...
قُلْتُ لِلنَّفَرِيِّ
وَقَدْ ضَاقَتْ حُرُوفِي
وَمَا ضَاقَ صَدْرِي
حَرْفُكُ يَا سَيِّدِي
خِزَانةُ سِرِّي
فَتَّحْتُهَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ
وَهَا أَنَا بَيْنَ النُّطْقِ وَالصَّمْتِ
فَهَلْ أنَا بَرْزَخٌ فِيهِ قَبْري؟
أَمَا مِنْ آيَةٍ
تَقُدُّ الْيَقِينَ مِنِّي
أَوْ تَفُكُّ عُقْدَةَ أَمْرِي؟
قَالَ لِي
حِينَ أَبْكَاهُ بِبَابِ النُّطْقِ صَمْتُ حَرْفِي
اِضْرِبْ فِي أَعْمَاقِكَ
وَكَسِّرْ مِرْآتكَ
كَيْ تَرَى الْوَاحِدَ جَمْعاً
بِعَدِّ الحُرُوفِ يَا اِبْنِي
وَاحْمِلْ فَوْقَ أَكْتَافِكَ نَعْشَكَ وَنَعْشِي
تَرَانِي فِي دَهْشَةِ التَّجَلِّي
فَمِنْ آياتِكُ
أَنْ تَدْخُلَ بَارِداً عَيْنَ الشَّمْسِ
لِيَدْفُقَ مِنْ قَلْبِكَ لِلنَّاسِ الْجَمْرُ مَاءَ شَوْقٍ
وَتَمْشِي
مُحْتَرِقَ الْأَصَابِعِ
مَرْفُوعَ الرَّأْسِ
وَمِنْ آيَاتِكَ
أَنْ تَصْنَعَ مِنْ أَنْفَاسِ الزّهْرِ
وِرِيشِ الطَّيْرِ قَصْراً
يَسْكُنهُ النَّحْلُ وَالنَّمْلُ
وَمَنْ مَجَّتْهُ أََمْوَاجُ الدَّهْرِ
وَعَرَّتْهُ أَنَّاتُ الطَّقْسِ
قُلْتُ يَا سَيِّدِي
كَسَّرْتُ فِي الْعِشْقِ مِرْآتِي
وَصَارَ الصَّمتُ جَهْراً
وَالجَوْهَرُ صَارَ شََكْلاً
فَفِي أيِّ حَرْفٍ أُدْرِكُ ذَاتِي؟
قَالَ
قِفْ أَمَامَ الْألَِفْ
قِفْ وَلَا تَرْتَجِفْ
كُلُّ الْحُرُوفِ مَائِلةٌ عَنْكَ إِلَى الظِّلِّ
وَالْوَاقِفُ تَحْتَ الشَّمْسِ
ذَاكَ النَّحِيفُ كَالْعُودِ الرَّطِيبِ
(يَمُوتُ جِسْمُ الْواقِفِ وَلَا يَمُوتُ قَلْبُهُ)
سَيِّدُ الْحَرْفِ الْأَلِفْ
لَا يُدْرَكُ بِالسَّهْلِ دَرْبُهُ..
لَا تَثِق بالْحَاءِ والنُّونِ.. وَالْيَاءِ
تِلْكَ مَنَاجِلُ الْغِوَايَةِ تَهْذِي بِأَسْنَانِ الهَمْسِ
تَحْصُدُ فِيكَ الْمُخْتَلِفْ
فَكُنْ ثَابِتاً وَلَا تَصْحُ مِنَ الْعِشْقِ
فَالصَّحْوُ فِي الْعِشْقِ أَوَّلُ السُّكْرِ
قُلْتُ يَا سَيِّدِي
فَتَحْتُ عَلَى الْكَوْنِ عَيْنِي
وَرَأَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ يَلْتَهِبْ
فَهَلْ أَرَى مَنْ أحْبَبْتُ؟
وَهَلْ أَحْتَرِقُ
وَأَنَا مِنْهُ أَقْتَرِبْ؟
قَالَ وَمَالَ عَنِّي
اَلمَعْرِِفَةُ نَارُ كُلِّ الْحُبّ
فَهَلْ أَدْرَكَ إِدْرُاكُكَ قَوْلِي
لَنْ تَرَنِي
إِنْ رَأَيْتَ غَيْرِي
فَانْظُرْ مَحبُوبَكَ بِالْقَلْبِ لَا بِالْعَيْنِ
وَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ سِوَاكَ
وَغُضَّ الطَّرْفَ عَنِّي.
القنيطرة 26 شتنبر2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق