وجدت نفسي محظوظا بمطالعة هذا النص المميز للكاتب العراقي المبدع - مهدي سهم الربيعي - وكان يحمل عنوان - اشباح تجهض الزنابق - وجدته نص تدور احداثه على محور الوجدان الممتد من الرأس الى جميع محاور الذات وتموجات ذهنية على بعد المزاج وحالات نفسانية متموجة تسير على اتجاه واحد مترفعة الى الأعلى شأن كل الغصون وفي داخلها الجفاف والحرمان الذي لاقته من ذلك العطش الذي تعمدته الحياة لتلك الغصون التي كانت هدفا وغاية لتلك الفؤوس الصماء عن صراخ الشجر تلك التي تقطع الاخشاب عن جذورها عنوة وتتركها للجفاف والعطش تلك الاخشاب المقطوعة هي في المخادع التي تفتقر لصوت الحياة وتلك الاخشاب هي التي تحتجز الديوك في شرفات وهم عالية تمنعهم من الصراخ بآلامهم وتخنق بطولاتهم في حناجر البكم تلك الاخشاب تشابه الى حد كبير حال تلكم النسوة التي لا مكان لهن على ارض الواقع وعالمهن مساحته سطح دار وحبال يضعن عليها همومهن وينشرن شواهدها تلك الوسائد الفارغة من كل محتوى ولا تملك في هذه الحياة سوى هوية صورية بلا محتوى لأن ذلك المحتوى لا يعدو جدران المخدع وليس لهن سوى ابراز ذلك الوجه وتلميعه امام عيون الناس أولئك الذين ارتآهم الكاتب غيوم ترى عن بعد وهمها الوحيد الصور لا المضامين ولعل مقصده مافوق تلك النسوة من عادات وتقاليد لامفر من التواجد امامها بهذه الصورة المفترضة من عالم الغيوم البيضاء التي ليس من ورائها مطر في الشتاء ولا ظل يقي من حر صيف لكونها غيوم عقيمة في كل زمان ومكان ومن كل هدف. ومن ذلك المكان العالي في وجدانهن المحاصر بأركان سطوح العادات والتقاليد ينظرن الى تناقضات الحياة ولا يمتلكن قدرة القفز من فوقها حبيسات حكايات لا تتجاوز ذلك السطح البائس فالسطوح تحادث السطوح بعجائب التراب الذي اقصاهن للأعلى واحتكر الأرض .ومن تلك السطوح ومعاناتها وآلامها العالية ينقلنا كاتب النص الى جسد يبدو له كالعصا وان القيته من شاهق لا ينكسر واراد بذلك جسد منفصل عن الماء وقد جفت فيه الحياة لأنه منفصل عن التراب محمل بهموم لا تقل عن ألم السطوح وحسرتها على تلكم الارواح العاجزة عن القفز من همها وبلوغ التراب وكان الوسن بعيدا جدا عن تلكم العصا التي لاسبيل لها للأرتخاء وهي منخنقة بحبال جافة ارتسمت كالعروق لأن حبالها في داخلها على شاكلة عروق الجسد مع فارق ان عروق الجسد عروق حياة وعروق تلكم العصا قيود شلل فلاسبيل لتلك العصا سوى الصمت والسكوت والسبات فليس هناك مايثيرها ويحركها تلك العصا المركونة بغرفة تشيع بها الاحلام واجترار الأزمنة وتبدو محاطة بزجاج يخلو من اي مسامة فلاسبيل لهواء جديد سوى الذي كان فيها فما عاد لتلك الستائر من ربيع والبراعم قد ماتت وغطى الغبار تلك الأشجار ولم يعد هناك مجال للأخضرار هي تبدو كالوجه المنكمش الذي يبدو كأرض عطشى لغيث قبلة او همسة حب مطرية لأرض كثرت بها شقوق العطش في صيف يبدو بلا نهاية في حر لاهب مبهم الوجود ومبهم الهوية ينم ذلك البياض الذي وصفه كاتب النص عن عتمة تبعثره وتستوقفه على عتبات هو وحده من يستشعرها وتختفي عن الغير كما هي الاشباح التي تتحدث في غرفته بعيدا عن مسامع الآخرين تلك الاشباح تتشكل في الغرفة امنيات وهياكل تقتحم العتمة وتتخذ منها عالما تجول به يبدو كليلة ذهنية يلفها الأرق ويقيد رموش انجمها من الانطباق ليمنع الحلم فلا سبيل للحلم إلا البوح به فيبوح به المرء لنفسه ولا سبيل لسر التمني سوى التمني ومزيدا من تكرار الأمنية.كانت لوحة وجدانية في غاية الروعة استبسل كاتب النص بأنتقالات جريئة بين الالواح والى السطوح والى غرفة النوم والى مخدع الذهن وقد تمكن من استنطاق الليل واضاء بمشاعره من عتمة ليل السكون ووضع امنياته عاليا بين نجوم لاتكف عن اللمعان وان طال بها الليل . تمنياتي بالتوفيق لكاتب النص الشاعر المبدع /مهدي سهم الربيعي / :
اشباح تجهض الزنابق..
=====================
لم أجدْ في رأسي خيالا خِصبا يحلقُ بي الى مرتبةِ التفكير ..
وسطٓ نوباتِ الكآبةِ المصاحبةِ للضجرِ والجنون ..
كياني يذوي ..كغصنٍ حُرِمٓ من الري ..
تتناوله فؤوسُ الرجالِ ..لصنعِ لوحٍ في تابوتٍ ..
يفتشون الازقةٓ المفتوحةٓ ..بحثا عن اصواتٍ تسمعها المخادع ُ
بينما تقفُ على رؤوسِ الشرفاتِ ديوكٌ خرس ٌ
النساءُ اللواتي ينشرن على حبالِ تلصصِهن ..
اكياسٓ وسائدِهن تحت الغيومِ ..
ينظرن بخبثِ الكونِ ..ليتناقلن حكاياتٍ عجيبة ..
عصاي المعروقة تستنطقُ الوسنٓ ..
تبصمُ السباتٓ بوقعٍ هائجٍ ..
ضياءٌ يهدرُ بقطرةِ مطرٍ ..
مساحاتُ زجاجِ غرفةُ نومي ..
تستنشقُ الريح ٓ التي ولدته ..
فتجهضُ الستائرُ زنابِقها ..
تتعاقبُ على وجهي المنكمشِ جملةُ تعابيرٓ مبهمةٍ ..
حفرتْ فيه اخاديدٓ حزنٍ عميقةٍ ..
على احاديثِ عتباتِ النميمةِ ..
يتخثرُ بياضي ..كما جميعُ الرجالِ في ليلٍ قادمٍ ..
ثمةُ همهماتٍ شبحيةٍ ..تطبقُها الهياكلُ لحجرتي المعتمةِ ..
كباقي الليالي المؤرقةِ .اعاندُ النومٓ ..
احتفظُ بسرِ امنيتي المفضوحةِ ...
==================
رائد مهدي / رائد مهدي
تعليق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق