أبحث عن موضوع

السبت، 25 يونيو 2016

وظيفة شاغرة ( قصة قصيرة )................. بقلم : كاظم مجبل الخطيب // العراق





تعودت وهي تقوم بتصحيح الدفاتر الامتحانية لطالباتها ان تتناول الشاي ولمرات عديدة ظنا منها أن الشاي يجعلها اكثر تركيزا ويبعد عنها الصداع ولاتنسى دائما ان ترد على امها :
- شكرا ماما الله يحفظك ويطيل عمرك
- يا ابنتي الاعمار بيد الله وانا اخشى عليك بعد موتي من لك
- ماما انك تؤلمينني بذلك الكلام المعاد
- انت الان بلغت الاربعين ومازلت ترفضين من يتقدم لخطبتك
- بالله عليك ياامي وهل غيرك يعرف اسباب رفضي هذه

حاولت نوال تغيير مجرى الحديث فبادرت الى امها بطلب قدح شاي اخر وهي تقلب قنوات التلفاز المملة لعلها تجد شيئا جديدا حتى وقعت عيناها على اعلان بوظائف شاغرة واعلى الاعلان صورة لرجل واسفل صورته اسمه الكامل لم تصدق ماترى حتى حرارة الشاي الذي انسكب على ملابسها لم تشعر بها حاولت البنت ان تلملم بعضها فكأن رعدة اصابتها ولم تتذكر الا تفاصيل ايام كليتها معه عادت بها السنين لذلك الحب القديم الذي عاشت على ذكراه حين استمر بينهما حتى المرحلة النهائية وكم كانت تبني عليه احلامها وامنياتها بأن يتوج بزواجهما فكم تحاشوها باقي زملائها ولم يقتربوا منها فهي مشغولة بحب كبير وفي غمرة ذكرياتها المؤلمة راحت تسأل امها سؤالا ساذجا:
- امي اذا اصبح الرجل والمرأة كلاهما في الاربعين فأيهما يبدو عليه تعب السنين
- مابك يا ابنتي سؤالك غريب طبعا المرأة تبدو اكبر عمرا
-كيف ماما ؟ولماذا
-هذا شأن الخالق وحتى بايولوجيّاً فان هرمونات الرجل المسؤولة عن الرغبات والشهوة والخصوبة لا تتوقف قبل مماته هل هنالك شيء ما ؟
-لالاشيء اطمئنّي
ركنت نوال دفاتر طالباتها وكأنها تودعهم وصارت تجمع وثائقها المطلوبة حاولت ان تهئ لنفسها ملابس تناسب عمرها واحضرت لها حقيبة نسائية يكاد لونها يقترب من لون شالها الذي يغطي شعرها وقد بانت عليه بعض الشيبات هنا وهناك وانشغلت طويلا بتهيئة عطرها حتى لا حظتها امها مهتمّة به فقالت لها :
-كأني أراك تحقنين عطراً آخراً داخل القارورة ،هل نفد الذي فيها ؟
-لالا ماما ولكن مزج عطرين يعطي رائحة مميزة ،هل نسيت ماما ان ابنتك تخصصت بالكيمياء وتعرف اسرار الكثير منها .هل تظنّينني لا أميّز بين السموم والعطور ؟
في صباح اليوم التالي شقت طريقها بصعوبة الى مكتب الوزير ولما نودي عليها مرت على من يقوم بتفتيشها قال وهو ينظر في حقيبتها :
- نقود
- نقال بدون كاميرا
- مكياج
- قارورة عطر نسائي
- نعم....نعم استاذ
- تفضلي سيدتي اسف للتأخير
لم تصدق وكأنها في خيال بأنها ستراه بعد عشرين عاما من الشوق والانتظار وبمجرد فتحها للباب
بعد طرقتين سارعت الى اقفالها,..كان الوزير رجلا وسيما حقا يميل للبياض منه الى السمرة, وشعر رأسه لايبدو عليه الخضاب ومازال كثيفا يرميه الى الوراء.,,قال الوزير
- تفضلي ماما ماهي مؤهلاتك وقد راح يطيل النظر ويدقق في ملامحها متصنعا بعدم انشغاله بها وعدم معرفته لها .فأجابته:
- علوم كيمياء
- ولكننا نحتاج الى دماء جديدة من الشباب وانت كبيرة اليس كذلك متنكرا لابسط السلوك الانساني والاخلاقي وكان يمكنه التملص من اجابته بغير جرح كبريائها من جديد فالجحودوالخيانة سلوكان نابعان من النفس ومن الصعب جدا زوالهما مع تقادم الايام ان لم تتغير مفاهيم الاخلاق داخل النفس .
وقبل ان يكمل كلامه الجارح لها راح منشغلا بالرد على الهاتف مرة واخرى على نقاله المحمول اما نوال ولثواني معدودات ادخلت يدها في حقيبتها واخرجت قارورة العطر المعبّأة بالسيانيد وانقضّت عليه بقوة هائلة ووحشية لتدخل في جوفه سلا حها الفتاك وهويحاول متوسلاً في رمقه الاخير :
- لا..لا.نوا........
سأعوضكِ العمر كله....نوا.............ل
- اسكت لا تنطق بأسمي ايها النذل ما أرخصك تذهب ميّتاً الى جهنم ولكن ماأغلى قطرات دمي التي اسقطتها قبل عشرين عاماً حين خدعتني وانتهكت شرفي يا خائن العهد .
.................................................................


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق