8\12\2014
قصيدة النثر بتحررها من القيود وبمميزاتها الخاصة منحت الشاعر الحرية في التعبير وابتكار لغته الخاصة به من خلال ثقافته وبيئته وتوهجه وقدرته على التخيل الإبداعي .
ومنذ ان كتبت أول قصيدة نثر ونحن نتأمل ان تمر علينا قصيدة كالغيمة مترعة بالمطر تزخ علينا كلماتها بعذوبة وجمال وتحول قلوبنا الى ربيع تزهر فيه المعاني والأفكار... وتمنحنا جناحين من الخيال فنخفق بهما في فضاءات واسعة من الأحلام
فهناك شعراء عندما تقرأ لهم تعرف معنى الشعر الحقيقي وتحس به وبعذوبته تنساب في الكلمات وتألقه في توهج اللحظة بدون عسر
وشعر الشاعرة ضحى بو ترعة ينهض بين الخيال والحقيقة على إيقاع منغم يعتمد على الدهشة وما لم تتوقعه في العبارة التالية , فهي بعبارة واحده تنقلك الى عالمها المزدان بالدهشة والحلم
والشاعرة لا تخاطبنا من خلال الأنا والفردية وإنما من خلال القيمة الحقيقية والطبيعة للشعر ولذا هي تتفوق من حيث النظام الإيقاعي القصيدة وتمازجه مع الشكل والمعنى برشاقة وبعيد عن الترهل فكلماتها رغم أنها تطابق الواقع إلا ان المعاني والإيحاءات التي تحملها تصنع الخيال الذي يشتمل أطياف أخرى
فالشاعرة تمنحنا ما نحلم به من خيال لكن من خلال الواقع و مثل ما تريد هي وهذه نقطة الابداع التي تنطلق منها الشاعرة معتمدة على موهبة فذه ولغة صاغتها على مقياس هذه الموهبة
فأنت عندما تقرأ للشاعرة ضحى بوترعة تشعر انك تعوم في بحيرة من الأحلام قد تكون قاسية في بعض الأحيان لكن هي تدعوك لان تتأمل وتكون
فهي تكتب عن القيم الصادرة عن الذات الانسانية والتي جبلت فطرتها عليها كالجمال والحب والحرية و ألتوق الى الابداع والتجديد وعدم الركود , رغم ان هذه القيم المطلقة ممكن ان يتغير تعريفها بمرور الزمن وحسب المجتمع وثقافته العامة
وهذا ما سنلاحظه في قصيدتها صفقة مع الريح والتي هي عنوان لديوانها السادس والذي قدم له الشاعر سعدي يوسف
فأي صفقة ستعقد الشاعرة وأي ريح تعني وهي المتزينة بالسرد والنثر تكسوها الكلمات تستوحي الفكرة من خلال خيالها واضعه إياها في ذاكرة النص من خلال اقتناص اللحظة بتوهج ألإلهام فترصد كلماتها الأقنعة التي في المدينة فتكون القصيدة وليدة لحظتها وواقعها
صفقة مع الرّيح
لم أزل كما أنا أتزين بالسرد والنثر
لكن الغيب الذي هوى في جسدي
يتأرجح في ذاكرة النصوص
ويرصد الحبر/ مدينة الأقنعة
وعلى من يعقد صفقة مع الريح ان يهيئ أشرعته للإبحار في لجة الواقع او يهيئ له جناحين ليحلق بهما فوق هذا الواقع ليكتشف ما فيه رغم ان الحقيقة طافحة فوق لغة الكلام من خلال أبدعها الذي ينبثق كالريح تولد من الصمت ضياء فجرا هي تعرف الحقيقة التي تعبر إليك عبر الكلمات من يستطيع ان يمنع الريح او يوقفها , الكلمات التي تحولت الى ضياء تحمله الريح رغم الذي يلمع الزوايا بالهجران يخبئ الظلام في قلبه
الرّيح التي تتشعث بين أصابعي فجرا
الحقيقة الطافحة فوق الكلام
لم تكن سوى هذا العابر مني إليك
هذا الذي يقود الزوايا ثم يلمّعها بالهجران
هكذا تبدو حاملة مشعل الضياء في قلب الظلام فكلماتها الريح وهي سيدة الكلمات تسير باتجاه الشمس فيتبعها ظلها ربما هو الوحيد الذي تبعها تطارد الأفكار الغريبة التي تحاول أنت تنموا كالأشجار في ارض الحقيقة ناشره ظلالها وضلالها , فالشاعرة تكنس الغموض وترتب تفاصيل الجسد الذي هو الوطن من كل تناقض بغيض يحاول ان يدنس النقاء
هكذا أبدو ......
هكذا أمضي باللحظة المتخفّفة من التفاصيل
والفواصل
قد يسير ظلّي خلفي
وأطارد الشجر الغريب ..........أكنس الغموض
أرتب تفاصيل الجسد المنحني على نزوة تثير شهيّة النقيض للنقيض
ولأنها نقية كالوطن الذي تعرفه فهي لا تحسن إلا النقاء فلم تصف كراسي الملوك ولم تمدح الحكام ولا الطغاة
ولأنها الحقيقة والنقاء والخير والمطر سقطت سهوا في تقاطع غيمتين يتعبها البياض الذي هو جمال القلوب وقبلة العاشق لأنه يضع قلبه فيها و أغنية أخر الليل لأنها أغنية الغرباء
أتذكر أنّي لا أحسن حكمة تدفعني إلى أريكة يسكنها العشاق
أتذكر أنّي لا أحسن وصف كراسي الملوك المتحرّكة
أتذكّر أنّي سقطت سهوا في تقاطع غيمتين
يتعبني البياض .....تتعبني قبلة عاشق
وأغنية آخر اللّيل
وتعلن الشاعرة أنها ستكون كما هي الحقيقة ذاتها و الكلمات ذاتها والريح التي تحمل الكلمات تستشرق وطنا نقي يتنفس حريته من خلال الطيبة والتسامح و التآخي ذلك حلمها واستشراقاتها في صلواتها فكان لها ما ليس لها ورغم أنها تعلم ستعقد معل الريح صفقة خاسره لكنها تزرع الأمل في كل خطوة لعل الأيام تأتي بفجر جديد يشرق على وطن أخر
سأكون كما أنا
أستشرف وطنا آخر
يصحو في رئتي كلما حدقت بصيرتي
كان لي ذاك الخيال في صلوات الرؤيا
وكان لي ما ليس لي
والخارجون من ذاكرتي عند الظهيرة
لنعقد صفقة خاسرة مع الرّيح ونغيّر
أداب المائدة ......
التحليل
ان قدرة الشاعر على الآتيان بواقع جديد او إضافة شيء الى واقعه من خلال خياله الخصب وعطاء معاني جديدة لما هو مطلق هذا الذي يجعله يتميز عن غيره من الشعراء , إضافة الى ما يمتلكه من لغة وبلاغة في الأسلوب
فالشاعرة ضحى تستخدم القوه الكامنة في اللغة حيث استخدام الكلمات بنفس ما تحتويه من معاني معتادة لكن بأسلوب مدهش يدل على تمكنها من صنعة الأدب من خلال ترويض الكلمات لصالح القصيدة و الفكرة التي تحتويها
فالشاعرة تكتب بطريقة تأملية بواقع خيالي وهي ملهمة ذات خيال خصب ونشيط وهذا مهم لتطور القصيدة والرقي بها من بيئة واقعية الى خيال واقعي مرتبط ببيئته
النص
صفقة مع الرّيح
لم أزل كما أنا أتزين بالسرد والنثر
لكن الغيب الذي هوى في جسدي
يتأرجح في ذاكرة النصوص
ويرصد الحبر/ مدينة الأقنعة
°°°°°°°°
الرّيح التي تتشعث بين أصابعي فجرا
الحقيقة الطافحة فوق الكلام
لم تكن سوى هذا العابر مني إليك
هذا الذي يقود الزوايا ثم يلمّعها بالهجران
هكذا أبدو ......
هكذا أمضي باللحظة المتخفّفة من التفاصيل
والفواصل
قد يسير ظلّي خلفي
وأطارد الشجر الغريب ..........أكنس الغموض
أرتب تفاصيل الجسد المنحني على نزوة تثير شهيّة النقيض للنقيض
أتذكر أنّي لا أحسن حكمة تدفعني إلى أريكة يسكنها العشاق
أتذكر أنّي لا أحسن وصف كراسي الملوك المتحرّكة
أتذكّر أنّي سقطت سهوا في تقاطع غيمتين
يتعبني البياض .....تتعبني قبلة عاشق
وأغنية آخر اللّيل
سأكون كما أنا
أستشرف وطنا آخر
يصحو في رئتي كلما حدقت بصيرتي
كان لي ذاك الخيال في صلوات الرؤيا
وكان لي ما ليس لي
والخارجون من ذاكرتي عند الظهيرة
لنعقد صفقة خاسرة مع الرّيح ونغيّر
أداب المائدة ......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق