وجه أدبي ليس ككل الوجوه ، بل شاعر بصري معاصر لم يحالفه الحظ بأن يجعل الشهرة نصب العين وغاية المرام ، لكن القاريء يلتمس الوفاء والجدة والإبداع في ميدان شعره الفسيح فقد تزامنت في قصائده كل معاني الصدق والمعرفة بمضامين عرفانية مخبأة خلف لغة شعرة صامتة ، لم يتخذ الشعر وسيلة للتكسب وجمع المال الوفير سوى ما يسد رمقه ، لا يملك إلا ثمن القلم والأوراق ، غيّب في غياهب السجون في فترة ما ، وغاب عن مدينته ( قضاء المدينة ) عن الأنظار ، حطّت به أقدامه في مدن كثيرة كالموصل وبغداد إلا أنّ محطته الأخيرة هي موطنه قضاء المدينة ، فهي المولد لأنه من بيت عرف بالأصالة ، وهي النشأة فكان من بين مدارسها الملتزمة ، وهي المدينة الخالدة مدينة الأهل والأصدقاء والطبيعة بأجوائها ولا يزال صديقاً للمكتبة هكذا عرفته من قبل في محل متواضع لبيع الكتب القديمة وإلى الآن قارئاً وكاتباً وناقدا فأكثر أوقاته تتطارح مابين خير جليس في الزمان كتاب .
إنّه الشاعر البصري المعاصر سعد المظفر يلقب بـ( أبي جنة ) المتواضع في كلامه و ملبسه و مأكله يأنس الآخرون بحديثه فهو متنزه الثقافات من أين أدنيت دلوك ؟ فاستقسي منه يجمع في مخيلته ثقافة الأدب بشعره ونثره فهو كاتب وناقد وشاعر وصاحب نظرة تأملية فلسفية في الحياة والمجتمع انعكست على مضامين شعره فظنّ كثير منهم أنّ شعره يوصف بالغموض ، لأنّ من يقرأ شعره يجد ملامح الرمز والإشارة والتلويح فيظنها غموضاً لكنها على عكس من ذلك أنها أساليب استعملها للوصول إلى النضج الأدبي فالكلام المباشر يبخس الصورة الأدبية فيحعلها ركيكة لا تقترب من قصائد الإبداع والجدة والابتكار والتوليد بل يفقد الشعر حيوته فالشعر الواضح لطالما يكون عمره قصيراً ينضج في زمن ويموت في لحظة القراءة أما الشعر المجازي بلغته الشاعرة فيبقى أمداً طويلاً لأجيال متلاحقة مهما كان جنسه للشاعر دواوين متنوعة منها :
نشيج العراق
يا أيها الهلال الباحث عن نصفه الآخر
حوض السمك
وجهكِ في المرايا
نجم عذوف في ذكرى غير شرعيه
نجم عذوف سخرية الألم
زَغبُ الأمنيات
من رحم الحضارة
لماذا الدم
النص عري الذات
موت الورق
الجسد في النص الشعري
ثلاثة تجليات يا وطني
جسد القصيدة
ترتيلات قاسم والي
بقايا الأسئلة
وأيضاَ منشورة على مواقع الانترنيت و ومقالات نقدية منها:
انسكابات فاطمة الفلاحي
الشاعرة هند الرباط تذرف( دموع الذكريات (
تجربة الأنا الإبداعية عند جماعة تكوين السماوة تتكلم رملا
قراءه في ( يا حدود الغريب ) للشاعر أياد احمد هاشم
قراءة في قصة ( جروح ) قصيرة جداً للقاص أنمار رحمة الله
ولادة القصيدة
تحسين عباس في سلالة التيه
عامر موسى الشيخ تحت الصفيح الساخن
القصيدة والأنماط التعبيرية
وقد أسهم بجهوده مع نخبة من المثقفين الشباب في تأسيس نشرة ( الثقافة ) في القضاء ، له نتاج في مهرجانات الشعر التي تقام بين الحين والآخر.
فملامح الجنوب في قصيدته ( سوى الفجر ) واضحة جلية تنبهر القلوب قبل العيون فجمال طبيعة البيئة الجنوبية قد أضفى بلونه الطبيعي الزاهر بالرغم من المضامين المتنوعة فهي خبايا في مرآة انعكاس داخل القصيدة في قوله :
( أصوات الجنوب نداء القصب
وحزن النوارس محدبة الجناح
أليفة هي الأكواخ متقاربة كخيوط عباءة
هاديء هو الهور كأنه النعاس
تدخل إليه الأرض شفاه العطش
للنساء في الأكواخ رائحة البخور ومجامر ليل الشتاء )
فالصورة الشعرية عنده لا تكاد تخلو من سحر الطبيعة الذي يرسم ملامحها بكل دقة ووفق آليات التصوير الفني من مجاز وتشبيه واستعارة ففي قصيدته ( أمسية ) نجد الصورة والمعاني راجحة قائلاً :
( ارتمى النهر في الجنوب
نهر أم ألف عين تدمع
القصب الفتي خصلات امرأة ناعمة
على هتاف الريح يركض الماء في النهر
الريح تشد أنفاسها الساخنة
يركض الطير في الطين
يركض الليل في الوقت
تقفز الأسماك إلى السطح
نسرق من هوائنا
تسرق من سكوننا
تسرق من عيوننا
لن ارحل
أمضيت الليلة معها
قمر 000 ماء 000 قصب 000 سمكة )
فالقصيدة عنده مائية فمظاهر الطبيعة البصرية هي توصيف لقصيدة سعد المظفر تشكل مظهراً مترامي الأطراف بل قاصاً في شاعريته وفي ألوانه الطبيعية فمفردات البيئة عامة في منجزه الشعري متلاحمة تبعث في طياتها التماسك فمفردات ( الطين ، الجفاف ، الكوخ ، الرمل ، النهر، شجر خروع ) نجدهافي قصيدة ( جفاف النهر ) قائلا :
( لم يزل عمري يتسع للأمنيات
لم يبلغ الطين حد الجفاف
انا لست رماد كوخ قديم
نعم000 سيجف الطين يوما
تقلبه الأكف حفنة من تراب
ويلاقيه الرمل
يخالطه الوسخ
سوف يأتي 000 دون صوت
هكذا منذ آلاف القرون تظمأ الشفة حيرى
يجف النهر
وتلبس الروح الحداد
روحي شجر خروع
تمدّ ظلها 000 كخيط لا يرى )
وهكذا تسير قصائد سعد المظفر بتأملاته الفلسفية متخذاً من ألوان الطبيعة مفردات للرسم بالكلمات تنمّ عن لغة شعر جنوبية خاصة يمتاز بها الشاعر البصري أكثر من غيره عمقاً وامتثالاً للطبيعة الجنوبية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق