صدر للكاتبة الجزائرية سماح لغريب كتاب بعنوان ( جماليات السرد الحكائي في كتابات جاسم محمد صالح) ضم الكتاب سبع دراسات نقدية معمقة تناولت فيها المؤلفة قصص وحكايات وروايات ومسرحيات الأديب جاسم محمد صالح من وجهة نظر جمالية. وشرعت الكاتبة من خلال دراستها السردية لأعمال أديب الأطفال صالح، الذي أستخدم فيها شخوصا حيوانية للوعظ والإرشاد ترمز
في باطنها إلى شخصيات من المجتمع الإنساني، والهدف منه هو إيصال رسائل تحمل في مضمونها موعظة أو قيمة أخلاقية من أجل إصلاح بعض العيوب في السلوك، محافظا على صفاتها الأساسية كالوداعة في الحمامة والدهاء في الحية والبطش والقوة في الأسد والحسن والخيلاء في الديك والمكر في الذئب فيلعب الحيوان دور البطل غير أن البطل الحقيقي في الواقع هو الانسان، لطالما اشترك الحيوان وتقاسم مع الإنسان حياته، وربما هذا جعل الأديب جاسم محمد صالح يتبنى الحيوان لينوب عن الإنسان في مثل هذا الجنس الأدبي الذي يهدف فيه القاص إلى إبراز نماذج من علاقات الأفراد بعضهم ببعض داخل المجتمع الواحد ومايميزها من علاقات القوة والضعف كعلاقة الحاكم برعته.
موضحتا أن الاديب صالح غالبا مايراعي الجانب النفسي للطفل حيث استطاع أن يسهم إسهاما وافرا في إشباع حاجاته النفسية مثل حاجة الأمن ويشبعها من خلال انتصار الخير على الشر، في قصصه إذ يعم الحب والتاخي بين شخصية القصة، مما يزيد الشعور بالطمأنينة لدى الطفل.
وكذلك مبدأ التعاون، وكذلك الحاجة إلى الحب من خلال توطيد العلاقات بين شخوص القصة التى تجعله يشعر نحوها بالحب والتقدير ويتعاطف معها، واديبنا صالح من محبي الطبيعة المفعمة بالحيوية الجذابة بطبيعتها الربانية وهذا وارد في معظم كتاباته، استنطاقه للسحب والغيوم والشمس فقد ساهم في إدخال السرور والفرح في قلب الطفل، واطلق العنان لمخيلته فوضعه على بساط الريح يتجول به ويملأ قلبه بالأمل والمحبة، فابتعد عن الإغراق في البشاعة والقبح والظلام لما لها من ضرر بليغا على نفسية الطفل بما يشبه اليأس والتشاؤم والخوف، والحد من آماله الواسعة وأحلامه الوردية، فتجذب الأحداث المعقدة والمتداخلة والوصف المسيطر عليها والتحليلات النفسية الدقيقة فحقق التوازن النفسي للطفل، فلا تشاؤم قاتم ولاتفائل مفرط ساذج، فلم يتطرق لشخوص الاشباح التى تسبب العلل النفسية للطفل، ولم يتناول مسألة الموت التى تؤثر على الجانب العاطفي للطفل كفقد عزيز والحزن المسيطر على الجو العام للقصة أو المسرحية أو الرواية، وختمت الكاتبة قولها إن ادب الاطفال رسالة وأمانة. فالقصص تعلم فن الاصغاء والتركيز والتعرف والتمتع بلغة العربية والتى تشكل عمقا إنسانيا وتربويا وثقافيا وارثا حضاريا للطفل، وجزء من هويته وحضارته وبطاقة لدخوله عالم المعرفة والتميز فيه وقد حقق صالح الذروة ، فرسم للطفل عالما يسمو به ويرتفع، ويتعلم منه مختلف الخبرات الحياة التى تجعله مستعدا لموجهتها، فلم يكتف لاثراء رصيده اللغوي وإطلاق العنان بخياله بل بنى منه انسان متكاملا.
يحتوى الكتاب على
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق