ان العقل عند الانسان هو المسؤول عن تحصيل المعارف المختلفة وترسيخ الخبرات...ولا تتحصل المعرفة الا عن طريق الحواس ، اي ان العقل لا يمكن لوحده ان يتحصل معارفه ما لم يكن هناك حسآ أوليآ ينبه ثم ينقل هذا التنبيه الى العقل ليمسي معرفة اولية خام...تترسخ المعارف بالتدريج وبمرور الوقت تمسي ( خبرات ) وهكذا تتطور المعرفة بصورتها الاولية ، يستقر العقل على معارفه وعلومه استقرارآ منسجمآ مع واقع الحال ، وأولية المعرفة التي يمتلكها الانسان والمسيرة لسلوكه تعتبر من ثوابت التفاعل ، ولا يتغير السلوك او الفعل الا بتغير يزحزح المعرفة الاولية الممثلة لمنطلقات الانسان الحياتية ، ومن هذا المنظور نرى في حياة السكان المهجورين في أقاليم نائية ضمن ثوابت الاستقرار المعرفي الذي لا يبغي أكثر من تلبية الحاجات الاساسية وتوفير الامان والحماية ، هذا النوع من المعرفة المستقرة لا يحدث اي تغيير في طريقة ممارسة الحياة وهذا ما أسميه ب ( الجمود المعرفي ) الذي يبقي الانسان ضمن ثوابت محددة ، نلحظ هذا الجمود المعرفي في المراحل التأريخية التي مرت بها البشرية عبر تأريخها الزمني ، حيث المرحلة البدوية في تأريخنا العربي لها استقرارها وجمودها المعرفي على ثوابت محددة ، ثم المرحلة الاسلامية واستقرارها على ثوابت محددة ولا تزال هذه الثوابت قائمة ليومنا هذا...وكذلك مراحل مختلفة مرت بها أنماط بشرية على مستوى الشعوب والامم.
ان كل انطلاقة معرفية تطورية قادمة تنبثق من ( قاعدة مقاومة المعرفة الاولية ) فالجديد ينبثق من القديم ، والتطور المعرفي هو خلاصة التفاعل المثمر بين الانسان ومحيطه وبذا تكون المعرفة قابلة للتوالد المستمر وهو ما أسميه ( المعرفة الديناميكية ) وهي استمرار للموروث الثقافي بصيغته التطورية من ( الكم ) الى ( النوع ) وبذلك يمسي هذا الموروث المعرفي الضخم قاعدة اشعاع حضاري في أرقى ما يتوصل اليه الانسان من معارف وعلوم.
.
.
-----------------------------
بقلم : عامر العيساوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق