أعددتُ ما يلزم الفجر من ساعات
كي يغيّر مواعيده
لأحرق الفراغات
ففي حنايا الشّهقة الحرّى،
تيبّستْ ضحكة
وصارت حجرْ.
لم أعد أفهم ما يحدث عند آذان الفجر
فحين ابتسمتُ
اعوجّ فكّي..
وزاغ منّي الأصدقاء
ولفّني وجوم طاحن
هو الضّجر.
فآعبر
يا أيّها الفجر
وخذ سرعتك
سأطلق النّار على الحدود
وأزوّر الأمداء
ثمّ
على أنف أبي الهول،أحطّ
وأسكر هذا المساء.
حرّ أنا اللّيلة
وجسدي ملكي
أضرم في حناياه نارا تلظّى
وأنثره في فجاج الرّيح
هباء. .
فما عدت مسؤولا عن الوطن
وحنظلة ما عاد يرمقني.
مات حنظلة والعفاف
وانشقّ قلبي
فطار عصفور
وغرّب نحو القمر.
قلت: عرّج على الخليل
وابلغه عنّي: قُصّ الجناح
والدّمع في العين بات حجر.
وآحمل للفتى الباكي سلامي.
احملني بأسري
وضعني في مقلاعه
كرة ناريّة
أو حجر...
أحبّ الحجر
وأدوخ
حين تحمل الأنواء روائح الطّين الزّكيّ
وتغزلها الرّياح أثوابا
للعراة
وعطرا لأشبال البلاد
رماة الحجر...
لكنّني أستحي حين يغوص الحرّ في الظّلّ
ولا ظلّ أملكه..
يا فتى نابلس عفوا
حرب صفّين عادت
ورضي القوم بالتّحكيم
وذرّ الرّماد...
خشب/عرب البلاد
فاشحذ يديك
وعوّل عليك
واحفظ مواثيق الحجر.
يا فتانا الكبير
بقع الدّم على زنديك
تشكّلت إرثا لك
ووزرا علينا
فمن يخلّصنا من دعارتنا؟
صاحت سنونوّة:
- آمن من أمسك مقلاعا
- آمن من ردّ الصّاع صاعا
وبنى عشّا بين أفانين الشّجر.
زغردت السّنونوّة ثمّ طارت
وحطّت على كفّ الفتى الباكي
فصارت حجر.
حجر يزمجر
هاتكا أعتى القلاع
زاده وهج الشّهيد اعتدادا
فراح ينزو على قرارات الوفود
و يقتلع الأرض من تحت السّكارى
السّادرين في السّمر.
حجر يزنّر رأس الفتى الباكي
على صدري
فأسحب سيفي الذّي
في الغمد مات
وأسأل: لماذا يبكي الجنوبي؟
هل مات الحجر؟
قال:حاشا، ولكن
من خمسين من السّنوات
توحّمتْ فلسطين على غراب آفك
لكنّها أجهضت قبل المخاض بأيّام
وكان المحمول ذكر.
وحين ناحت سنونوّة الجنوب ألجموها
وأقسم القاضي على المصادفة
مذكّرا بالقضاء
وبالقدر.
يا الفتى الباكي على شيء يدوّخني
سُدّت حناجر العباد
والماء المهين في أصلابنا
صار عكر
فمتى ينجلي هذا الخور.
إنّي تآكلت
وعساكر الوقت يطوّقها الفساد..
خشب عرب البلاد
والسّوس ينخره
فما ثار
وما هدأ
بل صار للنّواسخ في كتب النّحو خبر.
حجر يوصوص
أوفى من السّموأل
ينفّذ رغبة الطّفل الحليم
بلا ضجر.
وينهال على فعلنا العربيّ
يتعتعه
يغتال السّين
فتنهض سوف تؤجّله
وتقوم لن
فتنفيه
وتبقى البلاد على قنطرة الحرف
هدر.
قدري يا العجيب..
سأمضي الآن
وفي القلب شيء من وطني..
القبلة ضاعت
والحبيبة ذبحت
والنّخل بات أعجازا
وضنّت الأرض بالزّرع
والرّيح تأتي بلا مطر.
لكنّني هناك بعيدا
سأشتاق للصّباحات المريرة
فأحبّ البلاد
رغم القذارات
لأنّ البلاد إذا ما استقامت
بأطفالها تحتفي
وتهتف سرّا: عاش الحجر.
وتهتف جهرا: عاش البشر.
*
*
9 أفريل 1997
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق