إلى أين ستهربين
ما هي وجهتكِ؟
أضاقت الدنيا بكِ
هل اكفهرَّتِ السماءُ لكِ؟
حسّادكِ أعداؤكِ حاصروكِ
ليلة نفوق طيور الحب
واحتراق أغصان الزيتون
في مناقير الحمائم
أنّيتِ، بكيتِ، صرختِ
و لا مِن مُجيب
نسوا عندما كنتِ ترضعينهم
مِن خيراتكِ
لمّا ضمرتْ أثداؤهم
نسوا فيض أنواركِ
عندما وصلتْ آخر الدنيا
تآمرَ عليكِ مَن شرِبَ مِن فُراتيكِ
تيتَّمتِ، ثُكلتِ، بكيتِ
ودخان المنايا يحيط بكِ
مِن كلِّ جانبٍ
ودماءُ الشهداء
تستصرخ الضمائر الحية معكِ
وتتوحّد لتهزّ نخلتكِ
عسى أن يتساقط منها رطب نجاتكِ...
الكلُّ ترككِ
ضمائرٌ مُخدَّرة مُغيّبة تتهاوى
وتأبى الصحوة...
يا سيدة العصور
وقمر الليالي
يا حكايات شهرزاد
وأساطير أنكيدو
يا عزّة آشور
وجنائن نبوخذ نصر
وقوّة حمورابي
التاريخُ أنتِ
وأنت كل التأريخ...
عندما حطّموا مسلّتكِ
ماتت شرائع الحق
في أحداق الوحوش
عندما أحاطتكِ غربانهم
بكتِ السماء دمًا عليكِ
عندما غافلكِ القدر
تخلى عنكِ أشقاؤكِ
ونسوا أو تناسَوا
بأنكِ لو كبَوتِ سيسقطون، هُم تِباعًا
يا صهوة الفضائل
حقدتْ عليكِ وديان الرذيلة
يا قلادةٌ في جيدِ العالم
يا لؤلؤة ترصّعين بها غرّة الزمن
يا وسادة يرتاحُ إليها الحالمون..
المتخاذلون ترَكوكِ
وحيدة في وحشة النهار
عندما عانقتْ أسمالهم الرثة
ظِلمة الليل
واختفت الشمسُ خُجلة
خلف ظلام الجحور
يا ابنة الرافدين
الغافية على شواطئ
الانتظار الطويل
أما حان الفجر لتلدي رجالًا
تمسك بقرص الشمس
وتضعه في كبد السماء؟
أما وصلتكِ دعوات
الأولياء والأئمة الصالحين؟
أما شفعتْ لكِ
صلوات القديسين والأتقياء؟
....
صبرًا صبرًا صبرًا
أيتها العنقاء
فوليدكِ قريبٌ
وصدى صوته
سيملأ الآفاق
وسيصحّح
مسار التأريخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق