أبحث عن موضوع

الأربعاء، 19 مايو 2021

الحاسّة السادِسة، أو الحَدس / مقال .............. بقلم / مينا راضي

 الحاسّة السادِسة، أو الحَدس، ذلك الشُعورُ غيرُ المُفَسَّرِ الذي يَعتَرينا فَجأةً. البَعضُ يُنكِرونَ وجودَ الحاسّةِ السادِسة و يُلقونَها في حاوياتِ التُرَّهاتِ و الأكاذيب، و البَعضُ الآخَرُ لا يُدرِكُها أصلًا. قد تَفوتُنا تلك الأحاسيسُ بسببِ انهِماكِنا المُطلَقِ في أحاسيسٍ أخرى مُفتَعَلةٍ أو مُصطَنَعة، قد تَتَقَهقَرُ وَطأةُ ذلك الحَدسِ في ظِلِّ عَواصِفِ الأحداثِ و قَرعِ الأصواتِ الأخرى من حولِنا. هناكَ مُصطَلَحٌ في علمِ النَفسِ يُسَمّى بالصوتِ الداخِلي، و هو المَفهومُ العِلميُّ لحَدسِ الإنسان. صوتٌ يَستيقِظُ في أعماقِنا عندَما يُداهِمُنا الخَطَر، عندما نَدخلُ منَ البابِ الخَطأ، سواءٌ أكانَ بابَ عَلاقةٍ جديدةٍ أو وَظيفةٍ جَديدةٍ أو مَسكَنٍ جديد. عندَما نوشِكُ على اتِّخاذِ قَرارٍ جَديد يَظهَرُ لنا ذلك الحَدسُ ليَردَعَ اندِفاعَنا، ليَحُثَّنا على التَرَيُّثِ أو أحيانًا التَراجُع، فذلكَ الصوتُ الخافِتُ في نواةِ ذاتِنا هوَ نَفحةٌ منَ المُستَقبَل يُرسِلُها اللهُ إلينا. و قد تَعَدَّدَت وَسائِلُ التَعبيرِ لدى هذا الصوتِ الداخلي، فأحيانًا يأتينا على هيئةِ ألَمٍ طَفيفٍ في المَعِدةِ يسلِبُنا شُعورَ الارتياح، و أحيانًا أخرى يَمتَدُّ في القَشعَريرةِ التي تَغزو أجسادَنا، و قد يتَلَخَّصُ في ضيقٍ في الصَدر، كلُّ تلك أماراتٌ لا يَجِبُ أن نَغفَلَ عنها، فهي بمَثابةِ تَكَهُّنٍ مُبَكِّرٍ بما سيأتي. الحَقيقةُ المَريرةُ هي أنَّ الغالِبيّة اليومَ لا تُفلِحُ في الاستِماعِ إلى صوتِها الداخِلي، لا تستَطيعُ الإنصاتِ لهُ بإمعانٍ وسطَ الضَجيجِ الذي يَعُمُّ الحياة. قد يتَحَلَّقُ الأهلُ و الأصدِقاءُ حولَنا و الحَماسُ يأخُذُ منهم كل مأخَذ، قد يُحاوِلونَ بكلِّ ما أوتوا من القوةِ و سُبُلِ الإقناعِ أن يدفَعونا صوبَ اتِّخاذِ القَرار، قد يُبارِكُ الجَميعُ لنا على خِطبةٍ وَشيكةٍ أو زَواج، قد يُهَنِّئنوننا و يُبدونَ سَعادَتَهُم الغامِرةَ بشأنِ وَظيفَتِنا الجديدة، لكن من المُهِمِّ أن نعرِفَ أنَّنا فقط من سيَتَحَمَّلُ عَواقِبَ القَرار، الآخَرينَ سيَتَواجَدونَ لفَترةٍ زَمَنيّةٍ مُحَدَّدة، سيُرافِقوَننا مُؤقَّتًا، و من ثم سوفَ تُغلَقُ الأبواب و سنُترَكُ نحنُ مع نَتائِجِ خَياراتِنا. أصواتُ الآخَرينَ و الغَوغاءُ المُنبَعِثةُ من آرائِهم و نَصائِحِهم تُعيقُنا عن الاستِماعِ إلى أصواتِنا الداخِلية، فلا أحَدَ سيَسمَعُ صوتَ البَحرِ وسطَ ضَجيجِ السَياراتِ و الشاحِنات. أحيانًا يَجِبُ أن نُسكِتَ الأصواتَ الأخرى التي تَرِنُّ في عُقولِنا ليَعلو صوتُنا الداخِلي، هكذا نَتَجَنَّبُ القَرراتِ الخاطِئةَ و العَواقِبَ الوَخيمة. 

هل سَبَقَ و اتَّخّذتَ قَرارًا خاطِئًا بسببِ عدمِ الاستِماعِ لصوتِكَ الداخِلي؟ أخبِرني قِصَّتَك...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق