تهاطلت الثلوج و غطت جبال قرية التوت ,الجو دافئ و لزم الناس بيوتهم. و راحوا يراقبون الشوارع الجميلة من النوافذ في هذه الأثناء و في منزل صغير على حدود القرية ولدت ياسمين ...يا الله كانت طفلة جميلة كالقمر ليلة تمامه , التف حولها الأهل يهنئون والديها و قد أشرقت الشمس لها و أرسلت أشعتها الصباحية تحييها غنى لها الطير و أنشد العصفور ... تبسمت الأزهار بأصنافها و ضحكت الأشجار و فتحت الطبيعة أحضانها لتتربى في حجرها الحنون .
فرح والداها لقدومها و قد رسما طريقا خياليا لحياة ياسمين فقالت الأم : سأرسل ابنتي الى البلدة عند جدتها فتتلقى أرقى الدروس و تصبح طبيبة تعينني على مصاعب الحياة إذا كبرتُ .
فقاطعها الأب قائلا : بل ستتربى ابنتي في منزلها حتى و إن كنا فقراء ... سأكرس حياتي من اجلها ... اختلفا اختلاف المهتم الملهوف لابنة كاللؤلؤة و أخيرا اهتديا الى أنه سيتم الفصل في حياة ياسمين عندما تكبر قليلا ...
عاشت ياسمين الجميلة و تربت في كنف أب طيب و أم حنون . كبرت و فتحت عينيها على أهل طيبين و جيران رائعين في القرية ... كانت كالزهرة إذا لعبت و الحمامة إذا غردت و هي تلعب مع أترابها من الأولاد و بنات حيهم . مرت الأيام و السنوات و أصبحت ياسمين في الخامسة من عمرها ,و ذات يوم مرضت جدتها القاطنة في البلدة المجاورة مرضا شديدا و أخذت والدة ياسمين تزورها مرة مع ياسمين و مرة مع زوجها و مرة لوحدها ...
في يوم ممطر و الشتاء يودع آخر لياليه و أيامه القاسية تلقت أم ياسمين خبر وفاة والدتها ...هرعت الأم و زوجها و تركت ياسمين في البيت و قد أوصتها أن تحافظ على نفسها و على البيت و أنها ستعود لها بعد ساعات قليلة ... أشارت ياسمين على أمها بالموافقة و قلبها يكاد ينفطر على جدتها التي تحبها قائلة : حسنا يا أمي سأنتظرك .
جلست ياسمين في البيت وحيدة تبكي جدتها الحبيبة ... في تلك الأثناء شعرت بالبرد فأشعلت الموقد لتتدفّأ ما هي إلا لحظات حتى اخذ النعاس مأخذه منها , نامت تاركة النار تتسارع اشتعالا .
كبرت النار و أخذت تلتهم الأخضر و اليابس من البيت و ياسمين تغط في نوم عميق و ما إن استفاقت و أبصرت نفسها وجبة لألسنة اللهب أخذت تصرخ و تصرخ و و تستغيث و لم لم يبق من البيت شيء... النجدة...النجدة ... أنا أموت ...
لم تقوَ الصغيرة على فعل شيء حتى لحفتها النار بالكامل و استسلمت الأميرة ياسمين لقضاء الله و القدر و أغمضت عينيها و ارتخى جسمها الصغير و هي تردد آخر كلماتها : أبي ... أمي أنا آسفة ...سامحاني
و أسلمت روحها لبارئها ماتت ياسمين و سقطت زهرة أخرى من زهور البستان التف سكان الحي و ازداد صراخهم لعلهم ينقذون شيئا من ذلك البيت الحزين إلا أن كل شي انتهى ...
وصلت الأم على موعدها و قد هالها ما رأت و لم تصدق ذلك و سقطت على الأرض و جن جنونها و لحقت بابنتها لعلها تلقاها في جنان الخلد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق