فجأةً أحاطَ بي الخريفُ من كلّ ناحية، لم تصفرَّ أوراقي فحسب، بل
تطايرت هنا وهناك، عبثتِ النّسماتُ الجّافةُ بما تبقّى من شعيراتٍ
بيضاوات، أرهقَني الظّمأُ وصرتُ ألهثُ حول الينابيعِ الخاوية، أعياني
صخبُ الرّاحلين المتسابقين إلى حيثُ لا وجودَ لأمثالي، هدّني الفراغُ
المنتشرُ هنا وهناك إذ لا ابتسامةَ لصديق، ولا تغريدةَ لعصفور، ولا
مُواءَ لقطّ، أفزعَني سوادُ الّليلِ الطّويل، وعواءُ الذّئبِ المرعب، وصفيرُ
الرّيحِ الشّديدة، فتحتُ كتابيَ أبحثُ عن وردتكِ الجّورية، وجدتُها تروي
بدمها كلماتيَ التي لكِ كتبت، أسعدَني أنّها لم تمت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق