله عليك أتعبتني
مللت من حروفك المرهقة
سئمت من كلماتك كوقع القنا
أأنا من يطعمك أحزاني
أم تراك المتفرج
على مرايا روحي المكشوفة
أو تراك مترجما
لصرخاتي المخنوقة
ها أنا و كما عهدتني
كالمسافر بين أسطرك
لأبحث عن شفاهي الضائعة
التي لا أعثر عليها ككل مرة
أعود فيها كالخائب الخاسر
كالمحارب بلا غنيمة
أترى دمعك يا يراعي
قد مسحت أفراحي و بسماتي
أيقظت جراحي و أناتي
أم تراها بخرتها آلامي.
بعض مني .......................... بقلم :زكية محمد / المغرب
يتحدى المسافات نسيت اقدامي عند ذلك النهرالمتجمد واستحي ان أطلب من السماء جناحين بعد ان امطرت دما. الزحف آت ،من اعلى القمم يبدو كل شيء متناغما ومنسجما ، حتى النحل عشق تربة الكهف واقتات على دم الوطن.
بعضي الآخر يعشق الموت لكنني لم اسمح له يوما بذلك لطالما حلمت بذاك المخلص الجبار .ذلك الضوء المبهر الذي بابتسامة يخترق ظلمتي ويبعثرها، صوته يحرضني على البقاء ، فثمة ثمن لكل شيء ولا يليق بالأرواح البريئة التنازل عن الحقيقة،هكذا همس لي مودعا .
في الحياةالبدائية لا يمكن تقديس الحق وأنا تلك النار التي لم تحي بعد .الرماد يخنقني ومخالب الانتظارالمخيفة تتربص بي .ياترى هل استطيع ان أخلصني مني لاعرف للحقيقة حياة.
المخلص ...من ؟
سيمفونية ...................... بقلم : أحمد بياض / المغرب
جلجلة الريح
على أوراق الصمت؛
تيمم نخيل
برماد الذاكرة؛
لحظة الشروق/المخصية/
في سماء الليل؛
إكسسوار ناضج
على شفتي قبلة/منعدمة/؛
تزكية الوجود
بفطير الدعاء؛
زهرة سمراء
على ريش البيداء؛
شيب الجفون
على خريف المتاهة؛
سيرة الكلمة
على تمزق السطور؛
ندبة جرح
لرضيع امل معصوم؛
مديح*لوركا*
للقمر الغجري؛
حديقة الأيام السبعة
في موطن الجفاف؛
شرفة ظل
ترتج
بريح السعال؛
جوكندا هائمة
في ضباب
أوتار الألوان؛
زغردة موشومة
على قيود الفرح؛
مدرار كف
على غبار الطريق؛
نسيج الأكواخ الهائمة
على ستائر الفجر؛
معزوفة ماء
على نهر الحجر.
تحمل
حلم الليل،
لها البحر
وارملة النجم،
ولنا لحن
وجود
مسروق!..
مخاض _ قصة قصيرة ........................ بقلم : عزيز ريان / المغرب
تَضعُ وشاحها الأحمر دُون أن ترتبه أمام المرآة. آخر الرتوشات تبدو لها روتينية كي لا يُحس بأي تغيير. تغيير؟ تهمس لنفسها:
- ماذا تبقى مني منذ آخر مرة التقينا؟
ترسم ألوان مكياجها بحرفية ككل لقاء وبنفس الإتقان.
- كنت أرسمك بين خطوط يدي
حين جاء شتاء الحزن
وسقطت أوراق الأشجار
لا يسمعك ويسمعني
غير البحر
والشجر العاري
والليل القاتم..
كأنها قرأت المقطع فوق علبة المكياج..لا تتعب ذاكرتها كي لا تتأخر على موعدها الهام. أو لعل المقطع الشعري ترآى لها عبر زجاج المرآة اللعينة التي تكرهها لأنها لا تعرف الخداع.
- سألتقيه يا لفرحتي المجهضة..!!
المكياج لا يُتعبها..لا يغزوها التعب التام إلا عندما تضطر لكي ترسُم له فوق شفاهها ابتسامة منتحرة وسكاكين دامية داخلها تمزقها بمخالبها في صمت.
- منال، ابنتي هيا بنا لقد تأخرنا.
تقطع أمها شريط أحزانها،وتُسرع لتتأبط لهفتها ويخرجان نحو سيارتها الحمراء. استعدت للموعد كما تفعل منذ عامين ونيف.بنفس طقوس اللقاء واللهفة والانهمار والوداع على أمل بقاء ولو لبرهة قصيرة.
عبر طريق شَجَنها مرت دقائق السفر كاحتراق بطيء.تأملت صورته المعلقة بالسيارة. تصر على وضعها في مواجهة النسيان. ابتسامته لازالت ندية برغم الصدأ.
- "ما يمنع العيون أن تُدمن حنينها؟"
"ما يرد الصدى عني
وصوتي ضائع في الغياب ؟"
ما لقلبي أيها الممتد في الأسر
حزنا واغترابا
يعشق أن يعانق الجرح فيك
ليستريح...
كأنها قرأت المقطع عبر زجاجة سيارتها.. تُوقفُ سيلان ذاكرتها كي تجمع قوتها الهشة للقاء.
والدتها تُصارع مُصابها،وهي تُغالب ارهاصات الذكرى والألم والانكسار لغياب طويل.
- منال؟ أين وصل تفكيرك أبنتي؟
- أنا؟ يا ماما،يا أحلى ماما.أنا أفكر فيك فقط أنت دنياي. وهي توهمها أنها تركز في طريقها وسياقتها.
- ...
تقرأ ملامح صمت أمها،وتغوص لعمق جرحها،وتفكيرها في فلذة ابنها جهاد الذي التهمه السجن منذ عامين بعد أن غرق بمستنقع العقارات بطنجة المدينة السر. قرأت ما تقوله أمها وهي تصيح لذاتها.
- سألقاك اليوم يا بني بفرح أمومة مشتاقة..
وتقرأ ما تقوله هي لنفسها..أنا الشاعرة سابقا.. لا أفكر إلا فيه يا أمي كما تفعلين أنت. قررت أن أعتزل الكتابة منذ عامين. بعد انغماسي بعالم روتين زيارات ماراطونية لأخي صامد عبر سجن بمدينة طنجة،وبعدها بسجن بمدينة سيدي قاسم ووأخيرا بسجن بمدينة العرائش..فدماغها رفقة شيطان شِعرها تقول لنفسها كاذبة لا يفكران إلا في أخيها خلف الأسوار في سجنه الرهيب.
تتبعه من سجن لآخر،من مدينة لأخرى.
عليها أن تُساند أمها في حزنها،وتبقى محافظة على نفس الثبات الذي رسمته في أول زيارة حتى لا يُحس أخوها بأي تغير. كأنه لا زال معهم خلف تلك الأسوار التي تكرهها.أو حتى تُوهم نفسها بأنه لم يتغير شيء.. مع أنها متأكدة بأن كل شي تغير. كل شيء...
تقرأ في لوحة الإعلانات التي تمر أمامها:
- ما أحببت الجدران يوما
وما أحببت الصمت الذائب في العظام
ما أحببت الخوف الرابض في الكلمات
ولا سماسرة الشجن
لا تساير ذاكرتها كي تتأكد أين تطالع المقطع.
قرب باب السجن تقف ممسكة بأمها. ينهشهما الحزن تِباعا وفي صمت صاخب. ينتظران –كالعادة- ومنذ عامين..موعد الزيارة.
تسجُن ابتسامتها كأنها في تمرين عضلي كي لا تفقدها لاحقا. تتفرس منال في الوجوه المنتظرة بنفس الطريقة،وهي تغوص داخل حيواتهم فوراء كل سجين قصة وقضية.ووراء كل قضية قلب محب جُرح.
أمهات صرعهن الابتعاد...البعد موت داخلي بين الأمل والقهر ببنوة مفقودة.
أبناء غلبهن اليتم المؤقت. اليتم بدون موت معلن يصيب بزخم الموت الغير المعلن.
أخوات وزوجات سلبهن الانتظار بهاء الغناء دون أن يترك لهن فسحة الصراخ.
تقِيسُ بمتر اشتياقها مسافة الباب والسور المجاور وهي تعتصر دقائق اللقاء من قبل أن تعتصرها.
- ماذا أملك يا أخي
حين يسكن الحنين قلب أمك
ويفزع المكان والصمت
حين تعاندها الريح
وتخنقها أنفاس الأرض
ويخذلها الدرب والنسيان
كأن المقطع كتب بباب السجن الأزرق.أو لا تذكر أين..لا يهمها أين..
تبتسم لأمها وهي تقتل كما العادة زمن الانتظار في ثرثرة متآمرة مع زائرة هدها الانتظار. كأنها تختفي المسكينة في هموم وقصص الأخريات لكي تتأكد أنها ليست وحدها..
- ماذا أملك
حين اراها تفتش بين خطوط العمر
وتتيه بعيونها الحزينة
تساءل الشفق الأزرق في أمواج الشمس
أما لهذا الانتظار من نهاية؟
أما تعبت كل نواميس الدهر
والحزن قد غدا
يسري في الشرايين مهانة؟
كأنها طالعت المقطع على جلباب أمها.ترمق لباس أمها لكنها لا ترى غير لون حزنها العنيد.
يقطعُ أزيز انفتاح الباب الصدئ صمت الانتظار ولهفة اللقاء. تتطاير العيون لما وراء الباب كأنها مع موعد تاريخي لكنه مؤقت بدخول قصير خاطف يهزأ بمن في الداخل كي يُوهمهم بمواجهة القيود والسجن. السجين عاشق للوهم ولحياكة خيالات وعوالم غرائبية كي يعيش.
- قاسية هذه الأسوار
كأني بها
قد عشقت مجيئي في الموعد
ووقوفي سنينا وسنينا.
كأني بها تفقد شكلها من دوني
كأني بها أدمنت دموعي
كحبات الضياء..
وهذا؟ أين طالعته؟ هجست لهوسها..
وجوه الحراس بالسجن باردة كقطعة ثلج بأوراق شجرة عملاقة. تراهم منال كأنهم سجناء بشكل ما. تسير وهي تجر في يديها شيخوخة أمها التي تتصاعد دقات أمومتها الفرحى بلقاء كيف ما اتفق.
- العَمش ولا العمى..
تمتمت الأم بصوت مسموع. وبلازمة تنفلت منها في نفس الطريق وفي نفس الزمن قبل اللقاء.كي تظهر قناعتها باللقاء مهما كان.
يصلان لمكان لقاء المساجين،فيجلسان قرب صامد الذي يحمل وجهه نفس الابتسامة. منال تفتح قلب أخيها الحزين والقاسي عبر ملامح سجينة تغرق بالندم والقيد.
- وعينيك.. مازلت كلما آتيك
تؤلمني هذه الدنيا وارتجف
عصفورة نتفت ريشتها للريح
وعينيك.. لم أنس يوما بأنا
قطعنا عهدا على الأخوة
أن نلتقي خلف ضباب السنين
ونزرع وجهينا
نخيلا..وصفصافة..وقصيدة شعر
قرأت بوجه أخيها أو تخيلت ما كتب بأهدابه. تحملق بامعان في ملامح صامد لكنها لا ترى غير الألم والقهر والندم.
تسكت لغة الأخوة وتدمع العيون برغم صراعات داخلية،فالأم لا تسعفها أمومتها الجريحة ولا حنانها الفياض على ابنها الحنون الذي يُغالب تعثر أقدامه منذ الصغر لكنه يحب أن يبدو صلبا.
مر اللقاء كلمح البصر أو أقصر. خرجا في صمت. تاركان إياه وهو ينفث سيجارة بطعم المرارة.
- كنت
وقد مر إلى صدرك المتهالك تبغ الصباح
تؤمن أن الوردة لا تخون عطرها..
أن الموجة لا تبيع شطها..
أن القلوب،مهما جفت،لا تتنكر لنبضها..
وأن الوجوه لا تغير جلدها..
قرأت منال على لوحة بحر بالسجن.. أو تخيلت.فالسجن لا يعبأ بالفن.
وهي خارجة من سجن مشاعرها،صارعت شهقتها كي لا يلمس أخاها حجم نزيفها به. دعت صراعاتها الداخلية تنهش صمتها دون أن تكفكف دمعاتها الطائشة. تراقص سيلهما بحرقة وبصمت ناطق.تشبثت أكثر بذراع الوالدة العزيزة التي غزتها جحافل الخيبة والحزن. إبنها الغالي هنا ولم تقوى على الخروج به لكي تستريح.
خرجا كما دخلا. أم وأخت تعودتا على هذه الطقوس اليومية القاتلة. القتل أنواع همس لها شيطان الشعر الذي تربص بها هذه المرة قرب الباب وهما يهمان بالخروج.راودتها قصيدة وهاجمتها بل وقدَّت قميصها من دُبر.
- ابتعدي رجاء لا وقت للشعر لدي وسط هذا العالم. دعني فالشعر بهجة،وأنا أنزف شجنا.
همست لنفسها بدون صوت كي لا يخرج صوتها نحيبا فترعب والدتها.
- هيا انزفي بي قصيدة للذكرى. تشجعي الشعراء لا يموتون.
تردد الصدى في أقصى زاوية بشريان قلبها الأخضر.
- قد شاخ في الصدر عمر السؤال
كيف صار وجهك المبتسم أسير زمن
وكيف صارت أخوتنا أسيرة زمن
لماذا اراك على البعد في سقوط المدى
واغتيال البلابل..
لماذا أراك على البعد وجه الوطن..
فتحت باب سيارتها وساعدت والدتها في الجلوس. بينما وقفت قرب الكرسي الأمامي وهي تتجاهل قصيدة عارية تراودها بعناد لفت نظرها لمذكرتها المرمية خلف الزجاج الخلفي. حملت قلما وبدأت تنهمر دمعا وشعرا،حتى خافت أن تكون قد أصيبت بمس. الشعر جنون قالت لها كراسي السيارة. لكنها دونت كل المقاطع التي كانت تظن أنها تخيلتها بقصيدتها.فعرفت أن المخاض كان نزيفها ساعتها.
كتبت هذه المرة بتأكيد على بياض احتراقها:
هلوسة حنين- مهداة لأخي صامد-
يوجعني أنك تعرف صمت الليالي
وتعرف كيف يكون الألم
يوجعني أن أراك
تجفف جرحك الطري بملامحك الطيبة
وتنحني للحزن تلملم تجاعيد خيباتك
في عيون الندم
رفعت عينها لصورة أخيها قربها فرأت نصاعة أسنانه وابتسامته المطمئنة..فكثيرا ما ترجاها كي تعود لبريق شعرها الذي تصارع بها بشاعة العالم.
شفشاون في 3 مارس 2017
سيد الخواتم ....................... بقلم : زيد رعد // العراق
الشيخ المُترف
الشيخ السمين
يتحدّث عن زهد علي
ويدعونا الى الإقتداء به
لننال الدرجة الرفيعة في عليين
اللهم آمين
ذكرى أبي لهب ............................. بقلم : جميلة بلطي عطوي / تونس
تلك القزحيّة الألوان حرموها عناق الضّوء، حوّلوها عرجون ليل مترهّل على كتف الوَجع ، سرقوا فرشاتها الأزليّة فانكفأت أناملها كسيرة . كلّما حاولت الانفلات مِنْ قبضة السّراب ضيّقوا عليها الخناق وحشروها في كهف الجهل والخديعة.
في ذلك الرّكن المظلم تفنّنوا في تقطيع مفاصلها ، وليمة نصبوها على موائد غجريّة مغرية الشّكل لكنّ الطّبخ توابله سمّ زؤام يدسّ الرّدّة في الطّعام.
كَمْ تألّمتْ وهي تُنهشُ بنواجذ حديديّة ، قضمات أحيتْ في نفسها ذكرى أبي لهب وامرأته "حمّالة الحطب" .نيران تلتهم مِنْ حولها الأخضر واليابس وهذا الزّمن الجسور لا تتوقّف عجلاته الطّاحنة بل تظلّ تلتهم نسلها ثمّ تدور ، تدور/ والسّائق المسطول يتغنّى بصوت كما ضرب النّواقيس تعلن تحطيم الجسور
" لكلّ شيء إذا ما تمّ نقصان ....فلا يُغرّ بطيب العيش إنسان"
صوت كعويل الرّيح بين المغاور يصفّر فتنتفض الرّموسُ وتتهاوى شواهد القبور. غير أنّ القطعان في الحظائر يشغلها التّناطح فتغفل عن الدّرس وتفسح المجال لجينات الجهل فتتناسل وتتكاثر ، خفافيش تحيك المكائد بليل ، تسقي بدم الأوردة الأعشاب الطّفيليّة وتدعو بالثّبور.
وهي المحاصرة كَمْ سجدتْ في ركنها المظلم ،كَمْ دعتْ أن يعتقها اللّه مِنَ الجوع والجائعين. بطون منتفخة حدّ التّخمة لكنّ الأفواه مفتوحة ، هاوية لا يقرّ لها قرار.
كَمْ حنّتْ إلى زمن الضّوء ، كَمّ تاقتْ عينها إلى شعاع الشّمس وهالة القمر،إلى عقول تحسن التّدبير وتفتح باب الفجر في وجه المصير، إلى غد يُعيد ألوانها وينصّبها على ناصية الأفق قزحيّة مُثلى ، درة كما كانت على جبين التّاريخ .
أمنية لا تطولها الأيادي الخبيثة ، بذرة تنتظر غيمة فرح تسقي أرضها الظّمآى لتمتدّ السّنابل مثقلة ، خصب يلغي السّنوات العجاف ويعيدها أرض النّخل والزّيتون ، محاريثها لا تني تقلّب الأحجار فتنفجر العيون.
تونس....20 / 7 / 2018
مات قلمي ................................ بقلم : محمد علي حسين أحمد القهوجي // العراق
كُسر رأس قلمي
ومات حبري
جعلوا بين صفحات
الأوراق قنابل
خنقوا حريتي
وبصقوا على الدفاتر
كان أملً قريبا
عنوان شعري
الأن كتبوا أسم أمل
فوق قبري
بين ضفائر مدينتي
عشق أزلي
احببتها قبل الجميع
وقبل أن أولد يتيما
الأن احبها
فهي ضلع
بين خصري
هي كل ما أملك
من حب
فيا حبيبتي
أنت قمر الدجى
نورك يلمع بين دمي
وماء نهري
ستبقين كحلاً
بين عيون النساء
إن ذرفت دموعها
فوق الخدود
زاد عشقي لها
وآنكشف سري
تسلل ........................ بقلم : وفاء غريب سيد أحمد / مصر
تسلل
في ربوع وحدتي
يراني ولا أراه
كما النمر في عتمتي
عبث في عقارب نزقي
تنقل بخطواتٍ ثابتة
بين حروف قصيدتي
من بين نتوءات مخملية
فقدت معه مُبتداي
تعقبني واقتحم
ضياء خلوتي
أنا القصيدة
أنبثقت على عرش جنوني
تجليت على استحياء
جعلني تائهة في زحمة الآه
فكانت ثورتي
أنا وفضولي ودمعة
تواربها فجوة برجع أغنية
جاء فيها العذاب
واختفت معها بسمتي
بنيت كوخاً علي ربوة الخيال
كان ملجئي
عندما تطاردني الأحلام
تلاحقني كسفينة على الماء
هناك غاب ظلي
ومع دوامة الوهم
نسجت الموت عشقا
في زوبعتي
رأيته يختال كالطاوس
ينقشني بسيف شغفي
بحذرٍ أخمدتُ نيران لهفتي
فهو بين السحاب قمرٌ
وأنا من سكان الأرض
ألتي فيها ولادتي
19/7/2019
في ربوع وحدتي
يراني ولا أراه
كما النمر في عتمتي
عبث في عقارب نزقي
تنقل بخطواتٍ ثابتة
بين حروف قصيدتي
من بين نتوءات مخملية
فقدت معه مُبتداي
تعقبني واقتحم
ضياء خلوتي
أنا القصيدة
أنبثقت على عرش جنوني
تجليت على استحياء
جعلني تائهة في زحمة الآه
فكانت ثورتي
أنا وفضولي ودمعة
تواربها فجوة برجع أغنية
جاء فيها العذاب
واختفت معها بسمتي
بنيت كوخاً علي ربوة الخيال
كان ملجئي
عندما تطاردني الأحلام
تلاحقني كسفينة على الماء
هناك غاب ظلي
ومع دوامة الوهم
نسجت الموت عشقا
في زوبعتي
رأيته يختال كالطاوس
ينقشني بسيف شغفي
بحذرٍ أخمدتُ نيران لهفتي
فهو بين السحاب قمرٌ
وأنا من سكان الأرض
ألتي فيها ولادتي
19/7/2019
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)